القوات الأجنبية في العراق بين راغب فيها وممتعض!

هناك ملفات لم تفتح بعد أهمها ملف الفساد وإعادة الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، بالإضافة إلى تعزيز الاقتصاد العراقي وإعادة بناء القطاع الخاص وحصر السلاح بيد الدولة وتنظيم العلاقة بين بغداد وواشنطن.
الثلاثاء 2024/01/23
نخرج من العراق في الوقت المناسب

‏تزايدت الدعوات لسحب قوات التحالف الدولي من العراق، وذلك بعد الغارة التي شنتها طائرة دون طيار في الرابع من كانون الثاني/ يناير الجاري، والتي أدت إلى وقوع ضحايا بين عناصر أحد الفصائل المسلحة التابعة للحشد الشعبي، ما أثار غضبا شعبيا وجماهيريا ورسميا، حيث أعلنت حكومة محمد شياع السوداني عن تشكيل لجنة من الطرفين لإنهاء وجود القوات الدولية في العراق، إذ يمثل إبقاء القوات الدولية أمرا بالغ الأهمية للعراق.

وترى واشنطن أن وجودها في العراق مهم ليس فقط لمنع عودة ظهور داعش، بل يأتي في إطار تفعيل دور الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، وسط الصراع الدائر في غزة والحرب التي تشنها تل أبيب ضد الفلسطينيين، وأن أي قرار يتخذ من جانب واحد يمكن أن يقود العلاقة بين بغداد واشنطن إلى المجهول. ويؤكد البنتاغون أن ليس لديه خطط لسحب قواته من العراق في الوقت الراهن، وهو ليس على علم بأي خطط من الحكومة العراقية لتطلب منه القيام بذلك.

‏ العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق تتعرض لضغوط متزايدة منذ الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، ضاعف خلالها العراق من مطالبته الولايات المتحدة باحترام سيادة العراق ووقف هجماتها على معسكرات الحشد الشعبي، ودعا رئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد في التاسع من الشهر الجاري إلى وضع برنامج قابل للتطبيق ومحدد تلتزم به القوات الأميركية العاملة في العراق، معتبرا أن وجود التحالف الدولي ينبغي أن يقتصر دوره على دعم القوات الأمنية وتقديم المشورة.

تصريحات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني هي الأخرى كانت واضحة في مطالبه الثابتة بضرورة إنهاء وجود قوات التحالف الدولي بعد أن انتهت مبررات وجودها.

◙ هناك ملفات مهمة لم تفتح بعد، أهمها ملف الفساد الخطير وإعادة الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، بالإضافة إلى تعزيز الاقتصاد العراقي وإعادة بناء القطاع الخاص وحصر السلاح بيد الدولة

في المقابل، لا تريد الولايات المتحدة مغادرة العراق في هذا الوقت الحرج، وإذا فعلت ذلك فإنها ستفعل ذلك وفقا لشروط مسبقة وفي الوقت المناسب لها.

‏لا يزال أمام الحكومة العراقية الكثير للقيام به، وبمصداقية، من أجل وضع مصالح البلاد في المقام الأول، وحماية العراق من أن يكون ساحة صراع للآخرين، على أن تكون هناك مفاوضات شفافة مع التحالف الدولي، وحوار شامل بين جميع شركاء التحالف، يغطي مختلف القضايا الأمنية والاقتصادية والبيئة والاجتماعية والثقافية. فأيّ حوار أو أسلوب آخر مع المجتمع الدولي لن يكون مجديا، بل سيكون محفوفا بالمخاطر، وقد يؤدي إلى نتائج عكسية خاسرة للجميع.

بالمقابل، على واشنطن أن تحترم وضع العراق الحالي وخصوصيته، وأن تمنح الحكومة المسافة اللازمة من أجل حل الإشكال والخلافات. فأيّ ضغط تمارسه القوى الغربية لن تكون نتائجه إيجابية، بل على العكس سوف تكون نتائجه مضرة بمصالح الجانبين، خصوصا مع عودة بعض جيوب العصابات الداعشية، وعدم الاستقرار في المنطقة الناجم عن الأحداث في غزة، حيث يشير عدد من تقارير المخابرات العراقية إلى أن الآلاف من مقاتلي داعش يخرجون إلى العلن تحت حماية القوات الأميركية في منطقتين غرب العراق.

ووفقا لتقارير استخباراتية بلغ عدد أفراد تنظيم داعش في ذروة قوته 35 ألف مقاتل في العراق، قتل 25 ألفا منهم، في حين اختفى أكثر من عشرة آلاف. وتؤكد المصادر أن واشنطن تتغاضى عن عبور مجموعات تابعة لداعش عبر الحدود، وقد يعطي انشغال المجتمع الدولي بالحرب على غزة والحرب الروسية – لأوكرانية الفرصة لمجموعات داعش لإعادة تنظيم صفوفها مع الاستمرار في تلقي الدعم اللوجستي الداخلي والخارجي.

‏وعلى الرغم من النجاحات المتعددة التي تقوم بها الحكومة، وتحديدا في مجال الإعمار والاستثمار، وتحقيق أهم هدفين، الميزانية (ثلاث سنوات) وانتخابات مجالس المحافظات، إلّا أن المشوار مازال صعبا أمام حكومة السوداني.

هناك ملفات مهمة لم تفتح بعد، أهمها ملف الفساد الخطير وإعادة الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، بالإضافة إلى تعزيز الاقتصاد العراقي وإعادة بناء القطاع الخاص وحصر السلاح بيد الدولة، وتنظيم العلاقة بين بغداد وواشنطن، بما يحقق التعاون المشترك بين البلدين دون المساس بسيادة الدولة، أو أن يكون العراق منطلقا لتهديد جيرانه. وأن تعمل الحكومة أيضا على حل الخلافات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان بصوره سريعة وشفافة وبما يحقق استقلالية القرار السياسي والسيادي ككل.

8