واشنطن تعلق شحنات قنابل إلى إسرائيل لتفادي استخدامها في رفح

واشنطن - أعلن مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة علقت شحنة قنابل قوية لإسرائيل في إطار ضغط من واشنطن على حليفتها لتمتنع عن اجتياح شامل لرفح المكتظة بالسكان والنازحين جنوب قطاع غزة ولتمنح مزيدا من الوقت لمحادثات وقف إطلاق النار.
وقالت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إن مقاتليها يشتبكون مع قوات إسرائيلية شرقي رفح. ونزح مئات آلاف الفلسطينيين إلى رفح هربا من المعارك في مناطق أخرى من القطاع. وقال سكان إن القتال لا يزال على مشارف المدينة.
وتهدد إسرائيل بهجوم كبير واجتياح شامل لرفح وقالت إن ذلك يستهدف هزيمة الآلاف من مقاتلي حماس الذين تقول إنهم يتحصنون هناك لكن دولا غربية والأمم المتحدة تحذر من أن هجوما شاملا على رفح سيتسبب في كارثة إنسانية.
وقال المسؤول الرفيع المستوى في إدارة بايدن لوكالة الصحافة الفرنسية إن واشنطن علّقت شحنة من الأسلحة قوامها 1800 قنبلة، زنة الواحدة منها ألفا رطل (907 كلغ)، و1700 قنبلة زنة الواحدة منها 500 رطل (226 كلغ) بعدما فشلت إسرائيل في "التعامل بشكل كامل" مع المخاوف الأميركية حيال عملية بريّة كبيرة.
وتأتي الأنباء عن هذه الخطوة في وقت ندد البيت الأبيض بالإغلاق "غير المقبول" لمعبر رفح مع مصر بعدما نشرت إسرائيل دبابات في رفح الثلاثاء، بينما أعرب عن أمله في إمكان توصل الدولة العبرية إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حركة حماس.
وقال المسؤول الأميركي إن إدارة بايدن اتّخذت القرار بشأن الأسلحة عندما بدا لها أنّ إسرائيل على وشك أن تشنّ عملية برية كبيرة في رفح، وهو أمر تعارضه واشنطن بشدّة نظرا إلى أن المدينة تؤوي أكثر من مليون شخص.
وأوضح المسؤول الأميركي الذي طلب عدم كشف هويته أنّ المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين ناقشوا البدائل لكنّ "تلك المناقشات متواصلة ولم تعالج مخاوفنا بالكامل".
وأضاف "عندما بدا أنّ القادة الإسرائيليين يقتربون من نقطة اتخاذ قرار بشأن عملية مماثلة، بدأنا مراجعة متأنّية لعمليات نقل أسلحة معيّنة إلى إسرائيل يمكن استخدامها في رفح. لقد بدأ ذلك في أبريل".
وأوضح أنّ واشنطن "تركّز بشكل خاص" على القنابل الأثقل التي تزن الواحدة منها ألفي رطل "والتأثير الذي يمكن أن تحدثه في مناطق حضرية مزدحمة كما رأينا في أنحاء أخرى من غزة".
وبحسب المسؤول الأميركي فإنّ وزارة الخارجية في واشنطن تجري مراجعة لعمليات نقل أسلحة أخرى، بما في ذلك استخدام مجموعات القنابل الدقيقة المعروفة باسم JDAM.
وسيكون ذلك أول تأخير من نوعه لإيصال أسلحة منذ أن قدمت إدارة بايدن دعمها الكامل لإسرائيل بعد هجوم شنته حماس في السابع من أكتوبر. وواشنطن هي أقرب حليف لإسرائيل ومزودها الرئيسي بالأسلحة.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير طلب عدم ذكر اسمه "إذا اضطُررنا للقتال بأظافرنا فسنفعل ما يتوجب علينا فعله".
وقلل الجيش الإسرائيلي على ما يبدو اليوم الأربعاء من تعليق الإدارة الأميركية لشحنة الأسلحة وقال إن البلدين الحليفين يحلان أي خلافات "خلف الأبواب المغلقة". وفي مؤتمر صحفي استضافته صحيفة يديعوت أحرنوت، قال المتحدث باسم الجيش دانيال هاجاري إن التنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة وصل "على حد اعتقادي إلى مستوى غير مسبوق".
واستولت القوات الإسرائيلية الثلاثاء على المعبر الحدودي الرئيسي بين غزة ومصر في مدينة رفح جنوب قطاع غزة قاطعة طريقا حيويا لإيصال المساعدات.
وقال سكان إن الدبابات، التي توغلت للسيطرة على المعبر، لم تدخل إلى منطقة بها بنايات في المدينة وإن المعارك لا تزال على مشارف رفح.
وقالت الأجنحة المسلحة لحركات حماس والجهاد وفتح في بيانات منفصلة إن معارك متواصلة تدور في وسط قطاع غزة، بينما قال سكان في شمال القطاع إن المناطق الشرقية من مدينة غزة وبعض الأحياء شهدت قصفا مكثفا من دبابات إسرائيلية.
ورغم الهجوم الإسرائيلي الأحدث على رفح واستمرار القتال في مناطق أخرى بالقطاع، قالت الولايات المتحدة إنها تعتقد أن الخلافات المتبقية بين إسرائيل وحماس يمكن التغلب عليها في المفاوضات بشأن أحدث مقترح معدل لوقف إطلاق النار تقدمت به الحركة الفلسطينية مع استئناف المحادثات في القاهرة اليوم الأربعاء.
وقال مصدران مصريان إن جميع الوفود الخمسة المشاركة في محادثات وقف إطلاق النار أمس الثلاثاء، وهي من حماس وإسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر، ردت بالإيجاب على استئناف المفاوضات في القاهرة ومن المتوقع أن تتواصل الاجتماعات صباح اليوم الأربعاء.
وذكر مصدر مطلع أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز سيسافر من القاهرة إلى إسرائيل في وقت لاحق اليوم الأربعاء للاجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين.
ورفضت إسرائيل الاثنين الاقتراح المكون من ثلاث مراحل الذي وافقت عليه حماس وقالت إنه غير مقبول لأنه يضم شروطا مخففة.
وقال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي إن حماس قدمت اقتراحا معدلا وإن النص الجديد يشير إلى أن الفجوات المتبقية يمكن "سدها تماما".
ووفقا لمسؤولين في حماس ومسؤول مطلع على المحادثات، فإن المقترح الذي وافقت عليه حماس الاثنين يتضمن مرحلة أولى يُعلن فيها وقف إطلاق النار لستة أسابيع مع تدفق المساعدات إلى قطاع غزة وعودة 33 رهينة إسرائيلية سواء أحياء أو أموات بينما تفرج إسرائيل عن 30 طفلا وامرأة من الفلسطينيين المعتقلين مقابل كل رهينة إسرائيلية مفرج عنها.
ومنذ الهدنة الوحيدة في الصراع حتى الآن والتي استمرت لمدة أسبوع في نوفمبر تشرين الثاني، تعثرت مساعي وقف إطلاق النار مع رفض حماس إطلاق سراح المزيد من الرهائن الإسرائيليين دون تعهد بوقف دائم للحرب وإصرار إسرائيل على التفاوض على هدنة مؤقتة فقط.
وحذر أسامة حمدان القيادي في حماس، في حديثه للصحفيين من بيروت الثلاثاء، من أنه "لن يكون هناك وقف لإطلاق النار" إذا استمر العدوان الإسرائيلي على رفح.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه ينفذ عملية محدودة في المدينة للقضاء على مقاتلي حماس وتفكيك البنية التحتية التي تستخدمها الحركة. وطلب من المدنيين، الذين نزحوا بالفعل من مناطق أخرى بقطاع غزة في وقت سابق من الصراع، التوجه إلى "منطقة إنسانية موسعة" على بعد نحو 20 كيلومترا.
وقالت وزارة الخارجية القطرية اليوم الأربعاء إنها تدين بشدة توغل إسرائيل في رفح، ودعت لتدخل دولي لمنع الاجتياح الكامل للمدينة.
وقال البيان "تدين دولة قطر بأشد العبارات قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي استهدف بلدية رفح واجتياحها للمعبر البري والتهديد بتهجير المواطنين من مراكز الإيواء والسكن، وتدعو لتحرك دولي عاجل يحول دون اجتياح المدينة وارتكاب جريمة إبادة جماعية وتوفير الحماية التامة للمدنيين بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".
وفي جنيف، قال ينس لايركه المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة إن "الذعر واليأس" يسيطران على السكان في رفح.
وقالت أوريلي غودار رئيسة الفريق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود في غزة الأربعاء إن تأثير الهجوم على رفح سيكون كارثيا لأكثر من مليون شخص.
وأضافت "الأحوال المعيشية في كل قطاع غزة متردية للغاية بالفعل. ولن تتجه إلا صوب مزيد من التفاقم للناس الذين يشردون مرة أخرى ويضطرون للعيش في خيام مؤقتة وبلا توفر يذكر لاحتياجات أساسية جدا مثل المياه".
وذكر بيان من هيئة إسرائيلية مسؤولة عن معبر كرم أبوسالم أنها أعادت فتح المعبر الواقع على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة اليوم الأربعاء وأضاف أن شاحنات مساعدات تم توجيهها من مصر تخضع بالفعل للتفتيش عند المعبر.
وأغلقت إسرائيل معبر كرم أبوسالم يوم الأحد بعد هجوم فلسطيني قربه أسفر عن مقتل أربعة جنود.