الفساد أكبر تحد يواجه حكومة السوداني

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في الذكرى العشرين لاحتلال العراق، أن الفساد يمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه العراق، حيث وصفه بأنه لا يقل خطورة عن تهديد الإرهاب. ويتفق أغلب الشعب العراقي على أن الفساد يرتبط بتلك الفترة المظلمة التي أعقبت الاحتلال وما تلاها من تفش للفساد في مؤسسات الدولة كافة، وكذلك السياسات التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة في مكافحة الفساد، بالإضافة إلى التركة الثقيلة التي ورثتها الحكومات بعد عام 2003 من فساد وانهيار لمؤسسات الدولة كافة.
من أهم عوامل الفساد التوزيع الانتقائي للخدمات قبل عام 2003، الأمر الذي خلف حالة من التجهيل والتخلف لهذه المناطق على حساب مناطق أخرى، بالإضافة إلى تدهور الاقتصاد العراقي بشدة في تلك الفترة. ناهيك عن صور الفساد التي ظهرت جلية في برنامج النفط مقابل الغذاء، والذي حصل من خلاله النظام السابق ودائرته على غالبية المنافع، وأشار تقرير المفتش العام الأميركي الخاص بإعادة إعمار العراق إلى أن ما لا يقل عن مليار دولار من أصل 60 مليار دولار خصصت لإعادة الإعمار قد أهدر بالكامل.
◙ يتفق أغلب الشعب العراقي على أن الفساد يرتبط بتلك الفترة المظلمة التي أعقبت الاحتلال وما تلاها من تفش للفساد في مؤسسات الدولة كافة
بعد 20 عاما لا تزال الخدمات والبنى التحتية في العراق متضررة بشدة، بسبب تفشي الفساد وسيطرة الأحزاب على أغلب المشاريع في البلاد، بالإضافة إلى البيروقراطية التي سادت عملية الإصلاح والتطوير والإعمار، حيث تشير التقارير وفق دراسة أميركية أعدت لهذا الغرض إلى أن ثلث المتوفين بين عاميْ 2003 و2011 كانت وفاتهم بسبب سوء الخدمات العامة، ومن بينها الخدمات الصحية وسوء البنى التحتية.
احتل القطاع العام في العراق المرتبة 23 بين دول العالم الأكثر فسادا في عام 2022، وهو رقم قد تطوّر كثيرا حيث كان ثاني أكثر القطاعات فسادا في عام 2006، الأمر الذي أثار الشباب المحبطين من آثار الفساد على الخدمات العامة وتردي الاقتصاد، ودفعهم إلى الخروج بالاحتجاجات المطالبة بتوفير الخدمات ومحاربة الفساد.
تشعر الأجيال الشابة في العراق بأنها بعيدة كل البعد عن ممارسة دورها والمشاركة في القرار السياسي، ما جعلها بعد مرور 20 عاما تصاب بخيبة أمل في تحقيق رغباتها وأمانيها، لذلك لم تحقق أي تظاهرات سلمية أي تغيير ملموس، وهذه علامة على صعوبة تحقيق العراقيين لتطلعاتهم في بلاد لا تحكمها المؤسسات والقوانين، بقدر ما تحكمها قوة المال والسلاح.
العراق يعيش حالة استقرار نسبي، على الرغم من التراجع في عدة ملفات ولكن بشكل عام، لأن الإهمال والاستبداد والفساد هي نتائج ثانوية للغزو الأميركي الذي أصاب المؤسسات العراقية كافة، ورغم الجهود المضنية التي تقوم بها حكومة السوداني في هذا المجال إلا أن الواقع الخدماتي يحتاج إلى إرادة قوية لتنفيذه. هذا بالإضافة إلى إبعاد التأثير السياسي والحزبي في أي خطوات في عمل الحكومة، الأمر الذي ينعكس على خطوات الإنجاز الفعلي على الأرض.