صحراء الأنبار بين إرهاب متجذر ومخدرات تفتك بالشباب

تعد محافظة الأنبار العراقية من أهم المحافظات وأكبرها حيث تبلغ مساحتها أكثر من 138 كيلومترا مربعا وهي تشكل 32 في المئة من مساحة البلاد وتحتل بذلك المرتبة الأولى من حيث المساحة، وكان لها النصيب الأكبر من سيطرة داعش على أغلب مدنها، وأصبحت الصحراء فيها مرتعا للإرهاب الداعشي، وانتشرت العصابات التي تفننت كثيرا في القتل بالإضافة إلى تنوعها في دعم عمليات تهريب المخدرات والتي أصبحت تتدفق إلى الأنبار عبر ممرات سرية وتحديدا في الرمادي حيث يسهل الوصول إليها بسبب وجود شبكات تحت الأرض كان يستخدمها الإرهابيون وتربط التجار والمتعاطين حيث يقوم البائعون ببيع بضائعهم في الشوارع سرا.
تجار المخدرات في المحافظة استخدموا طرقا وحيلا متنوعة من أجل ترويجها وبيعها، عبر التحايل على الإجراءات الأمنية، بما في ذلك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للترويج واستخدام نقاط بعيدة من أجل عمليات البيع لتجنب اكتشافها، أو من خلال تنويع وسائل النقل في عمليات البيع، خصوصا مادة “الكبتاغون” التي تعد الأوسع انتشارا والتي لا تتجاوز أسعارها خمسة آلاف دينار، وأن غالبية المتعاطين يقعون ضمن الفئة العمرية ما بين (15 – 30) عاما، وحسب آراء المختصين، من المرجح ارتفاع معدلات الإدمان بين الشباب إلى 50 في المئة، حيث تعد الأنبار إحدى أكبر وأهم الأسواق التي تضم كبار التجار والمستهلكين للمواد المخدرة منذ عام 2003.
◄ العصابات التي تفننت كثيرا في القتل بالإضافة إلى تنوعها في دعم عمليات تهريب المخدرات أصبحت تتدفق إلى الأنبار عبر ممرات سرية وتحديدا في الرمادي
بوجود تجار السلاح والمهربين الذين يسيطرون على الشبكات الإجرامية العابرة للحدود التي تهرّب المخدرات وتتاجر بها في العراق، أمست محافظة الأنبار مركزا مهما لتهريب تلك السموم وتمتد عبر حدود سوريا ولبنان، حيث يشير الأخصائيون إلى أنهما منشأ “الكبتاغون” ومنهما يأتي إلى العراق، حيث تؤكد التقارير أن المصادر الرئيسية لهذه المادة والتي تدخل إلى الأنبار هي المصانع والمنشآت الموجودة في سوريا ولبنان، وأن منطقة القائم تنشط بشكل خاص في تهريب كميات كبيرة، في حين أن مادة الكريستال يتم الحصول عليها بشكل أساسي من المحافظات الجنوبية وبكميات محدودة جداً، حيث تتم عمليات التهريب إلى العراق عبر طرق غير رسمية مثل الشريط الحدودي والأهوار والمناطق الصحراوية، إذ يوجد في منطقة الرطبة والقائم معبران حدوديان يربطان الصحراء العراقية بالأردنية عبر تضاريس متنوعة.
العراق يفتقر إلى أسباب تطبيب هذه الأمراض، بالإضافة إلى افتقاره للمؤسسات الصحية المسؤولة عن إجراء مسح صحي عن أعداد المصابين، وإجراء الفحص الأولي لهم عبر هذه المؤسسات، بالإضافة إلى قلة مراكز تأهيل المدمنين وعلاجهم، ما يجعل الحكومة غير قادرة على معالجة هذا الأمر، وغير قادرة على مواكبة التطور الهائل والسريع في عمليات التأهيل الموجودة في أغلب الدول المتقدمة، لذلك بات لزاما على الحكومة اتخاذ إجراءات سريعة عبر بناء مراكز تأهيل في عموم المحافظات، بالإضافة إلى اتخاذ الإجراءات الأمنية في حفظ الحدود وملاحقة المتسللين، وتبادل الخبرات الأمنية والمعلومات الاستخبارية مع دول الجوار من أجل ضمان عدم دخول مثل هذه الأمراض الخبيثة التي بدأت تفتك بشبابنا وتهدد السلم الأهلي.