جيل "الألفية" الأكثر تضررا من فقدان الوظائف

الذكاء الاصطناعي يتقدم بخطى ثابتة في سوق العمل.
الأحد 2025/02/02
رحلة البحث عن شغل

يبدو أن الذكاء الاصطناعي سيغير بشكل كبير طبيعة العمل في المستقبل، مع تأثيرات متفاوتة على الأجيال المختلفة، ففي حين قد يتمكن جيل "زد" من التكيف بفضل مهاراتهم التكنولوجية، يبقى جيل الألفية الأكثر عرضة للخطر بسبب طبيعة وظائفهم والتحولات السريعة في الصناعات التي يعملون بها.

لندن - من المتوقع أن يُحدث الذكاء الاصطناعي تغييرات جوهرية في أسواق العمل على مستوى العالم في السنوات المقبلة، إذ أصبح هذا المجال أحد العوامل الرئيسية التي تُعيد تشكيل سوق العمل في مختلف القطاعات والصناعات. وعلى الرغم من أن الجميع يتحدث عن الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك مخاوف متزايدة بشأن تأثيره على الوظائف التقليدية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأجيال المختلفة.

وأظهرت دراسة حديثة وجود اختلافات واضحة بين الأجيال من حيث تعرضهم للتحديات الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، وأكدت أن أبناء جيل معين هم الأكثر عرضة للخطر. فما هو هذا الجيل؟ ومع تطور تقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، أصبح بإمكان الآلات تنفيذ مهام كانت في السابق محجوزة للبشر. فعلى سبيل المثال، في مجالات مثل الرعاية الصحية، والتسويق الرقمي، والتمويل، أصبحت الأنظمة الذكية قادرة على تحليل كميات ضخمة من البيانات واتخاذ قرارات دقيقة في وقت قياسي.

ويتوقع العديد من الخبراء أن يؤدي هذا التقدم التكنولوجي إلى تغيير جذري في ملامح أسواق العمل. وتشير الدراسات إلى أن الذكاء الاصطناعي سيتسبب في إلغاء العديد من الوظائف التقليدية التي تعتمد على العمل اليدوي أو المهام القابلة للتكرار، حيث سيكون من الأسهل والأكثر فاعلية الاعتماد على الأنظمة الذكية. ومن المتوقع أن تحل الآلات محل البشر في العديد من الصناعات، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة في بعض القطاعات.

ووفقا لدراسة أجرتها شركة “شاديكس”، وهي منصة تعتمد على الذكاء الاصطناعي في تطوير محركات البحث، تم تسليط الضوء على التفاوت الكبير بين الأجيال في مدى تعرضهم للخطر بسبب الذكاء الاصطناعي. وأبرزت الدراسة أن جيل الألفية، الذين تتراوح أعمارهم بين 28 و43 عاما، هم الأكثر عرضة لتأثيرات هذا التحول التكنولوجي.

التحدي يتمثل في القدرة على التكيف مع هذه التحولات من خلال اكتساب مهارات جديدة تتماشى مع تطورات التكنولوجيا
◙ التحدي يتمثل في القدرة على التكيف مع هذه التحولات من خلال اكتساب مهارات جديدة تتماشى مع تطورات التكنولوجيا

وهذا الجيل يشغل بشكل كبير مناصب متوسطة في الصناعات التي تشهد حاليا استثمارا كبيرا في الذكاء الاصطناعي، مثل التسويق الرقمي، والتمويل، والإدارة، وعمليات دعم العملاء. ومع ازدياد قدرة الذكاء الاصطناعي على أتمتة العديد من هذه المهام، مثل تحليل البيانات، وإدارة المشاريع، وحل المشكلات الروتينية، فإن العديد من الوظائف التي يشغلها أفراد هذا الجيل قد تصبح زائدة عن الحاجة. وتشير الدراسات إلى أن 38 في المئة من أفراد جيل الألفية قد يتعرضون لخطر فقدان وظائفهم بسبب التطور السريع للتقنيات الذكية.

أما بالنسبة إلى جيل “زد”، الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و27 عاما، فقد أظهرت الدراسة أن تعرضهم للخطر قد يصل إلى 25 في المئة، لكن أفراد هذا الجيل قد يكونون في وضع أفضل للتكيف مع التغيرات التكنولوجية. وتتميز هذه الفئة بقدرتها الكبيرة على استخدام التكنولوجيا وفهمها بسرعة، مما يسهل عليهم التكيف مع بيئة العمل الجديدة التي يهيمن عليها الذكاء الاصطناعي. كما أن الكثير من شباب هذا الجيل يسعون إلى اكتساب مهارات جديدة في مجالات مثل البرمجة، وتحليل البيانات، وإدارة الذكاء الاصطناعي، مما يمنحهم ميزة تنافسية في سوق العمل المستقبلي.

أما جيل أفراد جيل “إكس”، الذين تتراوح أعمارهم بين 44 و59 عاما، فيأتون في المرتبة الثالثة من حيث التأثر بمعدل 20 في المئة. ويشغل العديد من أفراد هذا الجيل مناصب قيادية وإدارية في مختلف القطاعات، لكن التحدي الأكبر الذي يواجهه هذا الجيل يكمن في صعوبة التكيف مع التقنيات المتطورة، حيث قد يواجه البعض صعوبة في إعادة تعلم المهارات المطلوبة للعمل في بيئة سريعة التغير. وبالنسبة إلى البعض، قد تكون مشكلة الانتقال إلى أدوار تتطلب مهارات تكنولوجية متقدمة تحديا كبيرا.

والحديث عن الذكاء الاصطناعي في سوق العمل لا يقتصر فقط على التهديدات، بل يحمل في طياته أيضا العديد من الفرص. ففي الوقت الذي يُتوقع أن يزيل الذكاء الاصطناعي بعض الوظائف، فإنه أيضا سيخلق وظائف جديدة لم تكن موجودة في الماضي. فعلى سبيل المثال، في مجالات مثل تطوير الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني، والتكنولوجيا المالية، من المتوقع أن يزداد الطلب على المتخصصين في هذه المجالات. لذا، فإن التحدي الأكبر يتمثل في القدرة على التكيف مع هذه التحولات من خلال اكتساب مهارات جديدة تتماشى مع تطورات التكنولوجيا.

بالإضافة إلى ذلك، يشير العديد من الخبراء إلى أن تأثير الذكاء الاصطناعي قد لا يقتصر على العاملين في القطاعات التقليدية. وعلى سبيل المثال، قد تؤثر الثورة الصناعية الجديدة على العمالة في مجالات الرعاية الاجتماعية والتعليم والإبداع الفني. لذا فإن تسريع عملية تدريب الأفراد وتزويدهم بالمهارات اللازمة قد يكون الحل الأمثل لتخفيف تأثيرات الذكاء الاصطناعي.

وتتزايد تأثيرات الذكاء الاصطناعي في أسواق العمل بشكل كبير، وقد تكون لذلك تأثير متفاوت بين الأجيال. بينما يبدو أن جيل الألفية هو الأكثر عرضة للتأثر بفقدان وظائفه بسبب الأتمتة، فإن الأجيال الأصغر، مثل جيل “زد”، قد يكون أفرادها في وضع أفضل للتكيف مع هذا التحول. ومع ذلك، فإن ما يحدد قدرة الأفراد على التكيف مع هذا التغيير ليس فقط أعمارهم، بل قدرتهم على اكتساب مهارات جديدة تتماشى مع التطورات التكنولوجية. وإذا استطاع أفراد هذه الأجيال تحديث مهاراتهم بشكل مستمر، فسيتمكنون من التغلب على التحديات التي قد يطرحها الذكاء الاصطناعي في سوق العمل المستقبلي.

13