توليد الطاقة يعزز استمرارية ثورة الذكاء الاصطناعي

الغاز يقدم لبرامج الذكاء الاصطناعي بدائل عن الكهرباء.
الأحد 2024/04/14
استهلاك هائل للكهرباء

يماثل استهلاك الذكاء الاصطناعي للكهرباء استهلاك بلد بحجم هولندا، ما دفع شركات التكنولوجيا الكبرى للبحث عن بدائل لتشغيل طفرة الذكاء الاصطناعي دون انقطاع، ووجدوا في توسيع قدرة توليد الغاز حلا يمكن أن يساعد على نمو استخدام الذكاء الاصطناعي.

واشنطن - يدعم الذكاء الاصطناعي صناعة النفط والغاز في رفعها لإنتاجها، حيث يسرّع الحفر ويعزز الكفاءة. وتمتد منافعه للصناعات الأخرى أيضا، كما تتضاعف بسرعة أعداد المنصات والمواقع الإلكترونية التي تخصص روبوتات دردشة تعتمد الذكاء الاصطناعي، لكن في هذا مشكلة، حيث أن استهلاك الذكاء الاصطناعي للكهرباء كبير.

أصبح الذكاء الاصطناعي على مدى السنوات القليلة الماضية أكثر حضورا في الأنشطة اليومية، مثل منحه الإجابات على أسئلتنا وطلباتنا عبر أليكسا أو سيري، أو تحديد الأشخاص من خلال الصور، أو توجيههم عبر خرائط غوغل، وكلها خاصيات متوفرة على الهواتف وأجهزة الكمبيوتر المنزلية، لكن قلة من الناس يفكرون في مقدار الطاقة اللازمة لإكمال هذه المهام التي تبدو بسيطة.

وبحسب عدة دراسات، فإن الذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص يعتبر مستهلكا هائلا للطاقة، وقد ألقى توسع هذه التقنية السريع أكثر من علامة استفهام حول خطط إزالة الكربون في قطاع التكنولوجيا، حيث يستهلك الذكاء الاصطناعي وحده من الطاقة كميات تعادل ما تستهلكه بعض البلدان المتقدمة بأكملها.

وحددّ مقال في مجلة “نيويوركر” الشهر الماضي معدّل 500 ألف كيلوواط/ ساعة في اليوم الواحد. وكان هذا استهلاك “شات جي بي تي” من الكهرباء خلال استجابته لمئتي مليون طلب يوميا. وتعتبر هذه كمية كبيرة من الكهرباء لبرنامج واحد.

ووفقا لأحد العلماء الهولنديين الذي قام بحساب الاستخدام المحتمل للكهرباء لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، فإنه يمكن أن يصل إلى 85 تيراواط/ساعة سنويا على أقل تقدير، قائلا إن الحد الأقصى المتوقع يبلغ 134 تيراواط/ساعة (أي 134 مليار كيلوواط/ ساعة).

الغاز يبقى مصدر الطاقة الوحيد القادر على توفير نوع الطاقة الموثوقة التي تتطلبها شركات التكنولوجيا لتشغيل طفرة الذكاء الاصطناعي دون انقطاع

وقال أليكس دي فريس لمنصة البي بي سي العام الماضي بعد أن تصدرت دراسته التي أجراها حول استهلاك الذكاء الاصطناعي للكهرباء عناوين الصحف، “قد تتحدث عن استهلاك كهرباء يماثل استهلاك بلد بحجم هولندا. أنت تتحدث عن 0.5 في المئة من إجمالي استهلاكنا العالمي للكهرباء”.

وأكد دي فريس أنه لا يمكن تلبية هذا الطلب الإضافي عن طريق الرياح والطاقة الشمسية. وأضاف لمجلة نيويوركر خلال مارس “نحتاج إلى الاندماج أو إلى طاقة شمسية أرخص مع التخزين، أو شيء كهذا. وأن يكون الأمر على نطاق واسع لم يخطط له أحد”. لكن استهلاك الغاز والفحم لتوليد الكهرباء سيرتفع لتلبية هذا الطلب.

وتحدّث وزير الطاقة الأميركي السابق إرنست مونيز، وهو مؤيد قوي لانتقال الطاقة، عن الأمر بإيجاز. وصرّح لصحيفة وول ستريت جورنال الشهر الماضي “لن نبني 100 جيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة الجديدة في غضون بضع سنوات. نحن عالقون نوعا ما”.

ويكمن السبب في ذلك في الكم الهائل من المعلومات التي تحتاج برامج الذكاء الاصطناعي إلى معالجتها لأداء مهمة ما.

وذكر أليكس دي فريس أنه إذا حولت غوغل محرك بحثها ليعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي، فسيصل استهلاكه إلى 29 تيراواط/ساعة سنويا.

الذكاء الاصطناعي يستهلك وحده من الطاقة كميات تعادل ما تستهلكه بعض البلدان المتقدمة بأكملها

ويشار إلى أن شركة غوغل أطلقت في وقت سابق من هذا الشهر تجربة لعمليات البحث المدعومة بنظام الذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة.

ولفت الرئيس التنفيذي لشركة “أرم”، وهي شركة لتصميم الرقائق تملكها شركة سوفت بنك اليابانية، “كلما جمعوا المزيد من المعلومات، كلما كانوا أكثر ذكاء. ولكن كلما جمعوا المزيد من المعلومات ليصبحوا أكثر ذكاء، كلما ارتفعت الطاقة التي يحتاجونها”.

وقال رينيه هاس لصحيفة وول ستريت جورنال هذا الأسبوع إن مجموع هذه الطاقة يمكن أن يبلغ ما بين خمس وربع إجمالي الطلب على الكهرباء في الولايات المتحدة بحلول 2030، مؤكدا كون هذا غير مستدام.

والواقع أنه ليس مستداما تماما إذا كنت تخطط للتحول إلى توليد الطاقة منخفضة الكربون، وهو ما من شأنه أن يستلزم حتما انخفاض الطلب على الطاقة بدلاً من زيادته. وهذا هو بالضبط السبب وراء توافق صناعة النفط والغاز بشكل كبير مع الذكاء الاصطناعي، وخاصة الجزء المتعلق بالغاز منه.

وكشف المؤسس والشريك الرئيسي في شركة إنرجي كابيتال بارتنرز الاستثمارية لصحيفة فاينانشيال تايمز خلال الشهر الحالي أن “الغاز يبقى مصدر الطاقة الوحيد الفعال من حيث التكلفة والقادر على توفير نوع الطاقة الموثوقة التي تتطلبها شركات التكنولوجيا الكبرى لتشغيل طفرة الذكاء الاصطناعي دون انقطاع”.

وذكرت شركة “إي كيو تي” أن هذا هو السبب في أن نمو استخدام الذكاء الاصطناعي سيتطلب توسيع قدرة توليد الغاز. واعتمدت في بيانها مصطلح “حيوي”. وقال مديرها التنفيذي توبي رايس، مرددا رسالة الوزير السابق إرنست مونيز، “لن يتحقق ذلك دون غاز”.

Thumbnail

وترى إيرينا سلاف في تقريرها الذي نشرته بموقع “أويل برايس” الأميركي، أن كل هذا وضع دعاة الانتقال في موقف صعب، فمن ناحية يعد الذكاء الاصطناعي بالمساعدة في دفع عجلة التحول، وفقًا لبعض المدافعين الذين يعملون في مجال التكنولوجيا، ومع ذلك، فإنه من الواضح من ناحية أخرى، أن التساؤلات حول الطلب على الطاقة، والذي لا يمكن إلا للهيدروكربونات الإجابة عنها، تعيق تقدم هذا التحول.

كما أن طفرة الذكاء الاصطناعي لا تتوافق مع فكرة تراجع النمو التي اكتسبت زخما في أوروبا. ويشير تراجع النمو إلى فكرة مفادها أن الاقتصادات لم تعد بحاجة إلى توجيه النمو بأي ثمن، بل على العكس من ذلك، فإن الاستهلاك الأقل هو ما ينبغي للاقتصادات أن تسعى جاهدة لتحقيقه، وخاصة انخفاض استهلاك الطاقة. ولن يتحقق هذا مع الكميات التي تستهلكها مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.

وقال هاس لصحيفة وول ستريت جورنال “سيصعب تسريع الاختراقات التي نحتاجها إذا استمر ارتفاع طلب مراكز البيانات الكبيرة للطاقة حتى تستجيب للمستخدمين”.

وسيكون من الصعب أيضًا على شركات التكنولوجيا الكبرى الاستمرار في الترويج للانتقال الطاقي والإعلان عن اتفاقيات شراء الطاقة لتكون دليلا على تطبيق التزاماتها الخضراء في ممارستها العملية. ويقتصر النمو مقابل تراجعه على نقطة واحدة. ولكن ماذا سيحدث حين ينتقل النقاش إلى التقدم التكنولوجي مقابل نهاية التطوير؟ قد تتحول شركات التكنولوجيا الكبرى إلى هدف جديد للناشطين.

13