الذكاء الاصطناعي يعزز الرفق بالحيوان

الخوارزميات تحدد علامات الضيق أو التوتر غير المرئية للبشر.
الأحد 2025/01/26
أدوات ذكية لا غنى عنها

يساهم استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل سلوك الحيوانات في المزارع أو المحميات الطبيعية، مما يساعد في تحديد علامات الضيق أو التوتر التي قد تكون غير مرئية للبشر، كما يسهم في تطوير تقنيات جديدة للرعاية الصحية الحيوانية، مثل تشخيص الأمراض مبكرًا أو تطوير خطط علاجية مخصصة.

واشنطن - في عالم يتطور بسرعة نحو التكنولوجيا، أصبح الذكاء الاصطناعي  أداة لا غنى عنها في العديد من المجالات، بما في ذلك رعاية الحيوانات. ومن تتبُّع صحة الحيوانات الأليفة إلى تحسين ظروف الحياة في حدائق الحيوان والمحميات الطبيعية، يقدم الذكاء الاصطناعي حلولًا مبتكرة لتعزيز صحة الحيوانات وضمان حصولها على الرعاية المناسبة. 

وفي استطلاع لرأي الأطباء البيطريين في الولايات المتحدة أفاد ما يقرب من 83 في المئة من المستجوبين إلمامهم بالذكاء الاصطناعي، وأنهم يدمجون الذكاء الاصطناعي بالفعل في ممارساتهم، ما  يشير إلى الاستجابة السريعة وتبني الأطباء البيطريين لهذه التكنولوجيا الجديدة.

وأحد أكثر التطبيقات شيوعًا للذكاء الاصطناعي في رعاية الحيوانات هو تتبع صحة الحيوانات الأليفة. وتُستخدم الأجهزة القابلة للارتداء، مثل الأطواق الذكية، لمراقبة نشاط الحيوانات الأليفة ودرجة حرارتها ومعدل ضربات القلب. وتعتمد هذه الأجهزة على خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات في الوقت الفعلي، وإرسال تنبيهات إلى المالكين أو الأطباء البيطريين في حال اكتشاف أيّ تغيرات غير طبيعية.

على سبيل المثال، يمكن لطوق ذكي أن يكتشف علامات مبكرة لأمراض مثل السكري أو مشاكل القلب في الكلاب والقطط، مما يسمح بالتدخل الطبي السريع. بالإضافة إلى ذلك، تساعد هذه التكنولوجيا في مراقبة الوزن والنشاط البدني للحيوانات الأليفة، مما يساهم في الوقاية من السمنة والأمراض المرتبطة بها.

الأجهزة التي تعتمد على الخوارزميات تعمل على تحليل بيانات الحيوانات في الوقت الفعلي، وإرسال تنبيهات إلى الأطباء البيطريين

وفي حدائق الحيوان والمحميات الطبيعية، يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين ظروف الحياة للحيوانات ومراقبة سلوكها. وتُستخدم أنظمة الكاميرات الذكية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمراقبة الحيوانات بشكل مستمر، مما يسمح للعاملين بفهم سلوكها بشكل أفضل وتحديد أيّ تغيرات قد تشير إلى مشاكل صحية أو نفسية.

على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل لغة جسد الحيوانات وتحديد ما إذا كانت تشعر بالتوتر أو الألم. كما يمكن استخدام هذه التكنولوجيا لتحسين التغذية، حيث يتم تحليل بيانات الحيوانات لتحديد النظام الغذائي الأمثل لكل منها بناءً على احتياجاتها الفردية.

ويلعب الذكاء الاصطناعي دورًا حاسمًا في حماية الحيوانات المهددة بالانقراض. وتُستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي لمراقبة الحيوانات في البرية، مما يساعد في جمع بيانات عن أعدادها وأنماط هجرتها وسلوكها. وهذه المعلومات تُستخدم لوضع إستراتيجيات فعالة للحفاظ على هذه الأنواع ومنع انقراضها.

وتُستخدم الطائرات دون طيار (الدرونز) المزودة بكاميرات ذكية لمراقبة الحيوانات في المناطق النائية. وتعتمد هذه الكاميرات على خوارزميات الذكاء الاصطناعي للتعرف على الحيوانات وتتبع تحركاتها دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر. بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لمكافحة الصيد غير القانوني، حيث يتم تحليل البيانات من الكاميرات وأجهزة الاستشعار للكشف عن أنشطة الصيد غير المشروع وتنبيه السلطات المختصة.

وقبل عقود، كان من الصعب تخيّل أن تُستخدم أجهزة الكمبيوتر في مجال الرعاية الصحية، سواء للبشر أو الحيوانات. لكن اليوم، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من الطب البيطري. ففي يناير 2022، أعلنت جامعة جونز هوبكنز عن نجاح الروبوت الذكي للأنسجة المستقلة  في إجراء جراحات بالمنظار على الأنسجة الرخوة للخنازير، متفوقًا على الجراحين البشر في دقته وسرعته. وهذا الإنجاز يُظهر كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز القدرات الطبية، ليس فقط في الطب البشري، ولكن أيضًا في الطب البيطري.

Thumbnail

ويُستخدم الذكاء الاصطناعي البوم لتحسين دقة التشخيص وزيادة سرعة العلاج. وتُستخدم خوارزميات لتحليل الصور الطبية، مثل الأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي، مما يساعد في اكتشاف الأمراض مثل السرطان أو الكسور عند الحيوانات. وأصبحت هذه التكنولوجيا تسمح للأطباء البيطريين بتقديم تشخيصات أكثر دقة ووضع خطط علاجية فعالة.

علاوة على ذلك، تُستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي لتطوير أدوية جديدة للحيوانات، فمن خلال تحليل كميات كبيرة من البيانات الطبية، يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد العلاجات المحتملة للأمراض التي تصيب الحيوانات، مما يسرّع من عملية تطوير الأدوية ويقلل من التكاليف.

وعلى الرغم من الفوائد الكبيرة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في مجال رعاية الحيوانات، إلا أن هناك بعض التحديات التي يجب التغلب عليها. وأحد هذه التحديات هو تكلفة التكنولوجيا، حيث أن الأجهزة والبرامج التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي قد تكون باهظة الثمن، مما يجعلها غير متاحة للجميع. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى المزيد من البحث والتطوير لضمان أن هذه التكنولوجيا تعمل بشكل فعال في جميع الظروف.

مع ذلك، فإن مستقبل استخدام الذكاء الاصطناعي في رعاية الحيوانات يبدو واعدًا. ومع تطور التكنولوجيا، من المتوقع أن تصبح هذه الأدوات أكثر دقة وفعالية، مما سيسهم في تحسين رفاهية الحيوانات على نطاق أوسع. كما أن زيادة الوعي بأهمية الرفق بالحيوان ستدفع المزيد من المؤسسات والأفراد إلى تبني هذه التكنولوجيا.

ويُعد استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال رعاية الحيوانات خطوة كبيرة نحو تحسين حياة الحيوانات وضمان حصولها على الرعاية المناسبة. ومن تتبع صحة الحيوانات الأليفة إلى حماية الأنواع المهددة بالانقراض، تقدم هذه التكنولوجيا حلولًا مبتكرة تسهم في تعزيز الرفق بالحيوان. ومع استمرار التطور التكنولوجي، يمكننا أن نتوقع المزيد من الابتكارات التي ستغير الطريقة التي نعتني بها بالحيوانات، مما يجعل العالم مكانًا أفضل للجميع.

13