كأس أمم أفريقيا تقترب.. محطات تاريخية ونقلة نوعية

عودة قوية للفراعنة وبصمات لامعة للمنتخبات العربية.
الثلاثاء 2023/10/10
طريق مفتوح إلى العالمية

ستتجه أنظار الملايين من عشاق الساحرة المستديرة من كل أنحاء العالم خلال أيام قليلة صوب القارة الأفريقية لمتابعة ضربة البداية الحقيقية في اتجاه واحدة من أهم بطولات كرة القدم وأكثرها جذبا للأنظار، حيث ستشهد أبيدجان قرعة النسخة الرابعة والثلاثين من بطولة كأس الأمم الأفريقية.

القاهرة - تقام فعاليات النسخة الرابعة والثلاثين من بطولة كأس الأمم الأفريقية في كوت ديفوار من 13 يناير إلى 11 فبراير 2024. وعلى مدار أكثر من ستة عقود منذ انطلاق الدورة الأولى في السودان عام 1957، شهدت البطولة العديد من التغيرات والتحولات المهمة التي جعلتها بين بطولات الفئة الثانية مباشرة في عالم الساحرة المستديرة بعد بطولة كأس العالم، حيث تقترب في قوتها من بطولتي كأس أمم أوروبا وكأس أمم أميركا الجنوبية (كوبا أميركا).

وتستحوذ البطولة على اهتمام كبير؛ كونها تشهد مشاركة 12 من المنتخبات التي سبق لها الفوز باللقب، كما أن المنتخبات الـ12 الأخرى في البطولة تحظى بخبرات متفاوتة بالبطولة؛ حيث سبق لها جميعا المشاركة فيها فيما تغيب عنها الوجوه الجديدة. كما يضاعف من أهمية البطولة تأهل معظم المنتخبات الكبيرة إلى النهائيات، كما تعود البطولة إلى كوت ديفوار بعد أربعة عقود من استضافة البلد لنسخة 1984 لتكون المرة الثانية فقط التي تستضيف فيها كوت ديفوار النهائيات.

وكانت البطولة الأفريقية أحد أهم أسباب تأسيس الاتحاد الأفريقي للعبة (كاف)، حيث اجتمع عدد من كبار الشخصيات البارزة في عالم كرة القدم الأفريقية في العاصمة البرتغالية لشبونة يومي السابع والثامن من يونيو 1956 لتأسيس الاتحاد وتنظيم المسابقة بداية من 1957. وجرى الاتفاق على أن يكون السودان الذي حصل على استقلاله في يناير 1956 مقرا لاستضافة البطولة الأولى.

وبني ملعب جديد بالخرطوم خصيصا للمناسبة وافتتح في 30 سبتمبر 1956. وفي نفس الوقت، صيغت قوانين المسابقة وكانت المشاركة متاحة أمام منتخبات جميع الدول الأعضاء بالاتحاد، كما جرى الاتفاق على أن تقام البطولة كل عامين تحت إشراف لجنة التنظيم والدولة المضيفة. وربما جاءت البداية هزيلة، حيث انطلقت فعاليات البطولة بمشاركة ثلاثة منتخبات فقط، واستمر ذلك في البطولة الثانية، كما شهدت البطولات الأولى بعض الارتباك في الأعوام التي أقيمت فيها.

وفي العاشر من فبراير 1957، كانت ضربة البداية حيث افتتح رئيس وزراء السودان الأسبق سيد إسماعيل الأزهري أول بطولة أفريقية للمنتخبات بحضور أكثر من 30 ألف متفرج في الملعب. وكان تنظيم البطولة الثانية من نصيب مصر، مقر الاتحاد الأفريقي، وجرت فعالياتها من 22 إلى 29 مايو 1959 بملعب النادي الأهلي في القاهرة بمشاركة نفس المنتخبات الثلاثة.

البطولة في نسختها المرتقبة عام 2024 تعود إلى كوت ديفوار للمرة الأولى منذ 1984 عندما استضافت البطولة
البطولة في نسختها المرتقبة عام 2024 تعود إلى كوت ديفوار للمرة الأولى منذ 1984 عندما استضافت البطولة

واختيرت غانا لتنظيم البطولة الرابعة في عام 1963، ووصلت ستة منتخبات إلى البطولة بعد التصفيات وهي تونس ونيجيريا والسودان ومصر وغانا وإثيوبيا. وفي النهائي الذي أقيم في أكرا، تغلبت غانا بقيادة مدربها الأسطوري جيامفي على إثيوبيا 3 – 0 وفازت بالكأس للمرة الأولى. وفاز المصري حسن الشاذلي بلقب هداف البطولة برصيد ستة أهداف.

وفي البطولة الخامسة عام 1965 بتونس، نجحت غانا في الدفاع عن لقبها بفوزها 3 – 1 على منتخب الدولة المضيفة بعد وقت إضافي للمباراة وضم الفريق الفائز لاعبين اثنين فقط ممن فازوا في مسابقة عام 1963. وفي عام 1970، استضاف السودان البطولة السابعة ووصلت غانا إلى المباراة النهائية للمرة الرابعة على التوالي ولكنها خسرت أمام السودان الذي أحرز الكأس الوحيدة في تاريخه.

وفي عام 1972، أقيمت البطولة الثامنة بالكاميرون ووصل أصحاب الأرض إلى المربع الذهبي، ولكن رغم كل التوقعات كانت المفاجأة هي هزيمة الكاميرون أمام الكونغو برازافيل التي فازت باللقب بعد التغلب أيضا على مالي 3 – 2 في النهائي. أما بطولة 1974 فأقيمت في مصر وفازت بها زائير (الكونغو الديمقراطية حاليا) وسجل فيها اللاعب الزائيري بيير نداي تسعة أهداف ليتوج هدافا للبطولة ويقود منتخب بلاده إلى الفوز باللقب.

وفي عام 1976، أقيمت البطولة العاشرة في إثيوبيا، وكانت المرة الأولى التي تقام فيها المنافسات بنظام المجموعات ثم الدور النهائي والذي انتهى باحتلال المغرب المركز الأول والتتويج باللقب. وفي عام 1978، أقيمت البطولة الحادية عشرة في غانا وفاز أصحاب الأرض (النجوم السوداء) على أوغندا في النهائي. لتكون بذلك أول دولة تفوز باللقب ثلاث مرات وتحتفظ بالكأس إلى لأبد وحصل الأوغندي أموندا على لقب هداف البطولة برصيد أربعة أهداف أيضا.

وشهدت النسخة التي استضافتها مصر في منتصف عام 2019 نقطة تحول مهمة في تاريخ بطولة كأس الأمم الأفريقية بتمديد حجم البطولة لتشهد النهائيات مشاركة 24 منتخبا، وهو ما رأى فيه البعض فرصة لظهور المزيد من المنتخبات التي يمكنها ترك بصمة جيدة في ظل ارتفاع مستوى الكرة الأفريقية في السنوات الماضية، فيما رأى فيه آخرون سببا محتملا لإضعاف مستوى البطولة نفسها مع زيادة عدد المشاركين.

هل يشق المنتخب السنغالي طريقه بنجاح مرة أخرى
هل يشق المنتخب السنغالي طريقه بنجاح مرة أخرى

وظهرت منتخبات أخرى لا تحظى بخبرة كبيرة في البطولة بشكل جيد، وسط تحسسن عام للمستوى الفني في هذه النسخة. وعلى الرغم من خروجه المبكر من الدور الأول في نسخة 2017، ظهر المنتخب الجزائري بشكل مثير ومذهل في البطولة، وحقق العلامة الكاملة في مجموعته بالدور الأول ثم شق طريقه بنجاح في الأدوار الإقصائية على حساب منتخبات غينيا وكوت ديفوار ونيجيريا حتى وصل إلى النهائي.

وبعد عامين ونصف العام، استضافت الكاميرون النسخة الـ33 من البطولة، وعادت البطولة إلى توقيت إقامتها المعتاد في فصل الشتاء الأوروبي، مطلع عام 2022. وكان خروج المنتخب الجزائري من الدور الأول إحدى مفاجآت البطولة خاصة أن الفريق حصد نقطة واحدة في مجموعته بالتعادل السلبي مع سيراليون والخسارة أمام منتخبي غينيا الاستوائية وكوت ديفوار.

كما ودع منتخب تونس البطولة من الدور الأول. وعلى غرار نسخة 2019، شق المنتخب السنغالي طريقه بنجاح فائق إلى المباراة النهائية ليواجه اختبارا عربيا آخر على لقب البطولة، لكنه هذه المرة كان في مواجهة المنتخب المصري.

وتوج الكاميروني فنسان أبوبكر بلقب هداف البطولة برصيد ثمانية أهداف رغم خروج فريقه من الدور قبل النهائي للبطولة وإحراز المركز الثالث بالفوز على بوركينا فاسو بركلات الترجيح في مباراة تحديد المركز الثالث.

وأحرز المهاجم السنغالي ساديو ماني لقب أفضل لاعب في النسخة بعدما لعب دورا بارزا في فوز فريقه باللقب، كما فاز زميله إدوارد ميندي بلقب أفضل حارس مرمى في البطولة. وتعود البطولة في نسختها المرتقبة مطلع عام 2024 إلى كوت ديفوار للمرة الأولى منذ 1984 عندما استضاف البلد البطولة للمرة الأولى في تاريخه.

17