إنجازات وبصمة تاريخية.. عام 2024 محطة لا تنسى في مسيرة منتخب الأردن

زيورخ- أكد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أن منتخب الأردن أمضى عاما استثنائيا مليئا بالنجاحات خلال عام 2024، بعدما نال وصافة كأس الأمم الآسيوية، بالإضافة لتحقيقه قفزة كبيرة في التصنيف العالمي، مع استمرار السعي نحو حلم التأهل لكأس العالم 2026.
كشف فيفا أن منتخب الأردن أثبت وجوده كقوة جديدة على الساحة الآسيوية، ليصبح منافسا شرسا يخشاه الجميع. وأضاف فيفا أنه تحت قيادة المدرب المغربي الحسين عموتة، انطلق المشوار بمسار غامض وغير مستقر، لكنه سرعان ما تحول إلى قصة نجاح ملهمة. كان الوصول لنهائي كأس أمم آسيا الإنجاز الأبرز، أعقبه التأهل إلى المرحلة الحاسمة من تصفيات كأس العالم 2026، ما بدأ كمشهد شطرنجي عشوائي ومبعثر، انتهى بلوحة إبداعية متقنة، حيث وضعت كل قطعة في مكانها المثالي لتعكس الصلابة والتميز.
العنوان الأبرز
وأصبح العمل الجماعي العنوان الأبرز للنشامى هذا العام، حيث برزت روح الفريق الواحد كعامل رئيسي في تحقيق الإنجازات، وكان الأداء مبنيا على تلاحم جميع اللاعبين، لكن الثلاثي الهجومي المميز موسى التعمري، يزن النعيمات، وعلي علوان خطفوا الأضواء بفضل أدائهم الاستثنائي وتأثيرهم الحاسم.
أشار فيفا إلى أن انسجام الثلاثي داخل وخارج الملعب منح الأردن طابعا هجوميا فريدا، حيث جسدوا وحدة لا تكسر في أصعب اللحظات. ولم تكن بداية المدرب الحسين عموتة مع المنتخب الأردني في يونيو 2023 سهلة على الإطلاق، بل كانت أشبه بكابوس يلاحق الجماهير الأردنية المتعطشة للنجاح.
أربع هزائم وتعادلان وانتصار وحيد في سلسلة المباريات الودية التي كان من المفترض أن تجهز الفريق للاستحقاقات الرسمية، لكنها تركت الجماهير في حالة من الصدمة والإحباط.
وبدا الفريق وكأنه أشلاء منظومة عشوائية، وظهرت هشاشته بشكل صارخ في الهزيمة القاسية 0-6 أمام النرويج، تلتها خسارة أخرى أمام أذربيجان 1-2 ثم سقوط أمام إيران 1-3، وحتى في المباريات التي لم يخسر فيها الفريق، مثل التعادل مع العراق، كانت النهاية درامية بخسارة بركلات الترجيح بنتيجة 6-7 لتتراكم خيبات الأمل واحدة تلو الأخرى.
وعندما ظن الجميع أن الوضع لا يمكن أن يسوء أكثر، جاءت بداية تصفيات آسيا المؤهلة للمونديال لتعمق الجراح، حيث بدأت بتعادل مخيب مع طاجيكستان 1-1، ثم خسارة في عقر الدار أمام السعودية 0-2 أواخر عام 2023، لتترك الجماهير الأردنية في حالة من الحيرة واليأس.
ومع ذلك، حمل عام 2024 بارقة أمل بفوز متواضع على قطر بنتيجة 2-1 في مباراة ودية، ما أعاد قليلا من الإيمان بقدرة الفريق على النهوض، لكن هذا الأمل لم يدم طويلا، إذ تلقى الفريق لطمة قوية من اليابان بخسارة ثقيلة 1-6 لتعود المشاعر السلبية وتسيطر من جديد على المشهد.
ثم انطلقت كأس آسيا 2023، وهنا تغير كل شيء. انتصار ساحق 4-0 في المباراة الأولى ضد ماليزيا وضع الأردن في موقف مريح جدا، قبل أن يضمن التأهل لدور الـ16 بتعادل مع كوريا الجنوبية 2-2 في مباراة مثيرة. ورغم الهزيمة من البحرين 0-1 في الجولة الأخيرة، والتي أجرى فيها الحسين عموتة العديد من التغييرات لإراحة اللاعبين الأساسيين، فإن هذا لم يقف حاجزا في طريق الوصول إلى الدور التالي.
وفي دور الـ16 ضد العراق، ظهر لاعبو المنتخب الأردني بشخصية بطولية، حيث تقدم يزن النعيمات بالهدف الأول قبل الاستراحة، لكن (أسود الرافدين) أدركوا التعادل في منتصف الشوط الثاني، وفي الدقيقة 76، وقع أيمن حسين على هدف التقدم لمصلحة الفريق العراقي، لكن مبالغته في الاحتفال دفعت الحكم لإشهار البطاقة الصفراء الثانية في وجهه وطرده من المباراة بداعي تعطيل استئناف اللعب، الأمر الذي عزز الأمل للاعبي الأردن بالعودة في النتيجة.
وبالفعل، استطاع يزن العرب تسجيل هدف التعادل في الدقيقة الخامسة من الوقت بدل الضائع، قبل أن يطلق نزار الرشدان تسديدة سكنت الشباك بعد دقيقتين فقط وأعلنت وصول الأردن لدور الثمانية للمرة الثالثة في تاريخه بالمسابقة القارية.
وبهدف عكسي حمل توقيع هانونوف، استطاع رجال الحسين عموتة تخطي طاجيكستان والتأهل لقبل النهائي لملاقاة العملاق الكوري الجنوبي للمرة الثانية. وهذه المرة لم يكتف النشامى بالتعادل، بل صدموا خصمهم بفوز مستحق بنتيجة 2-0 وبتألق لافت من موسى التعمري ويزن النعيمات اللذين وقعا على الهدفين. ولم تسر الأمور في النهائي بالطريقة التي تمنوها الأردنيون، حيث خسروا أمام قطر 1-3، لكن اللاعبين خرجوا من ملعب (لوسيل) بأكبر إنجاز يتم تحقيقه في تاريخ البلاد على الصعيد الكروي.
ولم يواجه منتخب الأردن صعوبة في الصعود للمرحلة التالية في تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم رغم بدايته المتعثرة، بل أنه تصدر مجموعته متفوقا على المنتخب السعودي بفارق الأهداف. بعد هذه الإنجازات الرائعة، رحل المدرب المغربي عموتة وأتى ليخلفه مواطنه جمال السلامي الذي يعلق عليه آمال كبيرة في العام القادم.
حلم العالمية
في الدور الثالث من تصفيات كأس العالم مع المدرب الجديد، حصد الفريق 9 نقاط من 6 مباريات في مجموعة تضم كوريا الجنوبية، العراق، عمان، الكويت وفلسطين. ويحتل منتخب الأردن المركز الثالث بفارق نقطتين عن نظيره العراقي الذي يحتل المركز الثاني. وألمح فيفا إلى أن الجميع في الأردن يعيش على وقع حلم التأهل إلى النهائيات العالمية للمرة الأولى في التاريخ، مع تبقي أربع مباريات حاسمة، حيث يجد النشامى أنفسهم أمام تحد كبير لتجاوز منافسهم العراقي وخطف البطاقة الثانية المؤهلة، في وقت باتت فيه كوريا الجنوبية على أعتاب حسم البطاقة الأولى.
أشار فيفا إلى أن تطور المنتخب الأردني في عام 2024 انعكس بوضوح على قفزاته في التصنيف العالمي للمنتخبات، ففي الشهر الأخير من عام 2023، كان منتخب النشامى في المركز الـ87، وبعد شهرين فقط اللذين تم خوض فيهما بطولة كأس آسيا، قفز إلى المركز الـ70، واستمر هذا التطور إلى اليوم، الذي يحتل فيه الأردن المركز الـ64 عالميا والعاشر آسيويا.
وفي النافذة الدولية القادمة خلال شهر مارس 2025، سوف يستضيف منتخب الأردن جاره الفلسطيني ضمن إطار الجولة السابعة من الدور الثالث في تصفيات كأس العالم 2026 في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، وبعدها بخمسة أيام، سيسافر إلى سيول لمواجهة كوريا الجنوبية. وسيعود الفريق في نافذة يونيو لخوض آخر جولتين في المجموعة عندما يحل ضيفا على عمان ثم يستضيف منافسه المباشر العراق في مواجهة قد تكون مصيرية بالنسبة إلى إحدى بطاقتي التأهل المباشرتين لكأس العالم.