متى نصحو على مشروع عربي موحد

يتواصل الحديث هذه الأيام حول وجود مشروع أميركي جديد في الشرق الأوسط يتضمن تهجير سكان غزّة عن موطنهم، وتحويل تلك الأرض إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” بعد الاستيلاء عليها حسب رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
يبدو أن أميركا لا تفرق بين الغزّيين وتلك المحميات الخاصة التي صنعتها لإيواء الهنود الحمر للاستيلاء على أراضيهم بعد أن سحقهم مستوطنون ومهاجرون أوروبيون اغتصبوا أرضهم وأقاموا عليها ما يسمى الولايات المتحدة الأميركية.
غرور رجل الكاوبوي وحيرته بالمكان الذي سيقيم فيه محميته لهؤلاء الفلسطينيين، توزع بين مصر والأردن. ويدور همس بين العراقيين أن بلدهم ربما يُشمل بمحمية من محميات ترامب في صحرائه الغربية، خصوصا أن هذا السيناريو كان مُعدا قبل سنوات، على رأي محمود المشهداني رئيس البرلمان الحالي وبعض مشايخ المنطقة الغربية، بوجود مخطط لتوطين أكثر من نصف مليون فلسطيني مقابل الإقليم السُني، وهو بالمناسبة فكرة “لشرق أوسط جديد” ابتدعها الإسرائيلي شيمون بيريز خلال إطلاق مسار مفاوضات أوسلو 1993 حول إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين في دول مجاورة. لكن، خيال نتنياهو الجامح وغطرسة ترامب ذهبا إلى الأبعد عندما راح الكلام يتخبّط حول إقامة دولة فلسطينية على أراضي المملكة العربية السعودية.
◄ سنجد في المستقبل كلاما من ترامب، أو سواه، بترحيل مواطني هذه الدولة العربية أو تلك، وحجته في ذلك الواقع العربي المأزوم بعد أن أصبح مؤكدا لديه أن العرب ظاهرة صوتية منعدمة القيمة
في خطوة بالاتجاه الصحيح ترسم صورة التضامن العربي، أعرب العراق عن طريق وزارة خارجيته عن إدانته الشديدة للتصريحات الإسرائيلية الاستفزازية تجاه السعودية، مؤكدا تضامنه الكامل في حفظ وأمن سلامة أراضي المملكة.
الموقف “الحكومي” العراقي جاء متناغما مع الشارع العراقي الذي يرفض الهيمنة والغطرسة الإسرائيلية على أي أرض أو بلد عربي مع وجود ثلة من الشامتين الذين لا يجيدون سوى شتم بعضهم البعض وإرجاع كل فشلهم وخيباتهم وانهزامهم إلى الآخر المتآمر عليهم الذي يهدد وجودهم!
كم هو الوضع الذي نمر به من المحيط إلى الخليج كارثي، وما عاد السكوت مقبولا، كم كانت عبارة الوطن العربي تسحرنا عندما كنا صغارا، لكنها اليوم أصبحت ضمن كوابيسنا بعد أن أضحت السيناريوهات المُعدّة في الخارج تقرر مصيرنا.
مشاريع متعددة وبألوان مختلفة تريد أن تصبغ بلادنا العربية بألوان أميركية، إسرائيلية، روسية، إيرانية، تركية وحتى صينية وأوروبية، لكن المفارقة في ظل كل تلك المشاريع لم نجد مشروعا عربيا يناهض تلك المشاريع، لذلك ليس من العجب والغرابة أن نلوم تلك الدول الباحثة عن مصالحها لأنها استثمرت في التشتت والفراغ العربي.
لا يزال العرب يتصارعون في مذاهبهم على قضية عمرها أكثر من 1400 عام، مَن أحق بالخلافة الإسلامية؟ وهل الملائكة ذكور أم إناث؟
يقول الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في كتابه حياتي “إن القاعدة العامة في السياسة، إنك إذا وجدت نفسك في حفرة، فإن أول ما تفعله هو أن تتوقف عن الحفر.”
واستنادا إلى هذه الفكرة على العرب أن يتوقفوا عن شتم بعضهم وتخوين الآخرين والتخلص من عُقدهم والابتعاد عن حال من قالوا “هذا ما وجدنا عليه آباءنا” وأن يبحثوا عن السبيل الذي ينقذهم من كارثتهم بعد أن يتوقفوا عن الحفر.
◄ همس يدور بين العراقيين أن بلدهم ربما يشمل بمحمية من محميات ترامب في صحرائه الغربية وأن هذا السيناريو كان معدا قبل سنوات على رأي محمود المشهداني رئيس البرلمان الحالي
على العرب أن يتفقوا على تجمع يجمع شتاتهم ويوحد كلمتهم، ولكن ليس على غرار الجامعة العربية التي تحولت إلى مؤسسة خاوية على عروشها. وصدق الرئيس المصري الأسبق أنور السادات حين اقترح أن يتحول مبناها في القاهرة إلى فندق، بعد أن لم تجد من وظيفتها سوى الإدانة بأشد العبارات والتفكير ببديل على غرار مشروع عربي إستراتيجي شبيه بالاتحاد الأوروبي أو غيره من التجمعات التي تفرض رأيها.
سنجد في المستقبل كلاما من ترامب، أو سواه، بترحيل مواطني هذه الدولة العربية أو تلك، وحجته في ذلك الواقع العربي المأزوم بعد أن أصبح مؤكدا لديه أن العرب ظاهرة صوتية منعدمة القيمة. لم يتجرأ ترامب أو نتنياهو على اقتراح ترحيل الفلسطينيين عن موطنهم لولا أنهما استقرآ الضعف والهوان في وجوههم.
بعد الأردن ومصر تجرأ نتنياهو على السعودية ولن يتوقف بغطرسته ما لم يجد من يصفعه الصفعة التي تُعيد له صوابه إن كانت من السماء أو الأرض.
وقبلها سأضع السؤال التالي أمام أنظار الرئيس ترامب وهو لماذا يتم طرد المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة وفي ذات الوقت ينادي رئيسها بتوطين الفلسطينيين الأصليين خارج أراضيهم؟ سؤال نتمنى من السيد ترامب الإجابة عليه.