تحديث من غوغل يهدد استمرارية مواقع إلكترونية

خوارزمية باسم "تحسين الظهور عبر محركات البحث" نمت من أجل "زيادة عدد النقرات" خلال عمليات البحث على الشبكة.
الأحد 2024/07/07
شركات صغرى في مرمى الحوت الكبير

باريس - من خلال تعديل خوارزمية البحث وفلتر البريد العشوائي مطلع العام حاولت شركة غوغل التخلص من المحتوى السيء، لكنّ تأثيرات الخطوة التي اتخذتها الشركة الأميركية العملاقة كانت سلبية بالنسبة إلى بعض المواقع الإلكترونية الصغيرة. ودق الكثير من أصحاب المواقع ناقوس الخطر على مواقع التواصل الاجتماعي، مبدين تخوفهم من الانخفاض الهائل وغير المسبوق في عدد الزيارات منذ الانتهاء من نشر التحديث في نهاية أبريل الماضي، ما قد يؤدي إلى الاستغناء عن موظفين أو حتى الإغلاق.

ومن بين غير المحظوظين الأرجنتينية جيزيل نافارو البالغة من العمر 37 عاما والتي تدير مع زوجها شركة "هاوس فريش" التي تقدم منذ العام 2020 أداة لمقارنة أجهزة تنقية الهواء. ولا يوجد أي إعلان أو إدراج لأسماء منتجات على الموقع. فإذا أتت نتائج التجارب سلبية، يشير أصحاب التقويمات إلى ذلك بوضوح للزوار، فيما يتقاضى صاحبا الموقع أموالاً عندما يشتري المستخدمون منتجاً بعد إعادة توجيههم إلى صفحته على موقع أمازون. لكن تحديث غوغل الأخير غيّر كل شيء.

وقالت جيزيل نافارو "أدركنا أننا انتقلنا من المركز الأول (في نتائج البحث) -لأننا الوحيدون الذين يختبرون المنتجات فعليا- إلى التوقف عن الظهور كليا". وحسب رأيها تراجع عدد زيارات “هاوس فريش” من 4000 زيارة يومياً عبر عمليات البحث على غوغل إلى حوالي 200 زيارة. وأوضحت جيزيل أنها تلقّت بسبب هذا الانخفاض الكبير نصائح تحضها على إغلاق موقعها والانطلاق مجدداً باسم نطاق جديد. ومثلها يبدي الكثير من أصحاب المواقع انزعاجاً من عدم وضوح غوغل بشأن طريقة تصنيف النتائج.

وتلتزم الشركة الأميركية العملاقة الصمت بشكل خاص حيال خوارزمياتها، إلى درجة أن صناعة أُطلق عليها اسم “تحسين الظهور عبر محركات البحث” نمت لمحاولة تشريح الخوارزمية من أجل “زيادة عدد النقرات” خلال عمليات البحث على الشبكة. وأحدث التحديث إرباكاً بين خبراء تحسين محركات البحث الذين يحاولون فهم سبب تعزيز مراكز بعض المواقع في عمليات البحث، في مقابل خفض تصنيف مواقع أخرى.

◙ تحديث غوغل الأخير غيّر كل شيء
◙ تحديث غوغل الأخير غيّر كل شيء

وقالت شركة غوغل إن هذا التغيير يهدف إلى تزويد المستخدمين بـ”نتائج أقل تعطي الانطباع بأنها مصممة خصيصاً للظهور عبر محركات البحث”. وتؤكد الشركة الأميركية أن “التغييرات الوحيدة التي نفذناها هي تلك التي نعتقد أنها تحسّن النتائج بشكل كبير لمستخدمي الإنترنت، ونعتقد أن هذه التحديثات كانت مفيدة”. ومع ذلك، في منشور مدونة تمت مشاركته على نطاق واسع في مايو، ذكرت جيزيل نافارو أن الأشخاص الذين يبحثون عن مراجعات المنتجات يحصلون بشكل متزايد على إعلانات ومحتوى يبدو أنه مطوّر بواسطة الذكاء الاصطناعي، أو جرى تحسينه عبر تقنيات تحسين الظهور على محركات البحث.

عنصر آخر برز بشكل أكبر منذ التحديث، يتمثل في ازدياد المحتوى العائد إلى مستخدمي مواقع المنتديات الاجتماعية مثل “ريديت” و”كورا”. ودافعت الشركة عن هذا النهج بالقول إن “الناس غالباً ما يرغبون في التعلم من تجارب الآخرين”، مضيفة “نجري اختبارات صارمة للتأكد من أن النتائج مفيدة وذات نوعية جيدة”. لكنّ الموظفين في أحد المواقع الإخبارية الأوروبية يقولون إن تصنيف مقالاتهم بات يُخفض بانتظام لصالح محتويات من منصة “ريديت”، غالباً ما تكون غير مرتبطة بموضوع البحث الأساسي.

وقال رئيس الموقع الذي طلب عدم كشف هويته “إن الإحالات من غوغل انخفضت بنسبة 20 إلى 30 في المئة منذ التحديث، وإن خفض الميزانية سيكون أمراً لا مفر منه”. وأضاف "في سوق صعبة بطبعها يُعدّ ذلك مشكلة كبيرة بالنسبة إلى الناشرين المستقلين مثلنا". من رسائل إخبارية إلى مدونات صوتية (بودكاست).. كل الشركات التي استطلعت وكالة فرانس برس آراءها أشارت إلى أنها تبحث بشكل عاجل عن طرق أخرى لجذب الجمهور من أجل وقف اعتمادها على محرك البحث التابع لشركة غوغل.

وتحولت جيزيل نافارو، التي اضطرت إلى تقليص فريقها بشكل كبير، إلى تنسيقات الفيديو والنشرات الإخبارية. ورغم هذه التجربة لا تزال نافارو متفائلة بشأن مستقبل الإنترنت، وقد تلقت عدداً كبيراً من رسائل الدعم وسجلت زيادة في الإحالات من محركات بحث بديلة مثل “داك داك غو”. وتقول “كل المعرفة الإنسانية موجودة على الإنترنت، وهذا ليس بالأمر القليل”، مضيفة “لا أريد أن أتخلى عن ذلك لمجرد أن محرك غوغل تعطّل”.

13