مواهب إسبانيا تتحدى خبرة فرنسا في نصف نهائي أمم أوروبا

جمال ورودري ووليامز يحلمون بالسير على درب رونالدو.
الثلاثاء 2024/07/09
خطوات متباينة

يواجه المنتخب الإسباني نظيره الفرنسي على ملعب أليانز أرينا اليوم الثلاثاء في الدور نصف النهائي من بطولة أمم أوروبا بحثا عن مقعد في المباراة النهائية التي ستقام يوم 14 من الشهر الحالي في برلين. ويسعى منتخب لاروخا إلى مواصلة تألقه والتأهل إلى المباراة النهائية للمرة الرابعة في مسيرته، كما أنه يريد أن يثأر من خسارته في نهائي بطولة أمم أوروبا 2021.

ميونخ (ألمانيا) - تقصّ إسبانيا المتألقة بجناحين موهوبين وفرنسا الصائمة هجوميا والصلبة دفاعيا، شريط نصف نهائي بطولة أمم أوروبا 2024 اليوم الثلاثاء في ميونخ، بعد أن أصبحتا قوتين مهيمنتين على كرة القدم القارية والعالمية. منذ مونديال 1998 الذي أحرزته فرنسا على أرضها، بلغ المنتخبان نهائي تسع بطولات كبرى.

وتأمل إسبانيا في الانفراد بالرقم القياسي في عدد ألقاب بطولة أمم أوروبا الذي تتشاركه راهنا مع ألمانيا، مع ثلاثة تتويجات في 1964 و2008 و2012، فيما تبحث فرنسا عن اللحاق بثنائي الصدارة بعد فوزها في 1984 و2000.

وتألقت إسبانيا في البطولة المقامة راهنا في ألمانيا، خصوصا باللعب الأنيق للجناحين الشابين السريعين لامين جمال (16 عاما) ونيكو وليامز (21 عاما). في المقابل وقعت فرنسا، التي كانت أقوى المرشّحين مع إنجلترا (ستواجه هولندا الأربعاء في نصف النهائي) قبل انطلاق البطولة، في فخ هشاشتها الهجومية التي عمّقها تعرّض قائدها وهدافها كيليان مبابي لكسر في أنفه خلال المباراة الافتتاحية.

لم تسجّل فرنسا سوى ثلاثة أهداف في خمس مباريات، اثنان من نيران عكسية ضد النمسا وبلجيكا وواحد من ركلة جزاء لمبابي ضد بولندا. قال لاعب وسطها أوريليان تشواميني ساخرا “نحن في نصف النهائي دون أن نسجّل، هذا حدث تاريخي.

فرنسا تأمل في استعادة شهيتها التهديفية في مونديال قطر الأخير عندما سجّلت 16 هدفا، بينها 8 لمبابي هداف البطولة

ورغم ذلك علينا التسجيل”. لكن وصيفة مونديال 2022 لم تستقبل سوى هدف يتيم من ركلة جزاء أمام بولندا، قبل أن تتخطى بلجيكا 1 – 0 في ثمن النهائي ثم البرتغال بركلات الترجيح في ربع النهائي. في المقابل تحظى إسبانيا بأقوى هجوم مشاركة مع ألمانيا (11) وأكبر عدد من المحاولات (102) وانتزاع الكرات من الخصم (230). وأقصت ألمانيا المضيفة في ربع نهائي ناري 2 – 1 انتهى بالوقت الإضافي وخسارة لاعب وسطها بيدري لالتواء في ركبته.

وتعوّل إسبانيا، الوحيدة الفائزة في خمس مباريات كاملة، على الموهبة جمال المغربي الأصل صاحب ثلاث تمريرات حاسمة والذي سيصبح أصغر لاعب يسجّل في تاريخ البطولة إذا أدرك شباك مايك مينيان، فيما سجّل وليامز هدفا ولعب تمريرة حاسمة.

وتخيّم إيجابية كبيرة على معسكر لاروخا الذي يقوده المدرب المغمور في العقد الأخير لويس دي لا فوينتي الذي قال بعد إقصاء المضيفة بهدفي داني أولمو وميكل ميرينو “هذا حصان فائز”.

وأضاف المدرّب الذي أشرف على العديد من اللاعبين الحاليين في منتخبات الفئات العمرية “يمكننا الذهاب بعيدا. هناك الكثير من المعنويات والروح بهذا الفريق”. روح سيحتاجها المنتخب الإيبيري في ظل غياب الشاب المتألق بيدري والمدافعين الموقوفين داني كارفاخال وروبان لونورمان، لكنه يعوّل على صلابة وحنكة لاعب وسطه الدفاعي رودري المتوّج في آخر أربع سنوات بلقب الدوري الإنجليزي مع مانشستر سيتي.

في المقابل تأمل فرنسا في استعادة شهيتها التهديفية في مونديال قطر الأخير عندما سجّلت 16 هدفا، بينها 8 لمبابي هداف البطولة. قال اللاعب البالغ 25 عاما المنتقل من باريس سان جرمان إلى ريال مدريد الإسباني بطل أوروبا “من البديهي أن نفوز بالمباريات إذا كنا أكثر فاعلية في الخط الهجومي، لكن في بطولة كبرى لا تتوقع الذهاب بعيدا إذا لم تكن صلبا”  دفاعيا.

ومنذ كأس العالم 2014 أخفق فريق المدرب ديدييه ديشامب مرّة يتيمة في بلوغ نهائي بطولة كبرى، كان ذلك في النسخة الأخيرة من بطولة أمم أوروبا عندما ودّع من ثمن النهائي أمام سويسرا بركلات الترجيح.

صلابة مثالية

مواهب صاعدة
مواهب صاعدة

وأقرّ مدرّبه ديشامب، الذي يشرف على فرنسا منذ 2012 وقاده إلى لقب مونديال 2018، بأن فريقه يجب أن يتحسّن هجوميا، مضيفا “صلابتنا مثالية، وهذا ضروري في بطولة كبرى. عندما لا تسجّل الكثير من الأهداف من الأفضل عدم تلقي الكثير، لكني أفضّل أن نكون أكثر نجاعة”.

وأحرزت فرنسا لقبها الأوّل في البطولة القارية على حساب إسبانيا بالذات 2 – 0 عام 1984 الذي ابتسم لنجمها الخارق ميشال بلاتيني وعبس في وجه حارس لاروخا لويس أركونادا بعد أن ترك ركلة “بلاتوش” الحرّة تتدحرج تحت بطنه.

أقصت فرنسا إسبانيا 2 – 1 في ربع نهائي أمم أوروبا 2000 في طريقها إلى اللقب، ثم في دور الـ16 من مونديال 2006 (3 – 1)، في مبارتين حملتا بصمة زين الدين زيدان. لكن إسبانيا ردّت 2 – 0 بهدفي شابي ألونسو في ربع نهائي أمم أوروبا 2012، وهو الفوز الوحيد الكبير لها على خصمتها في بطولة كبرى، فيما انتهت آخر مواجهة كبرى بينهما لمصلحة فرنسا 2 – 1 في نهائي أمم أوروبا أواخر 2021.

مشهدية متواضعة

روح انتصارية
روح انتصارية

ينتظر الجمهور المنافسات مرّة كل أربع سنوات. وتكون النتيجة مخيّبة للآمال بعض الشيء عندما ينتصر الملل على العديد من مباريات أمم أوروبا 2024. الجميع يبحث عن السبب: هل هو الضغط الهائل أم أنّ كرة القدم تحوّلت إلى ما يشبه لعبة الشطرنج، أم الإرهاق الناتج عن ضغط المباريات والروزنامة المدجّجة على مدار الموسم على حدّ تعبير بعض المتخصّصين؟

في نسخة 2024 في ألمانيا بدأت المسابقة القارية المرموقة بقوّة، حيث انتهت المباراة الافتتاحية بفوز ساحق للبلد المضيف على إسكتلندا 5 – 1 ثم أعقبت ذلك لقاءات جميلة أيضا على غرار مباراة إسبانيا وكرواتيا (3 – 0) أو تركيا وجورجيا (3 – 1). لكنّ هذه المباريات كانت جزءا بسيطا أمام المباريات التي جاءت متحفّظة وحذرة “فوق اللزوم” وأيضا دون المستوى المأمول.

ويقول المدرب الألماني لمنتخب النمسا رالف رانغنيك، وهو من محبّي كرة القدم المفعمة بالحيوية، “كانت هناك مباريات شاهدتها على شاشة التلفزيون ووجدت صعوبة في البقاء مستيقظا”.

وشنّ الدولي الفرنسي السابق كريستوف دوغاري انتقادا أكثر صرامة. وقال عبر ميكروفون أر.أم.سي “من المفترض أن نرى أفضل اللاعبين الأوروبيين الذين يسعدوننا طوال الموسم وهم يتنافسون”، لكن “هذه أشبه بعملية إقصاء، إنها مملة للغاية”.

وعشية انطلاق الدور نصف النهائي يمكن بسهولة القول إنّ فرنسا وإنجلترا، المرشحتين الأوفر حظا قبل انطلاق بطولة أمم أوروبا، فشلتا في ترك بصمة كروية جميلة وإمتاع الجماهير كما كان متوقعا، وكذلك الحال بالنسبة إلى هولندا، ولكن بدرجة أقل.

وحدها ربما إسبانيا شكّلت استثناء في بضع مباريات، وهو ما دفع صحيفة ماركا اليومية إلى القول “عندما نلعب كرة القدم لا أحد يستطيع التغلّب علينا”.

ويلقي مدافع لاروخا داني كارفاخال الضوء بصورة أساسية على “الروزنامة غير المستدامة” لكرة القدم العالمية، والتي تولد إرهاقا شديدا يمنع من تقديم عرض جميل وثابت؛ فـ”من المستحيل على اللاعبين الحفاظ على مستواهم لمدة عام كامل، واللعب كل ثلاثة أيام”.

17