هيمنة مانشستر سيتي تضع مسؤولي البريميرليغ في موقف حرج

حسم مانشستر سيتي الصراع على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز للموسم 2022 – 2023 بخسارة مطارده أرسنال أمام نوتنغهام فورست ضمن الجولة 37. وكان اللقب يتجه إلى خزائن أرسنال، لكن قوى الفريق اللندني خارت في الأسابيع الأخيرة من الموسم، في وقت تمكن فيه سيتي من تحقيق الانتصار تلو الآخر، ليفوز باللقب الثالث على التوالي.
مانشستر (إنجلترا) – أدّت هيمنة مانشستر سيتي المحلية تحت قيادة المدرب الإسباني بيب غوارديولا إلى الاستهزاء بادعاء الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم أنه أكثر تنافسية من الدوريات الكبرى الأخرى في أوروبا. وحسم سيتي لقبه الخامس في ستة مواسم السبت قبل ثلاث مباريات من النهاية، منهيا حلم أرسنال بتتويج أول في الدوري منذ 19 عاما، بعد أن تصدر النادي اللندني الترتيب غالبية فترات الموسم. وتبدو هيمنة سيتي شبيهة إلى حد ما بهيمنة بايرن ميونخ في ألمانيا أو باريس سان جرمان في فرنسا، على الرغم من وجود مجموعة من الأندية الثرية في إنجلترا.
ويمكن لرجال غوارديولا تعزيز سمعتهم كأحد أفضل الفرق على الإطلاق في الأسابيع المقبلة من خلال تكرار الإنجاز الذي حققه مانشستر يونايتد الفائز بالثلاثية في موسم 1998 – 1999، وذلك بإضافة لقبي دوري أبطال أوروبا وكأس الاتحاد الإنجليزي.
بعد تتويج مثير ومستحق بلقب الدوري الإنجليزي، أصبح الهدف الجديد لرجال بيب غوارديولا إحراز الثلاثية التاريخية
لكن سيتي حوّل أغنى دوري في العالم إلى سباق أحادي الطرف. وأدى الاستحواذ على النادي من الشيخ منصور بن زايد عام 2008 إلى صعود سيتي من ظل المنافسين المحليين ليصبح القوة المهيمنة في كرة القدم الإنجليزية. وبفضل الاستثمارات الضخمة من أبوظبي، توج سيتي بلقب الدوري سبع مرات في المواسم الـ12 الماضية. لكنه ارتقى إلى مستويات مذهلة منذ وصول غوارديولا عام 2016، أحد أنجح المدربين في تاريخ كرة القدم.
ويعد الغريم والجار مانشستر يونايتد هو الفريق الوحيد الذي نجح سابقا في تحقيق خمسة ألقاب في ست سنوات بين 1996 و2001 بقيادة المدرب الأسطوري الأسكتلندي السير أليكس فيرغوسون. وفعل سيتي ذلك من خلال كتابة التاريخ وتحقيق أرقام قياسية ورفع مستوى الدوري إلى آفاق جديدة، بدءا من حصيلة غير مسبوقة من 100 نقطة في موسم 2017 – 2018. وفي حال فوزه في اثنتين من من مبارياته الثلاث المتبقية، فسوف يكسر حاجز الـ90 نقطة للمرة الرابعة في ستة مواسم، وهو ما نجح فيه يونايتد مرتين فقط في عهد فيرغوسون بأكمله في موسم مؤلف من 38 مباراة.
وكان من الممكن أن تثار التساؤلات أكثر حول حقيقة التنافسية في الدوري الإنجليزي لولا المنافسة التي فرضها ليفربول وأرسنال في المواسم الأخيرة. وحصد ليفربول 97 نقطة في موسم 2018 – 2019 و92 في الماضي، لكنه لم يحقق اللقب بسبب قسوة سيتي الذي لا يقهر.
ومع 97 نقطة، كان ليفربول سيضمن لقب البريميرليغ في كل موسم منذ تأسيسيه عام 1993 (نظامه الجديد) حتى 2017، باستثناء اثنين بسبب سيتي في 2018 (100 نقطة) وفي 2019 (98 نقطة). وموسم 2019 – 2020 هو الوحيد الذي أفلت من سيتيزنز في المواسم الستة الماضية بعد أن حل خلف ليفربول بفارق 18 نقطة (81 مقابل 99).
خبرة سيتي
في حقبة أخرى، كان من الممكن أن يضمن أرسنال اللقب منطقيا بعد حصده 50 نقطة من أول 19 مباراة. لكن سيتي حافظ على آماله بالاحتفاظ باللقب وتسلل ببطء إلى المدفعجية، وذلك بفضل سلسلة من الانتصارات بدأت في فبراير تزامنا مع تراجع نتائج اللندنيين. وقال الألماني إلكاي غوندوغان لاعب وسط سيتي “لدينا فريق ذو خبرة كبيرة والتنافس في المباريات القليلة الأخيرة من الموسم ليس موقفا جديدا بالنسبة إلينا، وهذا يساعدنا كثيرا”. وتابع “الأمر منوط بالبقاء هادئين والثقة بإمكاناتنا”.
ويُعتبر غوارديولا محوريا في الهيكل الكامل لمشروع سيتي الرياضي، وسيُرتقب انهيار الإمبراطورية أو صمودها عندما يرحل الكتالوني أخيرا. وحقق مدرب برشلونة الإسباني وبايرن ميونخ السابق لقب الدوري 11 مرة في 14 موسما كمدرب. ويبدو أنه سيستمر مع سيتي في المستقبل القريب أقله بعد أن جدد عقده حتى 2025 في وقت من سابق هذا الموسم.
وتبدو حظوظ سيتي للفوز بلقب دوري الأبطال للمرة الأولى في تاريخه أكبر من أي وقت مضى بعد وصول المهاجم الفتاك النرويجي إرلينغ هالاند مطلع الموسم الحالي. وانتهى أي تكهن بأن وجود ابن الـ22 عاما من شأنه أن يزعزع استقرار تألق سيتي الجماعي بشكل قاطع بعد أن سجل 52 هدفا في جميع المسابقات في موسمه الأول مع بطل إنجلترا.
وكان قرار هالاند باختيار سيتي على حساب ريال مدريد الإسباني بمثابة انقلاب على فكرة عدم قدرة الدوري الإنجليزي الممتاز على جذب النجوم الكبار، لكن مسؤولي الدوري يدركون أنه في حين يتصدر سيتي وأرقامه القياسية العناوين، ربما قد تؤدي الهيمنة المفرطة إلى الإضرار بالعلامة التجارية العالمية للبريميرليغ في نهاية المطاف.
حلم الثلاثية
بعد تتويج مثير ومستحق بلقب الدوري الإنجليزي، أصبح الهدف الجديد لمانشستر سيتي هو إحراز الثلاثية التاريخية (دوري وكأس إنجلترا ودوري أبطال أوروبا) للمرة الأولى في تاريخه. وأصبح الهدف التالي لسيتي ومديره الفني الإسباني غوارديولا، هو التتويج بالثلاثية التاريخية في الموسم الحالي، وصرح غوارديولا قبل تتويج الفريق بلقب المسابقة المحلية بأنه لا يريد انخراط فريقه في الاحتفال بلقب الدوري من أجل التركيز في التتويج بالثلاثية.
ويخوض مانشستر سيتي المباراة النهائية لمسابقة كأس إنجلترا أمام جاره مانشستر يونايتد على ملعب “ويمبلي” العريق بالعاصمة لندن في الثالث من يونيو المقبل، ثم يخوض المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا أمام إنتر ميلان الإيطالي في العاشر من الشهر نفسه. وإذا أحرز مانشستر سيتي اللقبين، ستكون المرة الأولى في تاريخه التي يتوج فيها بهذه الثلاثية في موسم واحد، علما بأنه لم يتوج من قبل بلقب دوري الأبطال.
وأصبح مانشستر سيتي ثاني فريق يتوج باللقب في ثلاثة مواسم متتالية على مدار تاريخ البطولة بشكلها الحالي “بريميرليغ” وخامس فريق يحقق هذا على مدار تاريخ المسابقة بشكل عام. وسبقه إلى هذا في المسابقة بشكلها القديم كل من هدرسفيلد تاون (من 1924 إلى 1926) وأرسنال (من 1933 إلى 1935) وليفربول (من 1982 إلى 1984) وفي المسابقة بشكلها الحالي مانشستر يونايتد (من 1999 إلى 2001 ومن 2007 إلى 2009).