دعوة إلى اتخاذ إجراءات وقائية ورقابية حول الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان

جنيف (سويسرا) - تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الجمعة بالتوافق قرارا يدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير وقائية ورقابية في ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي.
وعرضت القرار بشكل مشترك كوريا الجنوبية والنمسا والبرازيل والدنمارك والمغرب وسنغافورة.
وقالت الصين والهند إنهما غير موافقتين لكنهما لم تطلبا طرح القرار للتصويت، وهي ممارسة شائعة عندما تكون دول غير راضية عن قرار ما ولكنها لا تريد عرقلته.
وقالت بكين إن النص يحتوي على عناصر “مثيرة للجدل”، دون الخوض في التفاصيل.
وأثار تطور الذكاء الاصطناعي المتسارع دهشة وقلقًا بين الحكومات والشركات والجمهور. وأثارت قمة “الذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام” لعام 2023 مناقشات على المستوى العالمي حول هذه التكنولوجيا التي يمكن استخدامها لزيادة الإنتاجية، ولكنها قد تنشر أيضًا الإشاعات والمعلومات الكاذبة.
الذكاء الاصطناعي يثير مخاوف كبيرة بشأن التمييز المدمج والعنصرية والتحيز ضد النساء وانتهاكات الخصوصية واسعة النطاق وعدم الشفافية
وبدأ مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، من المفوض السامي إلى الخبراء المستقلين، في توثيق الاستخدامات الضارة المتزايدة للذكاء الاصطناعي التي تنتهك حقوق الإنسان. ويقول سيف ماغانجو المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان “يثير الذكاء الاصطناعي بشكل عام، وليس فقط الذكاء الاصطناعي التوليدي، مخاوف كبيرة بشأن التمييز المدمج والعنصرية والتحيز ضد النساء وانتهاكات الخصوصية واسعة النطاق وعدم الشفافية”.
ويدعو القرار إلى تعزيز “شفافية” أنظمة الذكاء الاصطناعي وضمان أن البيانات المخصصة لهذه التكنولوجيا “تجمع وتستخدم ويتم تشاركها وتخزينها وحذفها” بطرق تتوافق مع حقوق الإنسان.
ونظر المجلس في التقنيات الجديدة ككل من قبل، ولكنها المرة الأولى التي يدرس فيها عن كثب تطوير الذكاء الاصطناعي.
وأكد هذا القرار على أهمية “ضمان وتعزيز وحماية حقوق الإنسان طوال فترة تشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي” كما قال سفير كوريا الجنوبية يون سيونغ دوك، في حين رأت نظيرته الأميركية ميشيل تايلور أن القرار كان “خطوة إلى الأمام” للمجلس.
من جانبه أعلن السفير البلجيكي مارك بيكستين دو بيتسيرف باسم الاتحاد الأوروبي “نحن متّفقون تماما عندما يشدد القرار على الحاجة من بين أمور أخرى إلى اتخاذ تدابير وقائية والعناية اللازمة والإشراف البشري في ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي”، داعيا إلى “مقاربة حذرة” لضمان حماية حقوق الإنسان واحترامها في عالم تتطور فيه التكنولوجيا بوتيرة متسارعة.
إن كانت أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على إنقاذ أرواح من خلال القفزة النوعية في تشخيص الأمراض، يتم في المقابل استغلالها أيضا من قبل الأنظمة الاستبدادية لممارسة رقابة جماعية على المواطنين
ونظرا إلى ما لأنظمة الذكاء الاصطناعي من تعقيد تقني كبير، فهي تبهر بقدر ما تثير القلق. فإن كانت قادرة على إنقاذ أرواح من خلال القفزة النوعية في تشخيص الأمراض، يتم في المقابل استغلالها أيضا من قبل الأنظمة الاستبدادية لممارسة رقابة جماعية على المواطنين.
وضاعف ممثلو الأمم المتحدة وكذلك القادة والخبراء مؤخرا الدعوات إلى وضع لوائح حتى لا تعرض هذه التقنيات الجديدة البشرية للخطر.
ودعا السفير البريطاني سايمون مانلي الجمعة إلى وضع “ضمانات” وشدد على أن بلاده ستستضيف قمة حول الذكاء الاصطناعي في الخريف “للتوصل إلى اتفاق بشأن الإجراءات الأمنية وتقييم ورصد المخاطر المهمة المتعلقة بالتطورات الأخيرة”.
وقال “نحن قلقون للغاية من استخدام التكنولوجيا لتقييد حقوق الإنسان” بما في ذلك التعدي على “الخصوصية”.
وجمع مؤتمر الأمم المتحدة المكرس للذكاء الاصطناعي كبار العاملين والعاملات في مجالات الصناعة والسياسة والبحث العلمي في جنيف لمناقشة قضايا الحوكمة وغيرها.
وحضر المؤتمر نحو 3000 مشارك ومشاركة، من بينهم مسؤولون حكوميون ومسؤولون في الأمم المتحدة ومدراء تنفيذيون في القطاع الخاص وأكاديميون، وتركزت المناقشات بشكل رئيسي على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة والتي تضم 17 هدفًا ينبغي تحقيقها بحلول عام 2030، بما في ذلك القضاء على الفقر والجوع، والتي حددها المجتمع الدولي لنفسه.
ويقول الاتحاد الدولي للاتصالات إنه يرغب في تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي “من أجل منفعة المجتمع” ولكنه يدرك أيضًا أن التكنولوجيا تطرح تحديات.

وتقول أنجيلا مولر رئيسة منظمة “ألغوريتم ووتش” فرع سويسرا إنها “متشككة قليلا” في “سردية ‘الذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام'” الذي تقول إنه في العديد من الأحيان يعتمد منظورًا تكنولوجيًا لحل المشاكل ويصور أنظمة الذكاء الاصطناعي كحل رئيسي للتحديات العالمية.
وعلى الرغم من عدم اعتقادها بأن منظمي القمة لديهم نوايا سيئة، تقول مولر إن “سردية ‘الذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام'” غالبًا ما تتجاهل حقيقة أن عملية تطوير واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون لها تأثيرات كبيرة على البشر والمجتمع، وتعزز الاختلافات القائمة وتستهلك موارد هائلة.
وفي الأشهر الأخيرة أعرب خبراء التكنولوجيا المرموقون بمن في ذلك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك ومؤسس شركة أبل ستيف وزنياك عن مخاوفهم من أنظمة الذكاء الاصطناعي ودعوا إلى وقف تطويرها.
وضمن نظام الأمم المتحدة قدمت اليونسكو أول معيار عالمي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي الذي يستند إلى حقوق الإنسان والذي اعتمدته جميع دول الأمم المتحدة في عام 2021. ويهدف هذا المعيار إلى توفير إرشادات للبلدان في بناء إطارات قانونية للذكاء الاصطناعي.