كأس أفريقيا: تونس تتسلح بالاستقرار الفني لتخطي مجموعة معقدة

أبيدجان- يعيش منتخب "نسور قرطاج" استقرارا وثباتا فنيا مميزا، بعد 15 مشاركة متتالية في بطولة أمم أفريقيا، وتوج خلالها مرة واحدة على أرضهم في 2004 واحتل الوصافة في 1996، كما بلغ نصف النهائي مرتين وربع النهائي سبع مرات.
ورغم تتويجها مرة واحدة، مثّلت تونس أفريقيا ست مرات في كأس العالم آخرها في 2022 حين هزمت فرنسا بهدف، لكن ذلك لم يكن كافيا لتجاوز دور المجموعات لأوّل مرة في تاريخها. وتريد تونس أن تستغل انطلاقتها القوية في تصفيات مونديال 2026، لتعويض خيبة أملها في الخروج من ربع نهائي النسخة القارية الماضية.
وتبدو الفرصة سانحة أمام النسور لاستهلال البطولة بالفوز على ناميبيا قليلة الخبرة، لكنّ اختباراتها القوية ستأتي بمواجهة مالي التي خسرت أمامها في النسخة السابقة ثم جنوب أفريقيا القوية. ويشكّل المحترفون في أندية عربية مثل المهاجمين يوسف المساكني (العربي القطري)، نعيم سليتي (الاتفاق السعودي)، طه ياسين الخنيسي (الكويت الكويتي) والظهير علي معلول (الأهلي المصري) مركز الثقل والخبرة في الفريق التونسي.
لقاء محوري
تخوض جنوب أفريقيا البطولة الرقم 11 في تاريخها، علما أنّ أول ظهور لها كان على أرضها عام 1996 عندما أحرزت اللقب. مذاك، غاب "بافانا بافانا" عن أربع نسخ (2010-2012-2017-2021).
ويعتمد المدرب البلجيكي هوغو بروس، الفائز بالبطولة رفقة الكاميرون في 2017، على كتيبة لاعبين في الدوري المحلي أبرزهم من ماميلودي صنداونز بطل دوري أفريقيا المستحدث أخيرا وأمثال الجناح بيرسي تاو (الأهلي المصري) أفضل لاعب أفريقي ينشط محليا لعام 2023، والمهاجمان ثيمبا زواني (صنداونز) وزاخيلي ليباسا (أورلاندو بايرتس). يُعد لقاء مالي محوريا بالنسبة للدولة الجنوبية في عملية البحث عن التأهل إلى ثمن النهائي.
لطالما قدّم منتخب مالي أداء تخطى التوقعات فاحتل المركز الثاني مرة، الثالث مرتين والرابع ثلاث مرات في 11 مشاركة. في حين أنه سيكون تفاؤلا مفرطا الاعتقاد بأن مالي قادرة على تحقيق المعجزات، إلاّ انه يبدو أنها قادرة على خلط الأوراق وإحراز المركز الثاني في المجموعة. لا يدخل المنتخب المالي ضمن دائرة المرشحين البارزين، لكن نواة التشكيلة تضم إيف بيسوما (توتنهام الإنكليزي) وطامحين يبحثون عن بطاقة ربع النهائي على أقل تقدير.
وشارك منتخب ناميبيا، الملقب "المحاربون الشجعان" ثلاث مرات سابقة في البطولة، لكنّه أخفق في تحقيق أي فوز (تعادلان وسبع هزائم). ويعتمد المدرب المحلي كولين بنجامين على تشكيلة تلعب معظمها في الدوري المحلي والدوري الجنوب أفريقي، على رأسهم المهاجم المتميز بيتر شالوليلي (ماميلودي صن داونز الجنوب أفريقي).
إنجاز وحيد
منذ تسجيل المهاجم زياد الجزيري هدف الفوز بالبطولة الوحيدة لتونس في كأس أمم إفريقيا بكرة القدم ضد المغرب في نهائي 2004، عجز "نسور قرطاج" عن الوصول للمباراة النهائية مجددا رغم مشاركتهم من دون انقطاع. وتملك تونس استقرارا وثباتا فنيا مميزا، إذ تخوض النهائيات الـ16 تواليا منذ 1994.
وخلال هذه الفترة، تُوجت على أرضها في 2004، احتلت المركز الثاني مرة أيضا (1996)، كما بلغت الدور نصف النهائي مرتين وواظبت على بلوغ ربع النهائي على الأقل في آخر أربع نسخ. لكنّ هذه المرّة، تأمل تونس التي شاركت ست مرات في كأس العالم دون تخطي دور المجموعات، أنّ تتمكن من كسر عقدة الوصول للنهائي، على يد مدربها جلال القادري الذي يقودها منذ قرابة عامين شهدا تطورا واضحا على مستوى النتائج والأداء. وخلال 2023، لعبت تونس 11 مباراة، فازت في 6 وتعادلت مرتين وخسرت ثلاث من بينها لقاءان وديان خلال جولة آسيوية أمام كوريا الجنوبية 0-4 واليابان 0-2 في أكتوبر. وفي آخر مبارياتها الودية الأربعاء، تغلبت على الرأس الأخضر 2-0.
انضم القادري (52 عاما) للجهاز الفني لتونس كمساعد أول في يونيو 2021، لكن القدر وحده دفع به إلى الواجهة خلال نهائيات كأس الأمم 2021 التي أقيمت مطلع 2022. وبعد أداء فني متواضع في دور المجموعات انتهى بخسارتين وفوز وحيد، صعدت تونس ضمن أفضل ثوالث لتلتقي في ثمن النهائي نيجيريا، الفريق الوحيد الذي حقّق العلامة الكاملة في دور المجموعات آنذاك. وأدت إصابة المدرب منذر الكبيّر بفيروس كورونا وعزله عن الفريق إلى تكليف القادري بإدارة اللقاء الذي انتهى بفوز نسور قرطاج بهدف نظيف مع أداء فني جيد.
وبعد الخروج من ربع النهائي على يد بوركينا فاسو تمّ الاستغناء عن الكبيّر، وكلّف اتحاد الكرة القادري بالإشراف على المنتخب في فبراير 2022. وقاد القادري، الذي سبق وأشرف على أندية متوسطة في تونس وأخرى سعودية متواضعة، بلاده لعبور مالي خلال الجولة النهائية لتصفيات كأس العالم في قطر (الفوز بهدف في مالي والتعادل السلبي في تونس).
خرج من الدور الأول بعد نتائج وأداء متوسط وفوز شرفي على فرنسا حاملة اللقب حينها والتي لعبت بتشكيلة احتياطية. خلال مؤتمر صحافي رافق إعلانه عن تشكيلة النسور في العرس القاري، أكّد القادري أنّ طموحه هو الوصول للنهائي "عقدُنا مع الجامعة التونسية لكرة القدم ينصّ على الوصول إلى المربّع الذهبي، ولن نكون راضين عن أنفسنا دون الوصول إلى هذه المرحلة". وأضاف أنّ "طموح المنتخب والجمهور الرياضي في تونس يتجاوز نصف النهائي، حيث سيعمل الجميع على تحقيق اللعب من أجل حلم اللقب".