الصين تطلق أول جهاز تحفيز دماغي قابل للارتداء

بكين ـ تم الكشف عن أول جهاز تحفيز دماغي مغناطيسي متكرر عبر الجمجمة (rTMS) في العالم من قبل باحثين صينيين. وهذا الجهاز الجديد يعمل بالبطارية وقابل للارتداء، مما يشكل نقلة نوعية في مجال علاج الدماغ.
وتزن أجهزة التحفيز المغناطيسي المتكرر التقليدية أكثر من 50 كيلوغرامًا، وتتطلب طاقة كبيرة، ويجب تركيبها في منشآت طبية متخصصة، مما يجعل من الصعب إجراء العلاج بشكل منتظم. أما الجهاز الجديد القابل للارتداء، فيزن فقط 3 كيلوغرامات، وهو وزن مماثل لجهاز الكمبيوتر المحمول، كما يقلل استهلاكه للطاقة بنسبة 10 في المئة مقارنة بالأنظمة التقليدية، وفقًا لما ذكرته “إنترستينغ إنجينيرينغ”.
وقد تم تطوير هذا الجهاز المحمول، الذي طوره معهد الأتمتة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، باستخدام نظام ملف مغناطيسي خفيف الوزن وتقنية الدفع النبضي عالي الجهد. ونتيجة لذلك، يمكن للمرضى الخضوع للتحفيز المغناطيسي أثناء المشي أو أداء الأنشطة اليومية، مما يحررهم من البيئة السريرية التقليدية.
ويستخدم جهاز التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة ملفًا لتوليد نبضات مغناطيسية، تحفز مناطق محددة في الدماغ. وتؤدي هذه النبضات إلى توليد تيارات كهربائية في الخلايا العصبية، ما قد يساعد في تنظيم المزاج.
المرضى يمكنهم الخضوع للتحفيز المغناطيسي أثناء المشي أو أداء الأنشطة اليومية، ما يحررهم من البيئة السريرية التقليدية
وقد تم استخدام التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة تاريخيًا لعلاج الاكتئاب، وهو يشير إلى نتائج واعدة أيضًا في علاج اضطرابات مثل الوسواس القهري والقلق، واضطراب ما بعد الصدمة، وبعض الاضطرابات الحركية. كما أن التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة يعد إجراء غير جراحي.
وتتميز النسخة الصينية الجديدة التي تعمل بالبطارية بتصميم مدمج يشبه حجم الكتاب السميك. والجهاز مغطى بالبلاستيك الأبيض العاجي، ويحتوي على شاشة صغيرة ومجموعة من الأضواء المضيئة للإشارة. ويبرز مقبض أزرق داكن على الجانب للتحكم في شدة التحفيز أو إعدادات التشغيل الأخرى، ويربط كابل أسود الوحدة الرئيسية بزوج من الوسادات الدائرية التي توضع على الرأس، وتقوم بإرسال النبضات المغناطيسية إلى المناطق المستهدفة في الدماغ.
وأظهر الجهاز الجديد القابل للارتداء تغيرات في النشاط العصبي خلال التجارب الأولية التي أُجريت أثناء المشي. ولاحظ الباحثون أن حركة الساق ساهمت في تغييرات النشاط الدماغي المرتبط بالذراع، مما يشير إلى أن المشي في الحياة الواقعية قد يكون له تأثير إيجابي على نتائج العلاج.
ووفقًا لما ذكره تسى زيوي في مقالته البحثية التي نُشرت في مجلة “ناتشر كومينيكيشن”، فإن النتائج تمهد الطريق لاستخدام جهاز التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة في المنزل أو أثناء التنقل، مما يتيح راحة أكبر للمرضى الذين كانوا يضطرون سابقًا للذهاب إلى العيادات المتخصصة.
وعلى الرغم من أن هذا الجهاز لا يعد واجهة دماغ – آلة بالمعنى التقليدي (أي لا يسمح للدماغ بالتحكم المباشر في الجهاز)، إلا أنه يسهل التفاعل بين الجهاز والدماغ عبر التحفيز المغناطيسي المستهدف.
ويعد هذا النظام الرائد في التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة الذي يعمل بالبطارية نقلة نوعية في كيفية تلقي المرضى للعلاج من الاضطرابات العصبية والنفسية. فمن خلال إزالة الأجهزة الثقيلة وتقليل استهلاك الطاقة، يمكن لهذا التطور تقليل التكلفة الإجمالية وجعل الجلسات العلاجية المتكررة أكثر قابلية للتنفيذ.
ففي المستقبل، من الممكن دمج هذا الجهاز المحمول مع أنظمة متقدمة لمراقبة إشارات الدماغ في الوقت الفعلي، مما يفتح الباب أمام بروتوكولات علاجية أكثر تكيفًا وشخصية. كما أن إمكانية خدمة المناطق النائية التي تفتقر إلى المرافق الطبية تجعل من جهاز التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة الجديد والقابل للارتداء خطوة هامة نحو توفير رعاية صحية ونفسية أوسع وأكثر شمولاً.