زعماء عصر النهضة، نقطة على السطر

أنظمة عديدة بدأت بالاستقواء بدول حليفة البعض اعتمد ذلك لبقاء نظامه في الحكم والبعض الآخر في سبيل ضمان بقاء بلاده وشعبه بعيدين عن أية خطط مستقبلية تهدف إلى التدمير وزعزعة الاستقرار.
الجمعة 2024/02/23
إرساء ثقافة العيش المشترك

ساد مفهوم واسع لدى الكثير من الشعوب أن بقاء الأنظمة الحاكمة واستمرارها في إدارة شؤون البلاد مرتبط بالاعتماد على التفاهمات الدولية من جهة، وعلى التفاهم ما بين الحاكم والشعب من جهة أخرى، وأن القيادة الناجحة هي التي تصل إلى سياسة مرنة وتوفّق بين الاثنين وترتقي إلى القمة. ولا يمكن تجاهل أن بعض دول الخليج العربي استطاعت أن تصل إلى القمة وتحافظ على هذه المكانة. الإمارات العربية المتحدة إحدى هذه الدول التي رسمت لوحة جميلة للمستقبل، وابتعدت قدر الإمكان عن سياسة التجاذبات والتحالفات العسكرية والصراعات في المنطقة وتمسكت بسياسة الثقافة والعلم والتطور والازدهار.

أسست الإمارات شراكة مع من يشابهها بذات الفكر النير، وكان واضحا أنها تنتهج سياسة ناجحة وتعلم أن التطرف والعنصرية باتا يغزوان دول المنطقة وينخران بين الشعوب. أنشأت مؤسسات بحثية وتطبيقية مستقلة وعملية على الأرض لمكافحة التطرف العنيف بجميع أشكاله ومظاهره، ودعمت بناء مراكز وأبحاث ودراسات قيمة للتصدي للفكر المتطرف ونشر المعرفة، لم تكن مؤسسات ومراكز نظرية فقط، بل كانت ولا زالت لها فعالية على الأرض وصدى بين دول المنطقة.

◙ القضاء على التطرف والعنف والكراهية والعنصرية يأتي من خلال نشر الوعي الثقافي والاهتمام بجيل المستقبل وتوعيته وفق أسس سليمة

إن توسع الصراع في الشرق الأوسط منذ اندلاع ما سمي بثورات الربيع العربي أواخر عام 2010 وبداية 2011، بيّن تماما أن الشعوب أصبحت سلاحا بيد أصحاب القرار، فبانتهاء الحروب العسكرية المباشرة في منطقة الشرق الأوسط التي سميت بحروب الخليج، (1980 – 1988 بين إيران والعراق، وأغسطس 1990 إلى فبراير 1991 احتلال العراق للكويت) أدركت دول آسيا وأفريقيا أنها البداية لتغيير البوصلة في عصر النهضة القادم، استباحة الأرض وغزو عقول البشرية وشحنها بالإرهاب والتطرف من قِبل الدول ذات المطامع والغزوات دخل حيز التنفيذ دون رادع.

بدأت أنظمة عديدة بالاستقواء بدول حليفة سواء من خلف الستار أو على خشبة المسرح، وامتدت هذه السياسة لترتكز على بناء تحالفات مع القوى العظمى، البعض منها اعتمد ذلك لبقاء نظامه في سدة الحكم، والبعض الآخر في سبيل ضمان بقاء بلاده وشعبه بعيديْن عن أية خطط مستقبلية تهدف إلى التدمير وزعزعة الاستقرار، ومن بين هذه التوازنات نجح الأكثر نضجاً وتعمقاً بالبحث عن حلول جذرية لا مؤقتة، وكانت الإمارات والأردن وإقليم كردستان وبعض الدول الأخرى في أوائل من اكتسبت هذا النجاح وحافظت على استمرار تقدمها وحماية شعوبها وتطور بلدانها.

انتهجت هذه القيادات سياسة امتداد جسور المحبة والثقافة بين الحاكم والشعب، وأسسوا كيانا متينا من الداخل، وفتحوا أبوابهم للانفتاح أمام الملأ ونجحوا بجدارة في استقطاب أصحاب العقول المُفكرة والمُنتجة حتى باتت أبوظبي وأربيل وعمان وبعض العواصم الأخرى منبراً لمستقبل ناجح آت لا محالة. ولا بد أن نؤمن بحقيقة أن القضاء على التطرف والعنف والكراهية والعنصرية يأتي من خلال نشر الوعي الثقافي والاهتمام بجيل المستقبل وتوعيته وفق أسس سليمة، وإرساء ثقافة العيش المشترك وإنمائها من خلال منطق الشراكة وقبول الآخر واحترام الشعوب ودعمها في نيل حقوقها وتحررها، فلكل شعب الحق في الحياة على أرضه منبع جذوره.

9