الذكاء الاصطناعي يخفف عن الأطباء عبء قراءة نتائج فحوصات الكشف عن سرطان الثدي

النظام المدعوم بالذكاء الاصطناعي رصد إصابات محتملة بالسرطان أكثر مما توقّعه الأطباء.
الخميس 2023/08/03
الذكاء الاصطناعي طور طرق تشخيص الأمراض

أصبح اعتماد المجال الطبي على برامج الذكاء الاصطناعي أمرا بالغ الأهمية؛ فهو يخفف عن الأطباء أعباء تشخيص الأمراض، وذلك بمساعدتهم على قراءة نتائج فحوصات الكشف، مثل الكشف عن سرطان الثدي. ويأمل الأطباء في أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من تسريع تحليل الفحوصات -التي عادةً ما تستغرق وقتاً طويلاً- وجعلها دقيقة.

باريس - قد يخفض الذكاء الاصطناعي إلى النصف المجهود الذي يبذله أطباء الأشعة في قراءة نتائج الفحوصات الروتينية للنساء الكاشفة عن علامات محتملة للإصابة بسرطان الثدي، حسب ما بيّنته دراسة سويدية ضخمة نُشرت الأربعاء. ولاقت النتائج الأوّلية للتجربة ترحيباً باعتبارها واعدة، إلا أنّ معدّي الدراسة أكّدوا ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث قبل استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي في الكشف عن سرطان الثدي.

وفي حين عزّزت روبوتات الدردشة، مثل "تشات جي بي تي"، التكهنات بشأن ابتكار تطبيقات مستقبلية للذكاء الاصطناعي، أظهرت هذه التقنية كفاءتها في قراءة الفحوصات الطبية. وفي ظل نقص أطباء الأشعة الذي تواجهه عدة دول، ثمة آمال في أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من تسريع مهمّة تحليل الفحوصات التي عادةً ما تستغرق وقتاً طويلاً، وجعلها دقيقة بصورة أكبر.

وقد يؤثر ذلك بصورة كبيرة على سرطان الثدي تحديداً. وبحسب منظمة الصحة العالمية، شُخّصت إصابة أكثر من 2.3 مليون امرأة بالسرطان في عام 2020، فيما توفيت 685 ألف امرأة جراء الإصابة به. وتُساعد الفحوصات التي تجريها النساء بانتظام على تحديد العلامات المبكرة للسرطان. وفي أوروبا تُنصَح النساء اللواتي تتراوح أعمارهنّ بين 50 و69 عاماً بإجراء تصوير شعاعي للثدي كل عامين، مع تولّي طبيبَي أشعة تحليل النتائج.

وشملت الدراسة التي أُجريت في السويد صوراً شعاعية لثمانين ألف امرأة خضعن لتصوير الثدي بالأشعة السينية في أربع مناطق بجنوب غرب السويد بين أبريل 2021 ويوليو من العام الفائت. وجرى تقسيم صورهنّ الشعاعية بشكل عشوائي لتحليلها إما بنظام مدعوم بالذكاء الاصطناعي أو من خلال طبيبي أشعة عملا كمجموعة تحكّم.

◙ الذكاء الاصطناعي يخفف عن الأطباء عبء قراءة نتائج فحوصات الكشف عن سرطان الثدي
◙ ثمة آمال في أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من تسريع مهمة تحليل الفحوصات في ظل النقص بأطباء الأشعة

وقرأت خوارزمية الذكاء الاصطناعي الصور الشعاعية وتنبأت باحتمال إصابة النساء بالسرطان، ثم تحقق الطبيبان من هذه التنبؤات. وأشارت الدراسة إلى أنّ النظام المدعوم بالذكاء الاصطناعي رصد إصابات محتملة بالسرطان أكثر بنسبة 20 في المئة مما توقّعه الطبيبان، مما يعني وجود حالة إضافية لكل ألف امرأة تلقت صورة شعاعية.

وفي ما يخص النتائج الخاطئة -أي عندما تُظهر صورة شعاعية خطأً في البداية أنّ ثمة احتمالاً للإصابة بالسرطان- رصد النظام المدعوم بالذكاء الاصطناعي وطبيبا الأشعة النسبة نفسها وهي 1.5 في المئة. وخُفّض عبء العمل على طبيبي الأشعة بنسبة 44 في المئة لدى المجموعة التي خضعت صورها الشعاعية لبرنامج الذكاء الاصطناعي، لأنّ شخصاً واحداً فقط تعيّن عليه قراءة الفحوصات بدلاً من اثنين كما جرت العادة.

وقالت كريستينا لانع، وهي طبيبة أشعة في جامعة لوند السويدية والمعدة الرئيسية للدراسة،"إن أبرز الإمكانات التي يُظهرها الذكاء الاصطناعي راهنا" هي أنه "يخفف عن الأطباء عبء قراءة الكمية الكبيرة من النتائج". إلا أنّ لانغ أكدت في بيان أنّ “النتائج الأولية الواعدة ليست كافية في حد ذاتها لتأكيد أنّ الذكاء الاصطناعي جاهز للاستخدام في صور الثدي الشعاعية".

وأشار الباحثون إلى أنّ الأمر سيستغرق عامين آخرين قبل أن تتمكن التجربة من تحديد ما إذا كان استخدام الذكاء الاصطناعي يؤدي إلى خفض الإصابات بالسرطانات التي يتم اكتشافها بين مراحل الفحوصات الروتينية. ولفت الأستاذ في الفحوصات الكاشفة عن السرطان في جامعة كوين ماري في لندن ستيفن دافي، الذي لم يشارك في الدراسة، إلى أن خوارزمية الذكاء الاصطناعي ربما بالغت في تشخيص بعض أشكال سرطان الثدي المبكر التي تسمى سرطان القنوات الموضعي.

ورغم ذلك أشاد بـ"الدراسة عالية الجودة" قائلا إن خفض العبء عن أطباء الأشعة "مسألة تنطوي على أهمية كبيرة في برامج كثيرة لفحوصات الثدي". وفي العديد من الحالات يستغرق تشخيص المرض فترات طويلة أو سنوات، وهي عملية شاقة وتستغرق وقتًا طويلًا، وقد تكون سببًا في صعوبة إنقاذ حياة المريض، كما أنها عملية تضع الأطباء تحت الضغط. في المقابل ساعد الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي على تحقيق تقدم كبير في التشخيص، إذ أصبحت العملية أكثر سهولة وأقل كلفة.

ومن طرق التشخيص التي طورها الذكاء الاصطناعي: التصوير المقطعي المحوسب، والتصوير بالرنين المغناطيسي، والتصوير بالأشعة السينية، والجينوميات والبروتيوميات.

أما بالنسبة إلى التقدم الذي أحرزته هذه الطرق التشخيصية فيتمثل في:

• دور الأشعة المقطعية في الكشف عن سرطان الرئة والسكتة الدماغية.

• دور مخطط كهربية القلب والتصوير بالرنين المغناطيسي للقلب في تقييم مخاطر الموت القلبي المفاجئ أو مخاطر أمراض القلب الأخرى.

• دور التصوير بالأشعة في تصنيف الأمراض الجلدية.

دور تصوير العينين في تحديد مؤشرات اعتلال الشبكية السكري.

• تحسين قدرة الطبيب على كتابة ملفات وبيانات المرضى.

◙ عبء العمل خُفّض على طبيبي الأشعة بنسبة 44 في المئة لدى المجموعة التي خضعت صورها الشعاعية للذكاء الاصطناعي

وعلى الرغم من هذه التطورات الكبيرة إلا أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل الطبيب في عملية التشخيص. ومن المعروف أن عملية اكتشاف وتطوير الأدوية عملية طويلة وتتطلب الكثير من الوقت، كما أنها مكلفة، إلا أن تطبيق الذكاء الاصطناعي في الطب ساعد على جعلها أكثر كفاءة. وقد ساعد الذكاء الاصطناعي على تحديد الجزء من الجسم الذي يعتبر الهدف في العلاج، أو تحديد أصل المرض البيولوجي.

كما ساعد على تحديد الأدوية المرشحة للعلاج من خلال تتبع أثر المركبات على الجزء المستهدف من العلاج، ثم اختيار الدواء المناسب. وساهم الذكاء الاصطناعي في تسريع عملية التجارب السريرية التي تساعد على اختيار مرشحين مناسبين لإجراء الدراسات وتحسين عملية مراقبة التأثير الدوائي، وبالتالي تطوير الدواء وتحديد المؤشرات الحيوية خلال عملية تشخيص المرض وتجريب الدواء و تحسين خطة العلاج.

والجدير بالذكر أن استجابات المرضى للأدوية والخطط العلاجية مختلفة بناءً على العديد من العوامل. وما أحدثه الذكاء الاصطناعي في هذا المجال أنه ساعد على تحديد الخطة العلاجية للمريض بناءً على تحديد الخصائص التي تجعل المريض أكثر استجابة لعلاج معين، مما يساعد على وضع خطط علاجية خاصة بالمرضى وتحسين كفاءة العلاج. وتعد عمليات تعديلات الجينات عملية صعبة ومكلفة، لكن الذكاء الاصطناعي ساعد على تحسين عملية تحرير الجينات وتعديلها مع ضمان التعرض لآثار جانبية  محدودة.

15