في سيناريو الإقليم العراقي الشيعي.. النفط مقابل الماء

تجارب الفشل في الحكم منذ أكثر من عشرين عاما بعد سقوط نظام صدام حسين لم تنتج القدوة الحسنة أو تجربة ناجحة في النظام السياسي الذي انتقل من فشل إلى فشل أكبر.
الثلاثاء 2025/03/25
إقليم شيعي تبتلعه إيران في أي لحظة

ليس غريبا أن ترتفع الأصوات الطائفية عاليا للمناداة بأقلمة الطائفة والمذهب، خصوصا بعد النتائج المفجعة التي تعرضت لها العملية السياسية في تجربة الأحزاب الشيعية التي تمثل “حكم الأكثرية” في العراق.

ليس من باب الصدفة أن تصدح أصوات بدأت تتعالى بضرورة إنشاء إقليم شيعي يحفظ للمكون ما تبقى له من أطلال، بعد أن شاهدوا سيناريوهات تدمير حزب الله وماكينته العسكرية، ومقتل أمينه العام، وانهيار نظام بشار الأسد. الحوثيون كذلك سينالهم ذلك النصيب، فالقرار قد اتُخذ ولا مجال للتراجع.

تفسر الأحزاب الشيعية أن ما يجري في المنطقة هو تصفية حسابات بعناوين طائفية، وأن تجربة الحكم الشيعي باتت لا تنفع في ظل وضع إقليمي جديد. الإقليم الشيعي، الذي بات ينادي به قادة في الإطار التنسيقي، هو الملاذ الأخير وربما الآمن لما سيحدث في المستقبل من متغيرات قد تقلب موازين القوى.

◄ الإقليم الشيعي هو حل يُراد إيصاله إلى مسامع الإدارة الأميركية بإنشاء دولة شيعية بعنوان الإقليم، وهو ما تسعى إليه إيران لتوفر لها سوقا اقتصادية رائجة

تجارب الفشل في الحكم لهؤلاء، منذ أكثر من عشرين عاما بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، لم تنتج القدوة الحسنة أو تجربة ناجحة في النظام السياسي، الذي كان ينتقل من فشل إلى فشل أكبر.

كان يمكن لتجارب الأحزاب الشيعية أن يُكتب لها النجاح لو توفر لديها القليل من الإرادة السياسية، لكن أغلبها أصبح عناوين للسلب والنهب والفساد.

الذين كانوا يرفضون الإقليم السني باعتباره مؤامرة تستهدف وحدة العراق، أصبحوا اليوم ينادون بالإقليم الشيعي، الذي يضم تسع محافظات من الوسط والجنوب.

لعبة الإقليم السني والشيعي أصبحت مثل كرة المنضدة، تتقاذفها أيادي اللاعبين أو الداعين إلى فكرة الأقاليم. فبينما ينادي رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ومؤيدوه من بعض ساسة الشيعة بضرورة إنشاء الإقليم الشيعي، يرد عليه رئيس البرلمان “السني” محمود المشهداني بأن الشيعة سيكونون أكبر الخاسرين من خيار الأقلمة، مع إمكانية قطع مياه نهري دجلة والفرات عن الإقليم الشيعي فيما إذا انفرد الجنوبيون بالنفط.

هذا الرد اعتُبر من أقسى الردود من زعيم سني، بعد تصاعد الحديث في الأوساط الشيعية عن سيناريوهات الفدرلة والذهاب إلى خيار الاستقلال.

هل يكون النفط مقابل الماء بين الإقليم السني والشيعي مستقبلا؟ ذلك ما جناه العراق بعد عام 2003 من تفتيت وتمزيق النسيج المجتمعي للعراقيين.

◄ الإقليم الشيعي، الذي بات ينادي به قادة في الإطار التنسيقي، هو الملاذ الأخير وربما الآمن لما سيحدث في المستقبل من متغيرات قد تقلب موازين القوى

الأحزاب الشيعية تعيش أزمة ثقة فيما بينها، إضافة إلى عزلتها الكبيرة عن جمهورها الشيعي، الذي انتفض عليها في أحداث ثورة تشرين عام 2019. هذه الحقيقة الدامغة تؤكد أن ذلك الجمهور غير راض عن قادته وزعاماته، الذين تورط أغلبهم بالفساد ونهب المال العام.

ينسى المطالبون بالإقليم الشيعي أن تلك المساحة الجغرافية للإقليم ستكون لقمة سائغة تحت تصرف إيران، التي قد تبتلعها في أي لحظة. وذلك بالتأكيد لن يرضي ذلك الجمهور المنتفض في تشرين، وسيكون أول الرافضين لذلك المشروع.

الإقليم الشيعي هو حل يُراد إيصاله إلى مسامع الإدارة الأميركية بإنشاء دولة شيعية بعنوان الإقليم، وهو ما تسعى إليه إيران لتوفر لها سوقا اقتصادية رائجة من خلال الاستحواذ على نفط المحافظات الجنوبية.

هذا هو أضعف الإيمان عند طهران، بعد أن تقطع عنها واشنطن تمويل بغداد. إنشاء الإقليم الشيعي بعنوانه الطائفي يُراد منه دفع فاتورة الاقتصاد الإيراني المنهار على حساب نفط وموارد محافظات الجنوب العراقي.

هذا هو ملخص حكاية الإقليم الشيعي.

9