غموض التغيير الوزاري المرتقب في العراق

بين التغيير الوزاري المرتقب واللاتغيير لازال الغموض يحيط بالمشهد القائم، بين نفي وتأكيد.
فأنت حينما تتمعن في الواقع السياسي الحالي للعراق لا تأتي بشيء جديد، وحال لسان القوم يقول لنا “هذه بِضاعتُنا رُدّت إلينا”، في توصيف للواقع الراكد دون تغيير وخروج عن شروطه وقوانينه أو القفز على المألوف.
وِعود التغيير الوزاري التي أطلقها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لتقييم عمل وزارات حكومته بعد ستة أشهر من عمر هذه الحكومة، وكأنك تنظر إلى ورطة أو مشكلة أَلزمتْ رئيس الوزراء بتلابيب وعود واجبة التنفيذ أو عهود قد تُصعّب من عمل الحكومة وقد يُكتب لها خاتمة إذا لم تُحسن إدارة الأزمة، ونعتقد أن السوداني تمنّى في لحظة ما لو لم يُطلق تلك التصريحات ويُعاهد نفسه على إنجازها.
تغيير مرتقب أم لاتغيير؟ ذلك هو السؤال الذي يُحيّر المتابع للمشهد السياسي في العراق، حقاً لقد أصبحت القضية أُحجية.
لازال السوداني يتحدث عن إجراء تبديل وزاري، لا يُعلم أعداد الوزارات المشمولة بالتقييم، ولم يعد عند جُهينة الخبر اليقين.
التغيير لم يعد مشكلة في أن يكون قبل إقرار الموازنة للبلد أو بعدها، لأنه كما يبدو تحول إلى معضلة بين السوداني وشركائه في العملية السياسية، ويبدو من استقراء الأحداث أن هناك من يرفض ذلك التقييم حتى ولو كان لإصلاح اعوجاج إداري وتنفيذي في أداء الوزارات.
◙ التغيير الوزاري الذي ينوي السوداني القيام به سيضعه في اختبار حقيقي في تبعيته للإطار التنسيقي والقوى السياسية التي تشاركت معه، أم إنه قرار تَمرُّد على قوانين النظام السياسي
مُقرّب من ائتلاف نوري المالكي الشريك الداعم لحكومة السوداني ضمن الإطار التنسيقي أكد جازماً في لقاء مُتلفز أن حكومة السوداني ائتلافية ولا يمكنه إجراء التغيير إلا بالرجوع إلى الشركاء، وفي حال تفرّده بالقرار فإن ذلك سيسلبه الاستقرار، في إشارة إلى سحب الثقة فيما لو أصر على قراره.
ائتلاف المالكي اعترف أن الشركاء من القوى الكردية والسنية فرضوا شروطاً تعجيزية على الإطار التنسيقي، حيث لا يمكن تطبيق تلك البنود التي تخالف الدستور، معتبراً أن بعض بنود وثيقة الاتفاق التي وِقّعت بين أطراف ائتلاف إدارة الدولة عبارة عن ألغام.
هل هناك تغيير وزاري مرتقب؟ من واقع المشهد السياسي أن السوداني يواجه صعوبة في إقناع الآخرين بقراره الوزاري، خصوصاً وأن ذلك القرار قد يشمل وزارات تهيمن عليها أحزاب وكتل لا تتمنى أو تريد أن يتجاوز السوداني على حصصها.
من جانبه تحالُف محمد الحلبوسي وجدها فرصة سانحة في تحذير الإطار التنسيقي من المشاركة بتخريب البيت السني عبر التنصل من ورقة الاتفاق السياسي، منوهاً إلى الإضرار بالعملية السياسية.
بالمحصلة لازال السؤال قائماً وهو هل حسم ائتلاف نوري المالكي الجدل بأنه لا يوجد تغيير وزاري خلافاً لما يتحدث به السوداني، أم إنه بداية لصراع سياسي بين السوداني وشركائه في العملية السياسية؟
توقعات الأحداث القادمة تخبرنا عن أن صراع الإرادات قائم، والتنافس يشتد بين الأطراف ليثبت كل منها غلبة قراره في المشهد، لكن في كل الأحوال فالتغيير الوزاري الذي ينوي السوداني القيام به سيضعه في اختبار حقيقي في تبعيته للإطار التنسيقي والقوى السياسية التي تشاركت معه، أم إنه قرار تَمرُّد على قوانين النظام السياسي الذي اعتاد أن يفرض شروط الطاعة والولاء لكل من يتولى المسؤولية التنفيذية في البلد؟
ذلك هو الامتحان الحقيقي للسوداني.