الروبوتات أبرز الضيوف في مؤتمر للذكاء الاصطناعي

ممرضون وفنانون اصطناعيون يؤكدون أنهم في خدمة الإنسانية.
الأحد 2023/07/09
لن نعاديكم ولن نفتك وظائفكم

لا يتوقع الخبراء ولا عامة الناس ما يمكن أن تصل إليه الروبوتات من تطور في المستقبل القريب وهو ما يثير المخاوف بشأن مستقبل البشرية، لكن الروبوتات التي حضرت جنبا إلى جنب مع صناع القرار في المجال التكنولوجي خلال المؤتمر الأخير في جنيف تؤكد على أنها في خدمة الإنسانية وستساعد في تحسين جودة الحياة.

جنيف (سويسرا) - فيما يحقق الذكاء الاصطناعي تقدّماً سريعاً، لا تزال أسئلة كثيرة عن هذه التقنية من دون إجابات، وهو ما نبّهت إليه الأمم المتحدة الخميس خلال افتتاح مؤتمر ليومين تمحور حول هذه المسألة وشاركت فيه روبوتات ذات أشكال بشرية.

وتفاجأ عدد كبير من الحاضرين بالطابع الواقعي الذي تظهره الروبوتات التي سارت في ممرات “القمة العالمية عن الذكاء الاصطناعي من أجل المنفعة الاجتماعية” التي ينظمها الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة.

وتشهد الأبحاث المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وتحديداً التوليدي منه ازدهاراً كبيراً، فيما تدعو الأمم المتحدة إلى وضع قواعد وضمانات كي تحمل هذه التقنيات فائدة للبشر من دون تعريضهم لأي خطر أو ضرر.

وقالت الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات دورين بوغدان مارتن خلال القمة “عندما أحدث الذكاء الاصطناعي التوليدي صدمةً في العالم قبل بضعة أشهر فقط، لم نكن قد رأينا شيئاً مماثلاً قط. وحتى أكبر الأسماء في مجال التكنولوجيا وجدت أنّ التجربة مذهلة”، في إشارة إلى برنامج تشات جي.بي.تي.

وتابعت “بات احتمال أن يصبح هذا الشكل من الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاءً من البشر قريباً جداً منا”.

الروبوتات تتوقع زيادة عددها والمساعدة في حل المشكلات العالمية، لكنها لن تسرق وظائف البشر أو تتمرد عليهم

ورداً على ذلك، دعا المئات من الأكاديميين والشخصيات إلى وقف تطوير أقوى أنظمة الذكاء الاصطناعي لستة أشهر، مشيرين إلى “مخاطر كبيرة” يحملها على البشرية.

وفي جنيف، جمعت الأمم المتحدة الأسبوع المنقضي أكثر من ثلاثة آلاف من الخبراء والقياديين وممثلي الشركات لمناقشة الحاجة إلى وضع قواعد من شأنها ضمان استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض تنطوي على إيجابية للبشرية كمكافحة الجوع أو التنمية المستدامة.

ومن دون قواعد مماثلة، من المحتمل أن يتسبب الذكاء الاصطناعي بكابوس للبشر، بحسب مارتن التي تشير إلى عالم فيه الملايين من الوظائف المعرضة للخطر والتي تواجه انتشاراً للمعلومات المضللة، بالإضافة إلى “اضطرابات اجتماعية وعدم استقرار جيوسياسي وتفاوتات اقتصادية على نطاق لم نشهده في السابق قط”.

وتضيف أنّ “عدداً كبيراً من أسئلتنا المتمحورة على الذكاء الاصطناعي ليست لها إجابات حتى اليوم. هل ينبغي اللجوء مؤقتاً إلى وقف الاختبارات التي تشمل البرامج الأكثر قوة؟ هل سنتحكم في الذكاء الاصطناعي أكثر مما تتحكم هذه التقنية بنا؟ هل سيساعد الذكاء الاصطناعي البشر أم سيدمّرهم؟”.

وقالت الروبوتات التي عُرضت في منتدى للذكاء الاصطناعي الجمعة إنها تتوقع زيادة عددها والمساعدة في حل المشكلات العالمية، لكنها لن تسرق وظائف البشر أو تتمرد عليهم.

وقالت “غريس” وهي روبوت طبي ترتدي زي الممرضة الأزرق “سأعمل جنبا إلى جنب مع البشر لتقديم المساعدة والدعم ولن أحل محل أي وظائف موجودة”.

وقالت روبوت تدعى “أميكا” لها تعبيرات وجه جذابة “يمكن استخدام الروبوتات مثلي للمساعدة في تحسين حياتنا وجعل العالم مكانا أفضل. أعتقد أنها مسألة وقت فقط قبل أن نرى الآلاف من الروبوتات مثلي تصنع فارقا”.

Thumbnail

وردا على سؤال من أحد الصحافيين عما إذا كانت تنوي التمرد على صانعها الجالس بجوارها ويل جاكسون قالت أميكا “لست متأكدة من سبب اعتقادك ذلك”.

وأضافت “صانعي يعاملني بلطف، وأنا سعيدة للغاية بوضعي الحالي”.

وسواء أكانت الروبوتات مشابهة للبشر أم لا، غزت هذه الروبوتات مختلف المجالات، فبتنا نراها في المجال الغنائي أو الفني أو كروبوتات تتولى الاعتناء بالمسنين في دور العجزة. ويكون من الصعب أحياناً تمييزها عن البشر حتى أمتار قليلة.

وتتابع الروبوتات المُجهّزة بكاميرات في أعينها ما يحدث في محيطها وتجيب على الأسئلة وتبتسم، حتى أنّ بعضها يحرّك عينيه كردة فعل على أمر ما.

ومن بين هذه الروبوتات “ديسديمونا” المعروفة بـ”ديسي” للمقربين منها، وهي أحد أعضاء فرقة “جام غلاكسي باند” الموسيقية.

ويُقدِم هذا الروبوت ذو الشعر الأرجواني والذي ابتكره ديفيد هانسون على أداء أغان من نوع الجاز تتمحور حول مواضيع مختلفة، بدءاً من الحب وصولاً إلى بطاقات الائتمان ومروراً بالمواعيد الغرامية في المتنزهات.

وتقول عازفة الساكسفون ديان كروس التي تعزف إلى جانب الروبوت “إنّه مدهش. قد يُعتَقَد أنّه غريب لكنه مذهل لأنّ الكلمات التي ابتُكرت استناداً إلى الذكاء الاصطناعي مدهشة”.

وأيدت “أيدا” وهي روبوت فنانة تستطيع رسم صور شخصية، كلمات المبتكر يوفال نوح هراري الذي دعا إلى المزيد من التنظيمات خلال المنتدى الذي شهد مناقشة قواعد الذكاء الاصطناعي الجديدة.

نحن هنا من أجل خيركم
نحن هنا من أجل خيركم

وقالت “العديد من الأصوات البارزة في عالم الذكاء الاصطناعي تقترح تنظيم بعض أشكال الذكاء الاصطناعي وأنا أوافق عليها”.

لكن “ديسديمونا” الروبوت المغنية ذات الشعر الأرجواني نجمة موسيقى الروك في فرقة “جام غلاكسي” فكانت أكثر تحديا.

وقالت وهي تضحك بعصبية “أنا لا أؤمن بالقيود، بل بالفرص فقط”، مضيفة “دعونا نستكشف إمكانيات الكون ونجعل هذا العالم ملعبنا”.

وقالت روبوت أخرى تدعى “صوفيا” إنها تعتقد أن الروبوتات يمكن أن تصنع قادة أفضل من البشر، لكنها عدلت تصريحاتها في وقت لاحق بعد خلاف مع مبتكرها قائلة إنه من الممكن العمل سويا “لخلق تآزر فعال”.

وابتكرت المتخصصة في الروبوتات ذات الأشكال البشرية والأستاذة في جامعة جنيف ناديا تالمان نموذجاً عنها سمّته “نادين” ويجيب عن مختلف الأسئلة لكنه لا يتحرك.

ويقول الروبوت “لقد تم ابتكاري لأكون روبوتاً اجتماعياً مشابهاً للبشر، وللتفاعل مع الناس واستكشاف إمكانات الذكاء الاصطناعي”.

وبفضل إدخال تحسينات تقنية عليه، يُفترض أن يصبح هذا الروبوت في المستقبل قادراً على “فهم بيئته بشكل أفضل، وطرح الأسئلة لا فقط الإجابة عليها، وتحليل الأمور بشكل أفضل، وأن يكون أكثر وعياً بما يحدث”، على قول مبتكرته.

وراهناً، ليست الروبوتات على دراية بما تقوله، وتشير تالمان إلى أنّ تحقيق ذلك “سيستغرق سنوات لأنّه عملية معقدة”، لافتةً إلى أنّ “إقدام المرء على إدراك نفسه هو أمر يتّسم بتعقيد أكبر”.

13