الإنجاز الآسيوي يشرّع لإعادة هيكلة الرياضة الأردنية

تأهل الأردن إلى النهائي يفتح باب التساؤل عن مدى انعكاس الإنجاز على منظومة تعاني من تواضع الدوري وأزمة ديون.
الجمعة 2024/02/09
على العهد باقون

الدوحة - شرّع تأهل الأردن التاريخي إلى نهائي بطولة كأس آسيا لكرة القدم باب التساؤل عن مدى انعكاس الإنجاز غير المسبوق على منظومة لعبة تعاني من تواضع مستوى الدوري المحلي، وأزمة ديون ما انفكت تتفاقم على الأندية بسبب انحسار عائداتها، فضلا عن افتقاد المنشآت الرياضية لأبسط مقوّمات التحديث. وفي مشاركته الخامسة بلغ فريق النشامى، بقيادة مدربه المغربي الحسين عموتة ونجوم يتصدّرهم موسى التعمري (مونبلييه الفرنسي) ويزن النعيمات (الأهلي القطري)، نهائي بطولة كانت أفضل إنجازاته فيها دور الثمانية في 2004 و2011.

وتمني الأمينة العامة للاتحاد الأردني سمر نصّار النفس بأن يحرّك هذا الإنجاز المياه الراكدة، وعن ذلك تقول “بدأ القطاع الخاص يتحرّك، وتحرّكت مشاعر الشعب”. وتتابع “نتمنّى أن يدعموا المسيرة ككل، وألا يقتصر الدعم على إنجاز المنتخب”. وقدّمت بعض المؤسسات والمصارف مكافآت مالية للاعبين بعد التأهل إلى النهائي. وتقرّ نصار، السباحة الأولمبية السابقة، بوجود تحديات كثيرة تواجه الكرة الأردنية، حيث تقول “نحن بحاجة إلى البنى التحتية وأن يلتف القطاع الخاص حول المنتخب”.

يؤكّد المراقب الدولي والمحاضر الآسيوي منعم فاخوري أن الإصلاح يبدأ بتشكيل رابطة لدوري المحترفين من أجل إدارة البطولات المحلية وشؤون التسويق، وتشير نصار إلى أن “الأندية أيضا هي ركيزة ومنجم الأبطال. نحن بحاجة إلى دعم للمنظومة ككل وإعادة الدراسة في الكثير من الأمور”. ويرى فاخوري أن الأندية تحتاج أيضا إلى تعديل التشريع؛ فـ”كل الأندية الأردنية تعمل تحت مظلة وزارة الشباب”. لكن نصّار تلفت إلى أن التأهل لبطولة كأس العالم للمرة الأولى سينعش اللعبة فـ”كأس آسيا هي محطة والتأهل إلى كأس العالم هو الهدف الأسمى”.

منعم فاخوري: الإصلاح يبدأ بتشكيل رابطة لدوري المحترفين من أجل إدارة البطولات المحلية وشؤون التسويق
منعم فاخوري: الإصلاح يبدأ بتشكيل رابطة لدوري المحترفين من أجل إدارة البطولات المحلية وشؤون التسويق

وتضيف نصار (46 عاما) “نحن استثمرنا بهذا المنتخب لأننا رأينا الطاقات الكامنة فيه، وكنا واثقين من أنه سيصل الى أبعد نقطة، وأهدافنا أبعد من كأس آسيا”. لكن الأردن حصد حتى الآن نقطة يتيمة من مباراتيه في بداية التصفيات المشتركة لمونديال 2026 وآسيا 2027، بتعادله بشق الأنفس في طاجيكستان وخسارته على أرضه أمام السعودية.

وباستثناء التأهل العتيد لم تشهد الكرة الأردنية على مدى تاريخها إنجازات كروية نوعية، إذ اقتصرت على التتويج بذهبية الدورة العربية في بيروت 1997 وعمّان 1999، فضلا عن بلوغ الملحق النهائي المؤهل إلى مونديال 2014، حين خرج النشامى أمام الأوروغواي مع المدرب المصري حسام حسن، فيما اقتصرت إنجازات الأندية على ثلاثة ألقاب في كأس الاتحاد الآسيوي، بواقع بطولتين للفيصلي وواحدة لشباب الأردن. كما تقتصر المشاركة في دوري أبطال آسيا على مقعد واحد يمنح لبطل الدوري شريطة إكمال متطلبات الترخيص، فيما يُمنح المقعد الآخر في بطولة كأس الاتحاد.

لكن فاخوري، الذي يشغل أيضا منصب الأمين العام في نادي الجزيرة، يشير إلى ضرورة استثمار النجاح في كأس آسيا وإقناع أصحاب الشركات بفكرة تبني الأندية. ويؤكد على ضرورة أن يعقد الاتحاد لقاءات دائمة مع الأندية لأن كل التركيز ينصبّ على المنتخبات و”كل الدعم الذي نحصل عليه من الاتحادين الدولي والقاري يذهب إلى المصاريف الإدارية والتشغيلية كما يُنفق على الأندية والمنتخبات النسوية”. ويضيف “الوضع المالي للأندية معدوم، وبطل الدوري لا يحصل سوى على 60 ألف دينار كمكافأة (85 ألف دولار أميركي)”، فيما “المصروف الشهري لأحد الأندية، على سبيل المثال، يعادل 80 ألف دينار”.

ويتابع “لا يمكن قياس وضع (القطبين) الفيصلي أو الوحدات مع البقية خصوصا أنهما يعتمدان على موارد ثابتة مثل ملكيتهما لمجمعات تجارية وجماهيريتهما الكبيرة، إذ أن بعض الأندية تتخلف عن دفع الرواتب لـ4 أو 5 أشهر”. ويحترف 16 لاعبا من تشكيلة المنتخب الحالية في الدوري المحلي، معظمهم مع الفيصلي.

ويؤكد فاخوري أيضا أن اللاعبين في الأردن يضطرون إلى العمل في أكثر من مهنة غير كرة القدم لأن الرواتب متدنية جدا؛ فـ”إما يعملون في جهة أمنية أو في أمانة عمّان، وهذا الأمر غير سليم للاعب المحترف”. وفيما اعتبر الحارس التاريخي للمنتخب عامر شفيع أن تواجد الأردن في هذا الموقع “أشبه بالمعجزة” نظرا لتواضع مستوى الدوري والحالة المادية المتردية للأندية، أقرّ مساعد عموتة، المدرّب عبدالله أبوزمع، بأن “ما تحقق يؤكد أن الأسلوب في المنتخب تغيّر، وسوف نستمرّ على هذا النسق”.

16