الإذاعة المصرية تجذب نجوم الكوميديا في موسم رمضان

الكوميديا في مصر بوجه عام تعاني من مشكلات أغلبها يرتبط بالكتابة وعدم القدرة على خلق سياق عام للمواقف الكوميدية.
الثلاثاء 2024/03/05
فرصة لاستعادة لياقة الراديو الفنية

جذبت الكثير من محطات الإذاعة في مصر عددا من نجوم الكوميديا الذين استعدوا للحضور بكثافة في موسم رمضان بعد أيام، والذي سيشهد منافسة حادة عبر أثير الراديو والمنصات الرقمية المسموعة، ما يشير إلى وجود رواج على مستوى الكتابة الإذاعية التي تتجه نحو تقديم كوميديا تجذب خيال شريحة كبيرة من المستمعين.

القاهرة يشارك في موسم دراما رمضان الإذاعي هذا العام الكثير من نجوم الكوميديا، أبرزهم أحمد حلمي ومحمد هنيدي ومحمد سلام وويزو وإسعاد يونس وأكرم حسني وهشام ماجد، وتبدو المنافسة محصورة في قوالب كوميدية، إذ تطغى على التراجيديا، عكس القنوات التلفزيونية التي تراجعت فيها الأعمال الكوميدية لصالح الاجتماعية والتاريخية.

ويقول نقاد إن هناك جملة من العوامل التي تدفع نجوم الكوميديا إلى الإذاعة، منها ضعف النصوص التلفزيونية التي تسببت في تراجع شعبية الكثير منهم بسبب تكرار ما قدموه من أعمال وعدم قدرة بعضهم على تقديم قضايا جديدة عبر التلفزيون.

وبدت الإذاعة وسيلة مضمونة بالنسبة لهؤلاء، لأن الفشل فيها لا يحظى بنفس القدر من الانتقادات التي قد يتعرض لها النجوم، بخلاف الدراما التلفزيونية التي تسلط عليها الأضواء بشكل أكبر، ويضاف النجاح في الراديو إلى ما قدموه من قبل عبر التلفزيون.

تشارك بدور البطولة في عمل كوميدي
الفنانة إسعاد يونس تشارك بدور البطولة في عمل كوميدي

علاوة على سهولة المنافسة، فغالبية الأعمال الإذاعية في مستوى متقارب، وفي السنوات الماضية لم تحقق الكثير من الأعمال نجاحات لافتة، وثمة قناعة بأن دور التسلية الذي يلعبه الراديو في أوقات الذروة، أي قبل الإفطار، يدفع إلى جذب المستمعين نحو أسماء النجوم، بغض النظر عما يقدمونه من محتوى.

تعاني الكوميديا في مصر بوجه عام من مشكلات أغلبها يرتبط بالكتابة وعدم القدرة على خلق سياق عام للمواقف الكوميدية، وهو أمر يمكن تجاوزه من خلال حلقات الراديو القصيرة، ما يجعل النجوم أكثر حضورا في أعمال تعتمد قصصها عليهم بشكل كبير، ويدفع نحو استمرار الصورة التي رسمها الجمهور لهم، وإن تراجعت مستويات الأعمال الدرامية والسينمائية التي قدموها مؤخرا.

يشارك الفنان أحمد حلمي في بطولة المسلسل الإذاعي “فبركة”، وتدور أحداثه حول فكرة “الترند” وإلى أي حد أصبح هدفا لتحقيق مشاهدات عالية وجني الأموال، ويجسد حلمي شخصية مذيع يجد نفسه قد تحول هو إلى “ترند”، وتشاركه البطولة هنا الزاهد التي قدمت معه أكثر من عمل إذاعي السنوات الماضية، ومعهما: طه دسوقي وسوسن بدر وسامي مغاوري وإنجي علي، من إخراج صفي الدين حسن، وتأليف نوران نصار، ويذاع عبر محطة نجوم أف.أم.

ويواصل الفنان محمد هنيدي تواجده للعام الثاني عشر على التوالي من خلال المسلسل الكوميدي “أبويا شقي”، وتشاركه البطولة شيري عادل، ويذاع على راديو النيل.

ويشارك الفنان هشام ماجد في بطولة مسلسل “شاكر مش فاكر” ويتقاسم البطولة فيه مع نور قدري، ويدور حول حادث يتعرض له أحد الأشخاص يؤدي إلى فقدانه الذاكرة ما يسهم في خلق العديد من المواقف الكوميدية، ويبث عبر أثير إذاعة راديو النيل.

بينما تخوض الفنانة الكوميدية ويزو، وهي إحدى بطلات مسرح مصر الذي أسسه الفنان أشرف عبدالباقي، تجربة البطولة في مسلسل “زوجة تحت الطلب” ويشاركها بطولته الإعلامي محمد نشأت.

قال الناقد الفني مصطفى الكيلاني إن نجوم الدراما يوظفون الطفرات الإنتاجية للراديو لتحقيق نجاحات، ويعولون على تحويل بعض الأعمال الدرامية الإذاعية إلى مسلسلات أو أفلام لاحقا، وهو ما حدث مع “الدنيا على جناح يمامة” بطولة محمود عبدالعزيز، وبعض المسلسلات الإذاعية التي قدمها الفنان الراحل فؤاد المهندس، كما أن الراديو بات وسيطا جماهيريا خلال ساعات ما قبل الإفطار التي تزدحم فيها المواصلات في شوارع القاهرة، وتصبح الإذاعة رفيقا مسليا.

وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أن قدرة الراديو على جذب عوائد إعلانية ساعدت على توجيه جزء كبير منها لإنتاج المسلسلات، وتحظى الكوميديا بقدر كبير فيها، باعتبارها الأكثر جماهيرية، ما يتماشى مع رغبات بعض النجوم، مشيرا إلى أن أزمة الكتابة التي يعاني منها التلفزيون موجودة أيضا في الإذاعة، والفرق في أساليب الكتابة لكل منهما، والتي لم تعد مختلفة كثيرا، كما كان الوضع سابقا.

خخ

وأكد الكيلاني أن كتّاب الدراما الكبار في مصر، مثل أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد وبشير الديك، بدأوا عبر الراديو، وكان لديهم إدراك لطبيعة الأعمال المذاعة عليه، وقدرة على بناء حلقات إذاعية مختلفة عن الدراما التلفزيونية، وتعد أكثر صعوبة لأنها تعتمد على التعبير بالصوت، وهو عملية لا تتحقق كثيرا حاليا، بالتالي فكثافة الإنتاج الإذاعي لا يترتب عليها بالضرورة وجود أعمال رنانة تبقى عالقة في الأذهان، والرهان هذا العام على تحسين الجودة مع زيادة الاهتمام بالمنتج الإذاعي.

ويقدم الفنان محمد سلام في موسم رمضان المسلسل الإذاعي “غير صالح للنشر” عبر إذاعة “إنرجي” ويشاركه البطولة هند عبدالحليم ومحمد أوتاكا ومروان يونس. ويعود الفنان أكرم حسني إلى أثير موجات الراديو بمسلسل “زكريا أبو ندا”، بينما تشارك الفنانة والإعلامية إسعاد يونس بمسلسلين، هما “ميعاد مع إسعاد” و”سوبر فوزية”، وتقدم الفنانة منة شلبي مسلسل “بيت أم الغلام” على إذاعة “إنرجي”.

قدرة الراديو على جذب عوائد إعلانية ساعدت على توجيه جزء كبير منها لإنتاج المسلسلات، وتحظى الكوميديا بقدر كبير فيها، باعتبارها الأكثر جماهيرية

ويتفق البعض من النقاد على أن اتجاه بعض نجوم الكوميديا إلى الإذاعة لا يعني أنها تحقق نجاحا كبيرا، وأن هؤلاء يتأثرون بعدم الاهتمام بعملية التأليف الإذاعي التي بحاجة إلى أفكار أكثر عمقا تتماشى مع طبيعة جمهور الراديو، والسطحية التي تسيطر على الأعمال الكوميدية غالبا قد تنتقل إلى الإذاعة، لكن في الأخيرة يمكن أن تشكل عامل جذب لاعتماد الجمهور على هذه الوسيلة في أوقات فراغه التي يقضيها أثناء عودته من أشغاله داخل السيارات، واستعداده الكبير للضحك.

على مدار تاريخ الأعمال المصرية التي تقدم من خلال الإذاعة، شارك العديد من النجوم الكبار في مسلسلات مهمة، وتوجد استمرارية في تقديمها، ما ترك بصمات لدى جمهور اعتاد على أصوات الفنانين في الأعمال التي يقدمونها، وهو أحد مسارات صناعة نجوم تتنوع بين وسائل الإبداع، مثل السينما والمسرح والتلفزيون والإذاعة.

وتواجد بعض الفنانين سنوات طويلة على رأس قائمة المسلسلات الإذاعية، وكان غيابهم عن الدراما التلفزيونية أشبه بتعبير عن حالة من الاستسهال، وعدم قدرتهم على تجديد أنفسهم، ورأى هؤلاء أن ضعف المعروض عليهم من نصوص ومؤلفات لتحويلها إلى أعمال درامية أمر ليس لهم دخل فيه، واتجهوا للحفاظ على الحد الأدنى الذي يضمن تواجدهم على الساحة من خلال الإذاعة.

18