الموهبة الإسبانية رودري على طريق المجد العالمي

جوائز فردية وألقاب جماعية تضع لاعب السيتي في سباق الكرة الذهبية.
الأحد 2023/06/25
الألقاب طريق إلى كتابة التاريخ

يعدّ النجم الإسباني رودريغو هيرنانديز (رودري) لاعب مانشستر سيتي أحد أفضل لاعبي كرة القدم في العالم حاليا بعد فوزه بجوائز فردية وتتويجه برفقة فريقه ومنتخب بلاده بألقاب جماعية. ونال لاعب وسط إسبانيا رودري لقب أفضل لاعب في بطولة دوري الأمم الأوروبية بعد فوز “لاروخا” باللقب على حساب كرواتيا. وأكمل رودري (26 عاما) موسما مذهلا إذ اختير أفضل لاعب في دوري أبطال أوروبا ورجل المباراة النهائية قبل نحو أسبوع حين ساعد مانشستر سيتي بطل الثلاثية في تحقيق اللقب القاري للمرة الأولى في تاريخه.

مدريد - توج لاعبا منتخب إسبانيا رودري وإيميريك لابورت بلقب دوري الأمم الأوروبية، ليحصدا لقبهما الرابع في عام 2023 بعد ثلاثيتهما التاريخية مع ناديهما مانشستر سيتي الإنجليزي (الدوري الإنجليزي الممتاز وكأس الاتحاد الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا).

وتوج المنتخب الإسباني بلقب دوري الأمم الأوروبية 2023 بعد فوزه على المنتخب الكرواتي بركلات الترجيح 5 – 4 إثر نهاية الوقتين الأصلي والإضافي 0 – 0، في المباراة النهائية التي أقيمت في مدينة روتردام الهولندية. وفاز رودري بجائزة أفضل لاعب في البطولة بعد المستويات المميزة التي أظهرها مع المنتخب الإسباني خلال مواجهتي نصف النهائي والنهائي على وجه الخصوص.

وما زال بإمكان الثنائي الإسباني إضافة 3 ألقاب أخرى قبل نهاية عام 2023، حيث يملكان إمكانية الفوز بلقب كأس الدرع الخيرية وكأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية. ويواجه مانشستر سيتي في مباراة كأس الدرع الخيرية نادي أرسنال يوم 6 أغسطس القادم على ملعب ويمبلي، قبل أن يواجه إشبيلية الإسباني  بطل الدوري الأوروبي يوم 16 من الشهر ذاته في مباراة كأس السوبر الأوروبي.

وفي ديسمبر 2023 يطير مانشستر سيتي إلى المملكة العربية السعودية التي تستضيف منافسات كأس العالم للأندية في الفترة من 12 إلى 22 من الشهر ذاته. ويذهب الدولي الإسباني في إجازة صيفية بعد موسم استثنائي خاض فيه 57 مباراة سجل خلالها 4 أهداف وقدم 7 تمريرات حاسمة لزملائه. ومن المتوقع أن يحتل رودري، لاعب أتليتيكو مدريد السابق، مركزا متقدما (من بين اللاعبين العشرة الأوائل) في قائمتي جائزة أفضل لاعب في أوروبا وجائزة الكرة الذهبية لهذا العام.

عام لا ينسى

عام مختلف مع الفيلسوف بيب
◙ عام مختلف مع الفيلسوف بيب 

 اعتبر لاعب وسط منتخب إسبانيا ونادي مانشستر سيتي الإنجليزي أن “هذا العام لا يُنسى” بالنسبة إليه؛ بعد أن تُوج فيه مع ناديه بالثلاثية، ومع "الماتادور" بلقب دوري الأمم الأوروبية. وقال رودري، في تصريحات خلال احتفاله مع زملائه في المنتخب بلقب دوري الأمم، داخل إحدى قاعات العاصمة الإسبانية مدريد "لقد كان عاما مذهلا".

كما أثنى صاحب الـ26 عاما على العمل الذي قدّمه باقي زملائه في المنتخب، وقال بهذا الصدد “نمتلك مجموعة مذهلة، لاسيما اللاعبين الشباب، الذين لديهم طموحات كبيرة". وأضاف "وضعنا اللبنة الأولى من أجل مسيرة طيبة لغاية تنتظرنا. هذا اللقب سيمنحنا الفرصة للحلم في البطولات المستقبلية، وهذا الفريق سيمنحنا السعادة. عليكم أن تواصلوا ثقتكم به".

يعد رودريغو من أفضل لاعبي مانشستر سيتي في الفترة الأخيرة، وسرعان ما أثبت نفسه كواحد من العناصر الأساسية داخل فريق المدرب بيب غوارديولا. وربما لم يحالفه الحظ من قبل أن يسجل أهدافا حاسمة مثل هذا الموسم، لكن دائما ما يساعد السيتي في التألق والفوز والسيطرة على المباريات. ومنذ انضمامه من أتلتيكو مدريد عام 2019، شارك في 207 مباراة بقميص السماوي وساهم في 33 هدفا، وما يميزه حقا أنه يقدم دورا محوريا داخل الفريق.

◙ رودري شارك في 207 مباراة بقميص السماوي وساهم في 33 هدفا، وما يميزه حقا أنه يقدم دورا محوريا

بالنجوم مثل مانشستر سيتي، كان الحديث على رودريغو قليلا بين جماهير الساحرة المستديرة لكن "هذا لا ينطبق على عشاق السيتي". ولأن لكل مجتهد نصيب، كان موسم 2022-2023 من نصيب لاعب خط الوسط الإسباني. فبعد الذي قدمه صاحب الـ27 عاما بالموسم الماضي، أصبح حديث الجميع بل ويرشحه معظم المتابعين لكرة القدم حول العالم للفوز بالجائزة الأغلى وهي الكرة الذهبية.

فأفضل لاعب في دوري أبطال أوروبا ودوري الأمم الأوروبية قد ينهي هذا العام بالفوز بسبعة ألقاب، حيث ما زال السيتي ينافس في بطولة كأس درع الاتحاد الإنجليزي والسوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية.

فهل يوجد أفضل من ذلك؟ ليس مستبعد على الإطلاق بعد هذا الموسم الخيالي للإسباني أن نشاهده بين الثلاثي المرشح للكرة الذهبية. وفي يوم عيد ميلاده نلقي نظرة على أبرز ما قدمه رودري في الموسم الماضي.. فقد شارك رودري مع السيتي في 56 مباراة بكل المسابقات، لعب كلاعب خط وسط مدافع في 53 لقاء ومرة كقلب دفاع ومرة كلاعب وسط. سجل الإسباني 4 أهداف وصنع سبعة أخرى، من ضمنها هدفان حاسمان في دوري الأبطال.

لعب بمعدل 4.476 دقيقة في كل البطولات مع السماوي هذا الموسم أكثر من أيّ لاعب في السيتي. خلال آخر عشر أيام في موسم 2022 – 2023، حصد جائزة أفضل لاعب في المباراة مع السيتي في نهائي دوري الأبطال ومع إسبانيا مرتين في نصف النهائي ونهائي دوري الأمم الأوروبية وساعد المنتخب في الحصول على اللقب الأول.

وبشكل عام حقق بطل نهائي دوري أبطال أوروبا أكثر نسبة تمريرات صحيحة برصيد 4068 تمريرة في كل البطولات مع السماوي. وفي طريقه إلى التتويج باللقب الأول، واجه السيتي بايرن ميونخ في ربع نهائي دوري الأبطال.

في فريق ممتلئ

◙ اللعب مع الكبار
◙ اللعب مع الكبار 

وشهدت تلك المباراة هدفا خياليا من رودري، كما قدم أداءً ناريا. ومرر الكرة بنجاح 50 مرة من أصل 61، وقدم مباراة استثنائية ضد البايرن، حيث فاز الإسباني بثمانية من أصل عشر التحامات ثنائية، وتدخل لقطع الكرة ثلاث مرات.

وفي نهائي دوري الأبطال، من الطبيعي أن تكون المباراة مغلقة من كل النواحي ومع زيادة التوتر والضغط، جاءت صاروخية رودري في مرمى إنتر لتحسم لقب دوري الأبطال الأول للسماوي. هدفان في البطولة من خارج منطقة الجزاء تعنى أن الإسباني سجل ثمانية أهداف مع السيتي من أصل 17 من خارج المنطقة.

كما استحوذ على الكرة 105 مرة في دوري أبطال أوروبا أكثر من 26 مرة من أيّ لاعب آخر بموسم 2022 – 2023، وأكثر لاعب منذ كلود ماكيلي من تشيلسي في 2007 – 2008 (109). بعد ضغط مباريات السيتي في ثلاث بطولات مختلفة، استكمل الإسباني أداءه المذهل مع الإسبان ولم يتأثر.

وشارك في مباراة نصف النهائي ضد إيطاليا وساعد إسبانيا في الفوز بنتيجة 2 – 1. كما أن وجوده في النهائي ضد كرواتيا أدى للحفاظ على نظافة شباك إسبانيا وتمديد المباراة والوصول إلى ركلات الترجيح وتسجيل ركلة جزاء مهمة.

◙ لاعب وسط منتخب إسبانيا ونادي مانشستر سيتي الإنجليزي اعتبر أن هذا العام لا يُنسى بالنسبة إليه

وبشكل عام، خاض رودري 12 مباراة مع المنتخب في 2022 – 2023، ولم يخسر سوى في ثلاث مباريات منها. ومرر رودريغو 2877 تمريرة وهو أكثر ثاني لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز. لمس الكرة 1252 لمسة في منطقة الخصم و55 تسديدة على المرمى في المجموع. وساهم في ثماني أهداف بالبطولة، من ضمنها أهداف حاسمة ساهمت في التتويج باللقب الثالث تواليا.

صنع هدف التقدم على توتنهام والذي سجله رياض محرز مما جعل السيتي يقلب الطاولة ويفوز بنتيجة 4 – 2، بعد هدفي توتنهام في الشوط الأول. ومع زيادة شدة المنافسة بين السيتي وأرسنال على لقب الدوري، كان لا بد أن ينتصر فريق غوارديولا في كل المباريات المتبقية، وشهدت مواجهة نيوكاسل يونايتد الذي كان في أفضل حالاته بموسم 2022- 2023، صناعة رودري هدف فيل فودين الأول في اللقاء وقيادة السماوي لانتصار مهم بنتيجة 2 – 0.

واقتربت البطولة من نهايتها وبالجولة 31، مرر رودريغو تمريرة خيالية إلى جون ستونز الذي سجل الهدف الأول بالدقيقة الخامسة ضد ليستر سيتي وتنتهي المباراة بفوز فريق غوارديولا 3 – 1.

بدا أن تتويج إسبانيا بلقب النسخة الثالثة من البطولة الأوروبية خطوة طبيعية في طريق عودة إحدى القوى الكروية الكبرى في القارة العجوز، وحصادا لثمار سنوات من إعادة البناء مع المدرب السابق لويس إنريكي.

وبعد حقبة إسبانيا الذهبية التي هيمنت خلالها على الألقاب الكبرى لسنوات متتالية، حيث فازت بكأس أمم أوروبا 2008 مع المدرب المخضرم لويس أراغونيس، ثم كأس العالم 2010 وكأس الأمم الأوروبية 2012 مع خليفته فيسينتي ديل بوسكي، عاش المنتخب الإسباني سنوات من الضياع والتخبط بعد نهاية جيله الذهبي، ورحيل ديل بوسكي عن منصبه في يونيو 2016.

خطوة طبيعية

◙ رحلة مع الماتادور
◙ رحلة مع الماتادور 

واستمرت سنوات التخبط تطارد المنتخب الإسباني الذي تعاقبت عليه الأجهزة الفنية بداية من جوليان لوبيتيغي ثم فيرناندو هييرو مرورا بالفترة الأولى للمدرب إنريكي بين يوليو 2018 ومارس 2019، وصولا إلى روبرت مورينو الذي حل بديلا لإنريكي لقرابة عام بعد اضطرار إنريكي للرحيل عن منصبه لظروف مرض ابنته زانا، التي فارقت الحياة في أغسطس 2019، وكانت تبلغ من العمر تسع سنوات.

وفي نوفمبر 2019 عاد لويس إنريكي لتدريب إسبانيا وبدأ في بناء فريق جديد معتمدا على قاعدة لاعبين معظمها من الشباب، وخلال ثلاث سنوات نجح في تحقيق برونزية المركز الثالث ببطولة الأمم الأوروبية “يورو 2020″، ثم فضية المركز الثاني في بطولة دوري الأمم الأوروبية 2021، كما نجح المنتخب الأولمبي الإسباني في احتلال وصافة مسابقة كرة القدم في أولمبياد طوكيو 2020 بجيل يضم عددا كبيرا من لاعبي المنتخب الإسباني الأول.

◙ بدا أن تتويج إسبانيا بلقب النسخة الثالثة من البطولة الأوروبية خطوة طبيعية في طريق عودة إحدى القوى الكروية الكبرى في القارة العجوز

ولكن بعد الخروج الحزين للمنتخب الإسباني من دور الـ16 بنهائيات كأس العالم 2022 في قطر فضل لويس إنريكي طي صفحة تدريب منتخب بلاده لتنتقل المسؤولية في ديسمبر من العام الماضي إلى المدير الفني لمنتخب إسبانيا تحت 21 سنة لويس دي لا فوينتي الذي تقدم لمجلس إدارة الاتحاد الإسباني للعبة بخطة شاملة ومفصلة لمشروع جديد لفريق كرة القدم الإسباني. وقال المدرب دي لا فوينتي إن التتويج بدوري الأمم الأوروبية يمكن أن يعيد منتخب بلاده إلى سلسلة

الانتصارات بعد تحقيق أول لقب دولي خلال أكثر من عقد. وصرح دي لا فوينتي للصحافيين "اعتادت هذه المجموعة من اللاعبين على الفوز، لقد فازوا بالكثير ويمكنهم المواصلة، أعتقد أن القدرة التنافسية تعود ويمكننا التطلع للفوز بمزيد".

وشكل أول لقب لإسبانيا منذ بطولة أوروبا 2012 دفعة معنوية لدى لا فوينتي نفسه الذي كان تحت ضغط عقب خسارة مباراته الثانية أمام أسكتلندا بنتيجة 2 – 0 في تصفيات بطولة أوروبا 2024 في مارس الماضي.

وتابع دي لا فوينتي "أعرف هذا الجيل من اللاعبين جيدا وأدرك أنهم لن يستسلموا، شعرنا بارتياح شديد هذا الأسبوع واستمتعنا بحصص التدريبات". وواصل "طلبت من اللاعبين التحلي بالهدوء لأنهم قاموا بعمل رائع، وكنا نستحق الفوز في وقت مبكر، لكن هذا جعل الانتصار أكثر ملحمية”. وأضاف "كنت سأشعر بالرضا إن لم نفز، لكن الفوز يضيف بريقا ويجعل الجميع أكثر سعادة بالتأكيد".

16