أبطال أوروبا سبيل إنتر لاستعادة توازنه عبر بوابة برشلونة

يستضيف ملعب مونتجويك اليوم الأربعاء مباراة برشلونة ضد إنتر ميلان في مواجهة من العيار الثقيل في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، بعد 15 عاما من آخر مواجهة بينهما. وفاز إنتر في تلك المواجهة التاريخية عام 2010، لكن برشلونة يتطلع الآن للثأر من خصمه الإيطالي.
برشلونة (إسبانيا) - تتجه أنظار عشاق الساحر المستديرة حول العالم إلى قمة نارية تجمع برشلونة بنظيره إنتر ميلان ضمن ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، وتأتي تلك المباراة وسط ترقب جماهير واسع خاصة أنها تجمع بين فريقين من أكبر الأندية الأوروبية ذات التاريخ الكبير في البطولة.
وواجه برشلونة في السنوات الأخيرة صعوبات كبيرة، ولا يحتاج مشجعوهم إلى التذكير بأن ريال مدريد توج بدوري الأبطال خمس مرات منذ آخر لقب لبرشلونة في موسم 2014-2015. ولكن تحت قيادة المدرب الألماني هانزي فليك، في موسمه الأول، بلغ برشلونة قبل نهائي دوري الأبطال لأول مرة منذ موسم 2018-2019 مع مجموعة شابة مثيرة تدعمها خبرة المهاجم البولندي المخضرم روبرت ليفاندوفسكي (36 عاما) والجناح البرازيلي رافينيا (28 عاما).
عبور برشلونة للدور قبل النهائي على حساب بوروسيا دورتموند كان هادئا نسبيا، لكن فليك يدرك تماما صعوبة المهمة المقبلة أمام إنتر ميلان في قبل النهائي، حيث قال بعد مباراة الحسم ضد دورتموند “ما حققه الفريق في الأسابيع الأخيرة أمر مذهل. لقد قطعنا خطوة أخرى للأمام، لكننا ما زلنا بعيدين عن النهاية.”
ويتفوق برشلونة في تاريخ المواجهات المباشرة مع إنتر ميلان في دوري الأبطال، حيث التقيا 12 مرة، فاز برشلونة في 6 مباريات وتعادل في 4 وخسر مرتين فقط. ومع ذلك، يستطيع إنتر أن يستمد الثقة من انتصاره في المواجهة الأهم بينهما، حين قاد جوزيه مورينيو إنتر للفوز على برشلونة بمجموع 3-2 في قبل نهائي موسم 2009-2010، قبل أن يتوجوا باللقب الأوروبي بالفوز على بايرن ميونخ في النهائي.
جيل إنتر الحالي تحت قيادة سيموني إنزاغي يمتلك شيئا من صلابة نسخة مورينيو، فرغم أنهم لا يتمتعون بغزارة تهديفية (19 هدفا فقط حتى الآن في البطولة مقارنة بـ37 هدفا لبرشلونة)، صنعت صلابتهم الدفاعية الفارق، حيث استقبلوا 5 أهداف فقط طوال مشوارهم القاري هذا الموسم.
كشف إنزاغي “الهزائم الثلاث مؤلمة، ونحن لسنا معتادين على هذا، يتعين علينا أن نراجع أنفسنا ونحاول استعادة طاقتنا البدنية والذهنية.” ومع ذلك، كان هناك قاسم مشترك بين هذه المباريات الثلاث يتمثل في غياب ماركوس تورام. وأحرز تورام، الذي غاب عن الملاعب بسبب إصابة في فخذه الأيسر، 17 هدفا وقدم 9 تمريرات حاسمة في جميع المسابقات مع إنتر هذا الموسم.
وفي ظل غياب المهاجم الفرنسي، بدا الأرجنتيني لاوتارو مارتينيز منهكا وهو يحاول قيادة هجوم إنتر، ولم يكن النمساوي ماركو أرناوتوفيتش، بديل تورام، فعالا. وبعد عودته للتدريبات مرة أخرى، ربما يتواجد تورام في القائمة الأساسية لإنتر أمام برشلونة. وشدد إنزاغي “سوف نذهب إلى برشلونة وسنلعب أمامهم باحترام وليس بخوف.”
ويملك إنتر سلاحا ناريا مميزا يتمثل في المهاجم الأرجنتيني لاوتارو مارتينيز، الذي يعيش حالة تهديفية مذهلة قاريا، بتسجيله في آخر خمس مباريات متتالية في دوري الأبطال، كما أصبح أول لاعب يسجل أكثر من 20 هدفا لإنتر في تاريخ مشاركات النادي بالبطولة الأوروبية الكبرى.
في المقابل بلغ برشلونة نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الأخيرة قبل عقد من الزمن، بقيادة نجمه الملهم ليونيل ميسي، أما الآن فهو يعول على جناحه الموهوب الصاعد بسرعة صاروخية لامين جمال، في مواجهة إنتر الإيطالي الأربعاء في ذهاب نصف النهائي. في ذروة تألقه، سجل ميسي هدفين رائعين في نصف نهائي المسابقة القارية عام 2015 في مرمى بايرن ميونيخ الألماني في طريق الفريق الكتالوني إلى تحقيق ثلاثية رائعة، وفي الوقت الذي لا يزال جمال يصقل موهبته، فإنه يملك مفتاح نجاح فريقه هذا الموسم.
يشغل الشاب الأعسر الجبهة الأمامية اليمنى من الملعب، تماما كما فعل ميسي قبله لسنوات عدة، وذلك يمنح برشلونة الأفضلية على الفريق الإيطالي الذي يشهد تراجعا في الآونة الأخيرة، بدليل خسارته آخر ثلاث مباريات في مختلف المسابقات.
أظهر جمال ذلك جليا خلال نهائي كأس إسبانيا في مواجهة الغريم التقليدي ريال مدريد السبت، عندما صنع هدفين من أصل ثلاث لفريقه. وسجل جمال 14 هدفا هذا الموسم في مختلف المسابقات ولعب 24 تمريرة حاسمة، بالإضافة إلى قيامه بحركات فنية رائعة ومراوغات لا تحصى.
من الصعب أن تسير في شوارع برشلونة ولا ترى قميص جمال الرقم 19 يرتديه العديد من أنصار الفريق، والأمر سيان خلال أيام مباريات الفريق الكتالوني. وإذا قُدّر لبرشلونة الظفر بدوري الأبطال، فان جمال سيكون بلا شك مرشحا قويا لإحراز الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم.
لم يكن من السهل تخيل هذا الأمر عندما منحه مدرب وأسطورة برشلونة السابق تشافي فرصته، لخوض باكورة مبارياته الرسمية ضد ريال بيتيس في أبريل عام 2023 في الدوري المحلي. كان الأمر صعبا بالنسبة إلى جمال في مباراته الأولى، لا سيما بأنه كان يخوض باكورة مبارياته أمام جمهور غفير في مدرجات ملعب كامب نو، لكنه سرعان ما أثبت علو كعبه ليفرض نفسه أحد أبرز نجوم الفريق الحالي.
علق قائد برشلونة وقطب الدفاع الأوروغوياني رونالدو أراوخو على القوة الذهنية للاعبي أكاديمية لا ماسيا بقوله “أنا متفاجئ بقوة ذهنية (اللاعبين الشبان)، شبان لاماسيا يتمتعون بهدوء كبير، لقد فوجئت فعلا.”
وأقر جمال بأن والدته كانت قلقة أكثر منه في بداياته “والدتي كانت متخوفة بشأني عندما بدأت لكنها ساندتني بقوة.” وفيما كان ينتظر علاماته في الامتحانات الثانوية، فرض جمال نفسه نجما لكأس أوروبا صيف 2024 في ألمانيا وساهم بشكل كبير في إحراز منتخب إسبانيا اللقب القاري فاحتفل بطريقة مزدوجة، لأنه بلغ السابعة عشرة من عمره قبل النهائي بيوم واحد.