فلسطين ليست السبب الرئيسي في "الصراع" بين إيران وإسرائيل

تدخّل إيران فاقم الانقسام الفلسطيني ومنح العدو مزيدا من المبررات لاستكمال مخططه بتدمير غزة وممارسة التطهير العرقي تمهيدا للتهجير وتصفية القضية الفلسطينية.
السبت 2024/06/08
تدخل إيران عمق معاناة الفلسطينيين

حالة التوتر والصراع بين طهران وحلفائها من جهة وواشنطن وإسرائيل من جهة أخرى والممتدة منذ ثورة الخميني مرورا بالخلاف حول الملف النووي إلى المواجهات مع الحرب على غزة، كلها لا علاقة مباشرة لها بموقف إيران من القضية الفلسطينية، وتهديداتها بتدمير إسرائيل مجرد بروباغاندا للضحك على عقول شعوب المنطقة والعرب على وجه التحديد.

خلافاتهم وصراعاتهم ذات طبيعة جيوستراتيجية لها علاقة بالسيطرة وتقاسم النفوذ في الشرق الأوسط وخصوصاً الخليج العربي، وقد كرر مسؤولون إيرانيون قبل أيام مقولة “تصدير الثورة إلى دول الجوار”. حتى محاولات إيران لصنْع قنبلة نووية وفي حالة حصولها عليها فليست لضرب إسرائيل الدولة النووية، بل لتعزيز نفوذها وهيمنتها في المنطقة. العرب والفلسطينيون هم ضحية هذا الصراع المصطنع.

في ظل هذه الخلافات المصطنعة تم بشكل مباشر أو غير مباشر، وبتواطؤ مع واشنطن وتل أبيب وجماعات الإسلام السياسي، تدمير وتجزئة خمس دول عربية وإثارة الفتنة المذهبية فيها، وهي العراق ولبنان واليمن وسوريا ومناطق السلطة الفلسطينية. إسرائيل وأميركا وإيران تقاسمت مناطق النفوذ في المنطقة.

إيران الفارسية الشيعية لن تكون نصيرا لفلسطين أو لأية دولة عربية سنية.

قد يقول قائل: كيف تنتقد الدولة الوحيدة التي تمد المقاومة المسلحة الفلسطينية بالسلاح وأذرعها الشيعية وحدها تشتبك مع إسرائيل وحلفائها فيما تقف الدول والأغلبية السنية العربية موقف المتفرج وبعضها يشارك العدو في عدوانه على الفلسطينيين؟

ظاهريا وفعليا هذا صحيح، ولكن إن تجاوزنا الظاهر والصورة التي يروجها الإعلام المشبوه والإسرائيلي الذي يضخم دور إيران، فإن كثيرا من التساؤلات تفرض نفسها، مثلا: ما هو هدف إيران من التدخل؟ وما هي نتيجته ميدانيا؟ وهل أن تدخّل إيران وشيعة المنطقة خفف من حرب الإبادة على غزة والقضية الفلسطينية بشكل عام؟ أم زاد حدة الحرب ونتائجها التدميرية؟

تدخّل إيران فاقم الانقسام الفلسطيني ومنح العدو مزيدا من المبررات لاستكمال مخططه بتدمير غزة وممارسة التطهير العرقي تمهيدا للتهجير وتصفية القضية الفلسطينية، وعندما يقول الإيرانيون وحلفاؤهم إنهم سيوقفون الحرب مع إسرائيل عندما تتوقف الحرب على غزة فهم بذلك يعترفون بأن هدفهم ليس تحرير فلسطين وأن عداءهم لإسرائيل ليس إستراتيجيا، بل براغماتي مصلحي وفي أفضل حال خدمة حليف لهم، الجهاد وحماس، نفذ لسنوات أهداف إيران باصطناع توتر في فلسطين لصالح سياسات إيران في المنطقة.

وفي النهاية، وإن كنا لا نعرف حتى الآن ما هي طبيعة وشكل النصر الذي تسعى حركة حماس إلى تحقيقه في حالة وقف الحرب غير استمرارها في المشهد السياسي وفي حكم قطاع غزة، ستقول إيران والشيعة العرب إن لهم الفضل في هذا النصر وإنهم قاموا بواجبهم وإن العرب وخصوصا السنة تخلوا عن الشعب الفلسطيني.

9