خبراء يؤكدون أن البشر قادرون على كبح جماح الذكاء الاصطناعي

إيجاد المناهج لإدارة المخاطر والاستعداد للتعامل مع الجوانب السلبية.
الأحد 2023/07/16
التهديدات قائمة

يأخذ الخبراء على عاتقهم البحث في حلول تُمكّن أصحاب القرار من الحد من سطوة الذكاء الاصطناعي على الحياة البشرية، وذلك من خلال أدوات يرون أنها بسيطة وممكنة مثل إيجاد المناهج المناسبة لإدارة المخاطر وإجراء أبحاث لتحديد كيف يمكن ضمان تحقيق تقنيات الذكاء الاصطناعي لأهداف مصمميها ونواياهم بصورة أفضل.

واشنطن - فرضت التحديات والتهديدات التي يمثلها التطور السريع والمتلاحق لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي نفسها على قائمة اهتمامات دوائر صناعة القرار والأبحاث في أغلب دول العالم.

وفي حين دعا عدد من رؤساء كبرى شركات التكنولوجيا في العالم إلى تعليق تطوير هذه التقنيات لفترة حتى يتم تحديد أفضل سبل التعامل معها، قال عالمان أميركيان إن التصدي للمخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي يمكن أن يبدأ بخطوات بسيطة مثل إيجاد المناهج المناسبة لإدارة المخاطر وإجراء أبحاث لتحديد كيف يمكن ضمان تحقيق تقنيات الذكاء الاصطناعي لأهداف مصمميها ونواياهم بصورة أفضل، والاستعداد للتعامل مع الجوانب السلبية مثل العنصرية والتمييز الجنسي وغير ذلك من التحيزات الموجودة حاليا داخل أنظمة الذكاء الاصطناعي.

وفي تحليل نشره موقع مؤسسة راند الأميركية المرموقة لأبحاث الدفاع والأمن القومي قال كارتر برايس عالم الرياضيات وميشيل وودز المدير المشارك لقطاع أبحاث الأمن الداخلي في مؤسسة راند إنه رغم محاولات تعداد المخاطر، فإن التصنيف البسيط لها يتيح تقسيمها إلى مخاطر آنية يمكن أن يزيد حدتها الذكاء الاصطناعي مثل استخدام الإرهابيين لهذه التكنولوجيا في تطوير أسلحة بيولوجية أشد فتكا، ومخاطر مستحدثة مرتبطة بالذكاء الاصطناعي تحديدا، مثل اختيار الذكاء الاصطناعي للقضاء على الجنس البشري كحل نهائي لمشكلة التغير المناخي على كوكب الأرض.

المخاطر التي يمثلها الذكاء الاصطناعي غير محددة بوضوح حتى يمكن للباحثين والمطورين امتلاك المبادرة في التعامل مع التهديدات

وبالطبع قد تظهر الحاجة إلى تعديل المناهج المستخدمة للتعامل مع التهديدات الحالية، لكي تضع في الحساب القدرات غير المتوقعة التي يمكن أن يوفرها الذكاء الاصطناعي.

وفي حين أن هناك مخاطر تم توثيقها بسبب تحيزات الذكاء الاصطناعي الحالية، فإن المخاطر المستحدثة التي يمثلها الذكاء الاصطناعي غير محددة بوضوح لكي يتم التعامل معها من خلال السياسات، حتى يمكن للباحثين والمطورين امتلاك المبادرة في التعامل مع التهديدات.

ورغم ذلك يمكن اتخاذ خطوات للاستعداد لهذه المخاطر سواء الحالية أو المستحدثة. وتركز مناهج إدارة المخاطر المستخدمة في قطاعات التأمين والتمويل وغيرها من الأنشطة الاقتصادية على الخطر باعتباره نتيجة محتملة لحدوث شيء ما، يؤدي إلى نتيجة يمكن قياسها  بالدولار.

وهذه المناهج تعمل بشكل جيد في المجالات التي يمكن فيها قياس النتائج بالدولار، مع سهولة التعبير عنها بشكل كمي، وتكون البيانات شاملة بما يكفي للوصول إلى تقديرات يعتمد عليها.

وللأسف فإن هذه المعايير لا تصلح مع مخاطر الذكاء الاصطناعي. وبدلا من التفكير في المخاطر كاحتمالات وتداعيات، من الصعب تحويل السياق إلى كمّ، ويمكن التفكير في المخاطر كمزيج من التهديدات ونقاط الضعف والتداعيات.

ويستخدم هذا المنهج في وكالة إدارة الطوارئ الاتحادية الأميركية للاستعداد للكوارث الطبيعية، وفي وكالة أمن البنية التحتية والأمن السيبراني حيث يتم تقييم كيفية حماية البنية التحتية الحيوية، وفي وزارة الدفاع الأميركية للحد من التهديدات.

ويقول برايس ووددز إنه نظرا إلى أن هذا المنهج لا يعتمد بشكل مفرط على البيانات التجريبية، فإنه يمكن استخدامه للتعامل مع المخاطر المحتملة  مثل الذكاء الاصطناعي.

ولكي يتم تطبيق هذا المنهج مع التهديدات القائمة الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، ستحتاج منظمات إدارة المخاطر لمراقبة تقدم الذكاء الاصطناعي وقدرات التهديدات، وخطورة نقاط الضعف، ونطاق التداعيات لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة لإجراءات إضافية لمواجهة الخطر.

في الوقت نفسه فإن المخاطر الفريدة للذكاء الاصطناعي تظل بنسبة كبيرة خارج نطاق التعامل بسبب جدتها، لكن الأمر يتغير. ففي 5  يوليو الحالي أعلنت شركة أوبن أيه.آي الأميركية للذكاء الاصطناعي عن تشكيل مجموعة “محاذاة التفوق” للتعامل مع المخاطر الوجودية التي يمثلها الذكاء الاصطناعي.

وفي سياق الذكاء الاصطناعي، فإن تعبير المحاذاة يشير إلى الدرجة التي تتطابق فيها أفعال نظام الذكاء الاصطناعي مع نية المصمم.

ويعتبر التركيز على أبحاث المحاذاة  بالنسبة إلى الذكاء الفائق بداية جيدة، لكنها تبدو ضيقة للغاية ويمكن توسيعها في المستقبل.

وأشار باحثون آخرون في مجال الذكاء الاصطناعي إلى مشكلات مرتبطة بالعنصرية والتمييز الجنسي وغيرهما من أشكال التحيز في أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية.

وإذا لم يكن من الممكن تصميم نظام ذكاء اصطناعي آمن ضد العنصرية أو التمييز الجنسي، فكيف يمكن تصميم نظام ينحاز إلى المصالح البشرية على المدى الطويل؟

التكنولوجيا بيد المطورين
التكنولوجيا بيد المطورين

ومع استمرار استثمار الشركات في أبحاث المحاذاة، فإنها تستطيع أيضا التركيز على مواجهة هذه التحيزات المعروفة والموجودة في أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تطورها تلك الشركات حاليا.

علاوة على ذلك فإن للمستهلكين وصناع السياسة دورا في التعامل مع مخاطر الذكاء الاصطناعي. وكما تتعرض أيّ شركة للضغوط من المستهلكين والمساهمين لكي تفصل أيّ مسؤول يدلي بتصريحات عنصرية متكررة، فيجب ألا تتسامح أيّ شركة مع وجود مثل هذه التحيزات في أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها. وهذا النوع من ضغوط المستهلكين والمستخدمين يمكن أن يشجع المطورين على تحسين منتجات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق.

في الوقت نفسه يمكن للسلطات دعم هذا النوع من آليات السوق الحرة من خلال إلزام مطوري وشركات الذكاء الاصطناعي بتقديم المعلومات الخاصة بهذه التحيزات في منتجاتها، وكيفية الرد عليها.

ففي الوقت الذي يمكن أن تكون فيه التطورات الأخيرة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي مربكة ويمكن أن تكون المخاطر الوجودية التي تمثلها من وجهة نظر مجموعات مختلفة من الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي، مثيرة للفزع، فإن الحكومات تستطيع القيام بخطوات تضمن استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة آمنة.

13