"أفريقيا الذكية" تعلن عن تحالف للحاق بركب الذكاء الاصطناعي

غياب قواعد بيانات تابعة للقارة يهدد الأمن السيبراني للدول الأفريقية.
الجمعة 2025/02/21
60 في المئة من الأفارقة يعيشون قبل عصر الإنترنت

معلنة عن تقوية البنية الرقمية، تحاول الدول الأفريقية اللحاق بركب استعمالات الذكاء الاصطناعي. وفي هذا الإطار، يعتزم تحالف "أفريقيا الذكية"، الذي يضم 40 دولة، إطلاق مجلس للذكاء الاصطناعي في القارة السمراء خلال الأسابيع المقبلة. تأتي هذه الخطوة في سياق تنافس دولي محموم حول امتلاك أدوات وآليات الذكاء الاصطناعي.

الرباط- من خلال تقوية البنية الرقمية ومبادرات التعاون بين دول القارة، تحاول الدول الأفريقية اللحاق بالركب السريع لاستعمالات الذكاء الاصطناعي، ولا تزال بحاجة لعمل كبير لتحقيق ذلك.

وفي هذا الإطار، يعتزم تحالف “أفريقيا الذكية” وهي منظمة حكومية أفريقية تضم 40 دولة، إطلاق مجلس للذكاء الاصطناعي في القارة السمراء خلال الأسابيع المقبلة بالعاصمة الرواندية كيغالي.

تأتي هذه الخطوة التي أُعلن عنها على هامش “المنتدى الإفريقي للأمن السيبراني” في العاصمة المغربية الرباط، ما بين 3-5 فبراير الجاري، في سياق تنافس دولي حول امتلاك أدوات وآليات الذكاء الاصطناعي.

وتحاول القارة اللحاق بالركب السريع للذكاء الاصطناعي، خاصة أن “60 في المئة من سكانها لا يمكنهم الولوج بعد إلى شبكة الإنترنت التي لا تتوفر سوى على أقل من 2 في المئة من البيانات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي،” وفق وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.

يوسف مزوز، رئيس اللجنة العلمية للذكاء الاصطناعي الأخلاقي والعادل في أفريقيا (غير حكومية) يرى أن هذا المجلس يأتي في إطار إنشاء منظمات إقليمية ودولية من أجل حوكمة استعمالات الذكاء الاصطناعي.

وأضاف في حديث للأناضول أن “مجموعة من الدول الأفريقية مستهلكة وغير منتجة لتقنيات وتطبيقات التكنولوجية الحديثة، بما فيها الذكاء الاصطناعي بالنظر إلى ضعف البنية الرقمية، وغياب ثقافة استعمال التكنولوجية.”

وبالتالي هناك عمل كبير ينتظر القارة للحاق بالركب الدولي السريع، وفق مزوز.

من جانبه قال مدير الإستراتيجية والنمو في تحالف أفريقيا الذكية (سمارت أفريكا)، ديدي نكوريكيمفورا خلال أشغال “المنتدى الأفريقي للأمن السيبراني” إن الإعلان عن مجلس للذكاء الاصطناعي في أفريقيا سيكون بمؤتمر عالمي حول الذكاء الاصطناعي سينعقد في كيغالي خلال الأسابيع المقبلة.

وأضاف أن هذا المجلس سيمثل خطوة حاسمة في تنسيق الجهود الأفريقية في هذا المجال، مع التركيز على التكوين كأولوية قصوى لضمان تطوير أنظمة وخدمات تتماشى مع احتياجات القارة.

وأعلنت 7 دول أفريقية برواندا عن إطلاق تحالف أفريقيا الذكية عام 2013، بهدف تسريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وفي يناير 2014، أقر رؤساء دول وحكومات في الاتحاد الأفريقي “بيان أفريقيا الذكية” ليشمل 40 دولة.

وقالت الوزيرة المغربية المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل السغروشني، إن مبادرة إطلاق مجلس للذكاء الاصطناعي في أفريقيا، التي تجمع بين بلدان ناطقة بالفرنسية وأخرى بالإنجليزية ترتكز على خمسة محاور أساسية.

وأضافت في كلمة خلال المنتدى الأفريقي للأمن السيبراني إن المحاور تشمل الكفاءات، والتحول الرقمي، والبنية التحتية، والبيانات، والسوق من أجل استهداف مشاريع كبرى.

وفي تعليقه على المبادرة، أشاد مزوز بها لكونها تدخل في إطار آليات تقنين استعمال الذكاء الاصطناعي، واعتبر أن المجلس يأتي في إطار إنشاء منظمات إقليمية ودولية من أجل حكامة استعمال الذكاء الاصطناعي.

وفي يونيو الماضي أطلق المغرب والولايات المتحدة “مجموعة الأصدقاء بشأن الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية المستدامة” خلال لقاء في نيويورك جمع مندوب الرباط الدائم لدى الأمم المتحدة عمر هلال، ونظيرته الأميركية ليندا توماس غرينفيلد.

وتهدف المجموعة إلى “مناقشة الأهداف المشتركة والإسهامات الممكنة والفرص الواعدة التي يوفرها مجال الذكاء الاصطناعي وأثره على التنمية المستدامة بكافة أبعادها.”

وأضاف مزوز أنه “رغم إيجابيات استعمالات الذكاء الاصطناعي، إلا أن له العديد من المخاطر، حيث يتم استعماله بشكل كبير في القرصنة الرقمية.”

وأشار إلى أن الأمور الخطرة لهذا الذكاء دفعت إلى تقنين استعمالاته من خلال أخلاقيات عمله، من طرف العديد من المنظمات، مثل الأمم المتحدة التي اعتمدت ميثاق تقنين الذكاء الاصطناعي، والاتحاد الأوروبي أيضا الذي وضع آلية داخل الاتحاد لتقنين استعمالاته.

وفي ديسمبر 2023 توصلت مفوضية الاتحاد الأوروبي والبرلمان والدول الأعضاء، إلى اتفاق بشأن أول “قانون للذكاء الاصطناعي” في العالم.

وبموجب القانون الذي أقره الاتحاد الأوروبي سيتم تنظيم الذكاء الاصطناعي وفق نهج قائم على احتمالات مخاطر الإضرار بالمجتمع.

وأوضح الباحث المغربي أن تداعيات هذا الذكاء خطيرة إذا لم يتم تقنينه، حيث يمكن إنتاج الروبوتات من مستقلين يتخذون قرارات مستقلة مما يهدد البشرية.

ورغم أن للذكاء الاصطناعي فوائد كبيرة، إلا أنه بحسب مختصين، يمكن أن تكون له آثار سلبية، ولذلك ظهرت ما تُسمى بـ”منظومة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.”

واعتبر الباحث المغربي أن مجموعة من الدول الأفريقية مستهلكة لتقنيات التكنولوجية الحديثة، بما فيها الذكاء الاصطناعي، وغير منتجة لها.

وتابع: “هناك تفاوت بين دول القارة في مجال الذكاء الاصطناعي، ما بين بلدان قطعت أشواطا بهذا المجال، وأخرى لا تزال متأخرة في الاستعمالات المتعددة للذكاء الاصطناعي بالنظر إلى غياب أو ضعف البنية الرقمية، وثقافة استعمال التكنولوجية.”

وانتقد غياب السيادة الرقمية بالدول الأفريقية التي لا تتوفر على قاعدة بيانات أو منصات رقمية لوضع البيانات الأفريقية الضخمة، تكون خاضعة أو تابعة للدول القارة.

ومضى قائلا: “جميع دول القارة تضع بياناتها لدى كبار الشركات التكنولوجية الغربية، مثل غوغل وأمازون، وبالتالي تبقى هناك تبعية للمعطيات.”

وأشار إلى ضعف البنية الرقمية لدى هذه الدول، من إنترنت وكوارد مؤهلة والبحث العلمي.

وبحسب تقرير جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي لسنة 2024، الصادر عن جامعة أكسفورد البريطانية، فإن دول أفريقية قليلة حصلت على درجات أعلى من 40 في المئة، مما يبين تأخر البنية التحتية، ونقص المهارات، والفجوات الرقمية.

وبين التقرير التأخر الحاصل في أفريقيا مقارنة بقارات أخرى، حيث تصدرت موريشيوس دول القارة متبوعة بمصر، وجنوب أفريقيا ثم تونس، ورواندا والمغرب والسنغال.

ولفت التقرير إلى نقص الاستثمار والبنية الأساسية مثل الكهرباء أو الاتصال بالإنترنت عريض النطاق.

الباحث المغربي أكد ضرورة تسريع وتيرة التعاون والشراكة بين الدول الأفريقية، وأبرز ضرورة تكاثف الجهود بينها من أجل دعم الابتكار والمشاركة بين الدول المتقدمة، والدول الأخرى التي تعرف تأخرا بهذا المجال من أجل تبادل التجارب والخبرات.

◄ 60 في المئة من سكان  القارة السمراء لا يمكنهم الولوج حتى هذا اليوم  إلى شبكة الإنترنت
60 في المئة من سكان  القارة السمراء لا يمكنهم الولوج حتى هذا اليوم  إلى شبكة الإنترنت

وفي أكتوبر الماضي، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة إن التعاون الدولي الفعال في مجال الذكاء الاصطناعي سيجعل منه أداة في خدمة السلام والأمن العالميين.

تصريحات الوزير جاءت خلال ترؤسه بشكل مشترك مع المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فرناندو أرياس، افتتاح المؤتمر العالمي الأول حول “الذكاء الاصطناعي ودوره في تطبيق اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية”، بالرباط.

وأكد “أهمية التعاون الدولي، مع التركيز على الشراكات بين الدول، من أجل تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي في البلدان النامية.”

وفي يوليو 2024، قالت الوزيرة السغروشني في نيويورك، إن “من شأن الذكاء الاصطناعي أن يساهم بـ1500 مليار دولار في الاقتصاد الأفريقي، أي 6 في المئة من الناتج الداخلي الخام للقارة.”

12