فوزية بنت سيف الفهدي: تطور السرد العماني ليس من فراغ

ناقدة عمانية تدعو إلى استثمار الأدب في التنمية.
الثلاثاء 2023/03/28
المكان العماني مؤثر في أدبائه (لوحة للفنان أنور سونيا)

لطالما كان الأدب وسيلة هامة للتأريخ ووثائق نقلت إلينا الكثير من التفاصيل التاريخية من الأمكنة والأزمنة والأحداث، ووثقت كذلك للأشخاص، فلولا شعر المتنبي مثلا لما عرفنا سيف الدولة الحمداني، ولولا امرئ القيس والمهلهل وعمرو ابن كلثوم وغيرهم لما اكتشفنا خفايا الجزيرة العربية قبل الإسلام. وإيمانا بدور الأدب التاريخي والمعرفي والاقتصادي تكتب الناقدة العمانية فوزية بنت سيف الفهدي التي كان لنا معها هذا الحوار.

خميس الصلتي

مسقط- تقدم الكاتبة والباحثة العمانية الأكاديمية فوزية بنت سيف الفهدي رؤية مغايرة حول النقد وأسسه في سلطنة عُمان من خلال أطروحاتها الأدبية وأبحاثها المتعددة التي تظهر للمتلقي بين الحين والآخر، من بينها كتاب “صائغ الكلام”، الصادر حديثا عن دار الرافدين، وكتاب “المكان في القصة القصيرة العمانية (الواقع والمتخيل)”، ومن خلال تلك الإصدارات تقترب من الواقع الأدبي في بلادها وفي العالم العربي بصفة عامة، لتوجد أدوات تتوافق مع ما يطرح برؤية الناقد والمتتبع لأثر ذلك الأدب.

تتحدث الفهدي عن آخر نتاج أدبي لها، ووقوفها على السيرة الأدبية لابن رشيق، والمحفزات التي جعلتها أكثر قربا من هذا الأديب والناقد العربي وما وجدته في فلسفته الفكرية الأدبية وتقول “في الحقيقة لست من الكتاب الذين يكثرون من الإنتاج الأدبي أو الإصدارات البحثية من خلال الكتب، لأنها مشروعات تحتاج إلى وقت كبير ورؤية عميقة ودربة واسعة في الكتابة وقراءات عميقة ودقيقة وتحليل منهجي رصين”.

وتضيف “أنا مازلت أتحرى طريقي في البحث العلمي في مجال الدراسات الإنسانية، وأقرأ لأكون طالبة علم مجتهدة، وعندما أصل لأن أكون حجة في تخصص دقيق بالتأكيد سأسعى لأن يكون لدي مشروع علمي وحضاري أستطيع من خلاله الإضافة إلى الكم الهائل من المعرفة اليوم، لهذا أنا من الباحثين الذين يركزون على النوع لا الكم، ويتحرون العمق والدقة كما أزعم”.

ابن رشيق القيرواني

بوكس

تقول الفهدي “إذا تحدثنا عن كتاب ‘صائغ الكلام’ الصادر حديثا عن دار الرافدين فهو بحث في المسيرة الأدبية لابن رشيق، والذي عُرف عبر التاريخ الأدبي بالقيرواني (390 – 456 هـ)، عاش في نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس الهجري في حاضرة أفريقية آنذاك مدينة القيروان، بعد أن انتقل من مدينته المسيلة الواقعة في الجزائر حاليا، وقد كانت أفريقية آنذاك تحت حكم الصنهاجيين من أسرة بني زيري (462 – 555 هـ) الذين رفعوا من قدر العلماء، واهتموا بالحياة الثقافية والفكرية أيما اهتمام”.

وكان من أثر اهتمام الصنهاجيين بالعلم، وفق الفهدي، نشأة مدرسة علمية وفكرية أطلق عليها، حديثا، الشاذلي بويحيى “مدرسة القيروان”. إذ بدأ الإنتاج العلمي والفكري من علمائها يأخذ منحى تأسيسيا لمدرسة مميزة، بدأت تضيف إلى التراث الفكري والحضاري للأمة الإسلامية آنذاك، فتبوأت القيروان مكان المدينة الحضارية التي يشع منها العلم والفكر منتقلا إليها من دمشق وبغداد، لتكون حاضرة العالم الإسلامي في نهايات القرن الرابع وبدايات القرن الخامس الهجريين.

وتضيف “من حيث المحفزات لاستعادة ابن رشيق، فقد كانت كثيرة أهمها: استناد الكثير من الباحثين والدارسين في مجال الأدب والدراسات، حتى الآن، إلى كتابه العمدة في محاسن الشعر وآدابه، رغم قدمه، فأردت أن أكشف عن خصوصية خطابه النقدي فيه، كما أن ابن رشيق بحر من العلم تنازعته الدول الحالية بينها في الانتماء، وذلك لما وجدناه في بعض الدراسات الحديثة من خلال بعض الباحثين، فمنهم من قال إنه من الجزائر لأنه ولد في المسيلة، وبقي فيها حتى عمر السادسة عشرة، ومنهم من قال قيرواني، ومدينة القيروان الآن تقع في وسط من تونس، فأردنا أن نوقف هذا التنازع الذي يجدد الجدل في انتمائه، لنقول كلمتنا من خلال النصوص التي كتبها ابن رشيق نفسه، والهوية التي اختارها لذاته، وهذه قضية مهمة جدا ما زلنا نعيش فيها ونحن في عمان واقعون في دائرتها في عملية تنازع العلماء، كالخليل بن أحمد الفراهيدي، وأحمد بن ماجد السعدي”.

وتوضح أن بالنسبة إلى فلسفته وأفكاره ومشروعه الحضاري، فقد اختارت أن تجمع أعماله التي مازالت باقية حتى اليوم، وثبتت نسبتها إليه وهي ديوانه الشعري الذي حققه عبدالرحمن ياغي في ثمانينات القرن الماضي، وكتابه في السرقات الذي عنونه بـ”قراضة الذهب في نقد أشعار العرب”، حققه وقدم له الدكتور الشاذلي بويحيى، وكتابه الموسوعي “العمدة في محاسن الشعر وآدابه”، وأخيرا كتابه في التراجم الأدبية “أنموذج الزمان في شعراء القيروان”.

وتتابع “يبدو من أعمال ابن رشيق أنها ذات تعدد وتنوع قد يصفها بالتشتت، لكن دراستنا لها جميعا كشفت عن منطق يوحد بينها، ويجمع تعددها رغم تنوع مشاغلها، فهي أعمال تنطلق من هم ومنطق ورؤية واحدة، نتبين من خلالها مشروع ابن رشيق النقدي وتصوره للعملية الأدبية، وعبارة ‘العملية الأدبية’ ليست من مصطلحات أعمال ابن رشيق النقدية، ولكن مفهومها هو الموضوع الذي يجمعها، وهو مفهوم يجمع العملية الإبداعية (كيف يتكون النص؟) والعملية النقدية (كيف يُقيم النص؟) والعملية البلاغية (كيف ينجح النص؟)، فهذه عمليات ثلاث مختلفة في الظاهر ولكنها مترابطة تمثل، في الأصل، عملية موحدة ينطبق عليها مفهوم العملية النقدية في معنى النقد الواسع، الذي ندرس فيه صناعة الكتابة في مستوى التكوين، ومستوى التقييم، ومستوى الانتقاء”.

سحر المكان العماني

بوكس

الأدب العُماني مسكون بهاجس المكان وحيثياته، إذ ينطلق في عمومه من الجغرافيا المحيطة به، وهنا تشير الكاتبة الفهدي إلى أن ذلك كون لها رؤية حديثة تتجسد في التوظيف السياحي لشعرية المكان في الأدب، وتقول “بالفعل الأدب العماني مسكون بعنصر المكان وكل متعلقاته، وهو أمر يدعو إلى التفكير والتأمل، لأن هذا الأمر يعكس تشبث العماني بأرضه بكل ما فيها، وهو متأثر بقوة بما انطبع في ذاكرته عنها، متعلق بعناصرها، ويجدها مكانا يستحق التحدي والكتابة عنه، فعُمان بلد الحضارات القديمة، والأسئلة المتكررة، وقد كان كتابي الأول دراسة عن المكان في القصة القصيرة العمانية، درست فيه المكان وتجلياته من حيث الواقع والمتخيل في جملة من المجموعات القصصية التي صدرت لكتاب عمانيين وكاتبات في الفترة من 1993 حتى 2003، وقد كانت فترة زاخرة بالإنتاج القصصي لدى العمانيين وقتها والكتاب متوفر في النادي الثقافي لمن أراد اقتناءه”.

وتوضح الباحثة أن لها بحثا علميا عن التوظيف السياحي لشعرية المكان، حيث حاولت فيه تقديم رؤية لتوظيف تجليات المكان السحرية في الجانب السياحي، من خلال نصين: شعري وسردي: الشعري كان النص الأصلي وهو “قصيدة الفتاة النزوية المسحورة” التي اشتهرت قصتها، ويقال إنها حدثت في نزوى في عهد السلطان اليعربي سيف بن سلطان – قيد الأرض – (ت 1711 م)، ووردت القصيدة في كتاب تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان لنورالدين السالمي في جزئه الثاني، والثاني نص سردي، هو أولى روايات الكاتب محمود الرحبي “درب المسحورة”، هذه الرواية تعد تناصا للقصيدة الشعرية التي أوردها السالمي في تحفته.

وتكمن أهمية البحث في هذا الموضوع من خلال ما تشهده السياحة الثقافية من اهتمام وتركيز ملاحظ في مختلف الإجراءات والعمليات التي تقوم بها الدول في إطار الاهتمام بالمواقع والمعالم التاريخية والعمل على ترميمها، لإبراز الجانب الحضاري العريق في المنطقة عامة وسلطنة عمان بصورة خاصة، وهو ما يمكن أن يؤسس لصناعة سياحية مستقبلية تتوارثها الأجيال وتعمل على تنميتها وتوظيفها في التنمية الاقتصادية الدائمة.

وتشير الفهدي في شأن المكان إلى أنها توصلت بعد تحليل القصة في الشعر والسرد إلى أن القصة مثلت صورة لمجتمع يتعاطى الشعر بأريحية ويعبر من خلاله عن جوانب حياته الثقافية والاجتماعية، وهو ما يمكن أن يعطي مؤشرا لمجتمع يعيش بالشعر ويعبر به عن أفكاره وتأملاته، وبهذا ترتفع لغة المجتمع إذ ذاك من لغة عادية إلى لغة ثقافية راقية، تعبر عن رقي المجتمع وتشبعه باللغة العربية العالية.

وترى أنه يمكن توظيف النص بسحريته وغرائبيته وما يدخل في إطاره من نصوص سردية وقصصية في إطار المعطى الثقافي الذي يمكن استثماره في التنمية الاقتصادية من خلال البوابة السياحية وخاصة السياحة الثقافية، التي تتعدد صورها في صناعة العناصر الفضائية المكانية والعناصر الثقافية والعناصر الترفيهية للسائح، موضحة أن ثيمة المكان في النصوص الشعرية والسردية خاصة العجائبية منها يجب أن تدرس بصورة عميقة في هذه الأعمال، لاستثمار هذا المنجز الفكري في الجانب السياحي خاصة السياحة الثقافية والاستعانة بالتجارب العالمية التي سعت إلى إنشاء الأفضية العجائبية من خلالها، كالألعاب المتصلة بهذه الفضاءات والمتاحف الناقلة لهذه الأجواء بتقنياتها العلمية الحديثة في الصوت والمؤثرات البصرية، أو المناطق المنشأة خصيصا لاستقطاب السائح وفق أجواء سحرية تنقل له القصة بصورة شائقة ومؤثرة. أو غيرها من الأفكار.

بوكس

وفي السياق ذاته صدر للباحثة إصدار نقدي بعنوان “المكان في القصة العُمانية ـ الواقع والمتخيل”، توضح فيه كيف استطاعت القصة في سلطنة عُمان استيعاب مفردة المكان، وحول ما يميز هذا الإصدار عما سبقه من الدراسات في هذا الشأن تؤكد أن حضور المكان باعتباره موضوعا أو ثيمة مهم وقد منح الخصوصية للقصة العمانية القصيرة في نهايات القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، وقد اهتم البحث بتوضيح حضور المكان ضمن إطارين رئيسين: الواقع والمتخيل وصور حضور المكان في كل إطار بعد مناقشة مفهوم كل منهما.

وقد حاولت الكاتبة أن تظهر في عملها خصوصية حضور المكان من خلال مفهوم المكان بين الواقع والمتخيل، عبر الآليات التي وظفها القاص العماني من خلال لغة التكثيف والإيحاء، وإظهار المتناقضات، ووجود علاقات التضاد والصراع، وما فعله المكان من أثر على الإنسان الذي عاش عليه بإظهار جمالياته، وتذكر مرابع الطفولة فيه، وانبهار المخيلة به، وكذلك كشفت من خلال الدراسة عن آثار التحول من هذا المكان الأليف إلى غيره عن طريق مناقشة ثنائية الاغتراب والوحدة، وكيف أظهرت النصوص تفاعل العمالة الوافدة مع المكان الجديد، وملامح التعلق به. كما سعت إلى أن تظهر آثار الإنسان على المكان من خلال التغيير فيه، والقيام بأنسنته في بعض النصوص ليرقى إلى رتبة كيان حي يخاطب.

وقد كانت الدراسات التي قبل كتابها تظهر المكان واقعا من خلال ذكر عناصره كالمدينة والقرية وما وجد فيهما من عناصر رصدها النص القصصي كالبحر والسهول والجبال…إلخ، بينما عالج كتابها صور حضور المكان في هذين المكانين وغيرهما وتطرق إلى أنواع الأمكنة الجغرافية التي ذكرها القاصون، حتى الأمكنة التي تلبستها الغرائبية وانتشرت فيها أجواء السحر والوحشة، وما نطق به الإنسان في هذا المكان من نصوص عكست ثقافته وخصوصية تفكيره كالأغاني، والأمثلة والعادات الخاصة، وبعض التقاليد في المناسبات الاجتماعية الخاصة.

وتتعدد القراءات النقدية في مجال السرد في سلطنة عُمان، إلا أن البعض يراها مقاصد شخصية وحاجة لاكتساب لقب علمي، وهنا تفسر الفهدي ذلك، ومدى الحاجة إلى التخصص في شأن النقد اليوم موضحة أن النقد هو النقر، بمعنى أن النقد هو عملية تصف التعاطي مع النصوص المختلفة من خلال معاودة القراءة، وقد تتحدد الورقة المكتوبة عن أي نص من منطلق النص الأدبي نفسه، فتسمى وقتها قراءة، وقد يخضع النص لمنهج نقدي علمي واضح يُقرأ من خلاله، ويكون مناسبا له، يظهره أكثر، ويبرز ما يقوله النص بقوة أكبر، فيشع النص بكل ما يحمله من خطاب، وغالبا ما يكون النص المقروء أو المدروس ضمن تلك المنهجية ذا طاقة تخييلية كبيرة، بما تحمله لغته من اكتناز وتكثيف وإيحاء، يُنقل عن طريق الصور والاستعارات والمجازات.

وتبين الباحثة في حديثها “نحن محتاجون أكثر من أي وقت مضى إلى التخصصية، لأن معظم العلوم التطبيقية والنقدية تنطلق من مبادئ فلسفية عُدتها الحس النقدي أي التفكير الناقد، والحيرة العلمية. محتاجون إلى التأسيس الفلسفي للعلوم لنفهم المبادئ والأسس، ولننطلق بعد ذلك في الإضافة واكتشاف نقاط الطرافة في العلم. إننا نسعى من خلال بحوثنا إلى توخي الموضوعية، والابتعاد عن الارتسامات الذوقية، وتجنب الأحكام المعيارية، والتعميم، وتجويد المصطلحات وتجريد المفاهيم، والأمانة العلمية في طرح القضايا ومناقشة الأفكار”.

السرد العماني

◙ يمكن توظيف الشعر سياحيا
يمكن توظيف الشعر سياحيا

من خلال تتبع الكاتبة للنتاج الأدبي السردي في سلطنة عُمان على وجه الخصوص، تذهب لتشير إلى مهارات النقد التي تتناسب مع واقعه لتفكيك حيثياته، وهنا توضح أن النتاج الأدبي السردي في عمان شأنه شأن أي نتاج أدبي إنساني في كل مكان، بمعنى أنه نتاج وجودي كوني قابل للقراءة من أي منطلقات فكرية، لأنه في النهاية من إبداع مخيلة إنسان، ونتاج لفكره، وما يميزه أنه خطاب بالغ الخصوصية من خلال المعطيات الثقافية، لا يقتحم غماره ويسبر أعماقه إلا الذي قرأ تاريخ الإنسان على هذه الأرض، وتعرف على مكنوناته الثقافية، والعدة الفكرية والاجتماعية والثوابت الدينية التي نشأ عليها، والظروف التاريخية والسياسية التي تعرض لها.

وتشدد على أن الكاتب العماني قد نشأ متأثرا مستمعا لبعض حكايات أرضه، متصلا ببعض الأجداد الذين عايشوا كل ذلك وتأثروا به ونقلوه من خلال الموروث الشفوي اللساني، أو الإنتاج العلمي، فالكاتب العماني غالبا ينطلق من جذوره ناقلا أو ناقدا أو محاكيا لها.

وتقول الفهدي إن “الدراسات النقدية الحديثة التي خرجت في أطاريح الماجستير والدكتوراه من قبل طلاب أقسام اللغة العربية وآدابها في مختلف الجامعات في عُمان وخارجها، تثبت أن النتاج العماني الحديث وتراثه الثقافي والفكري غني بالمعطيات التي توجد في الباحث الحيرة العلمية، وتنسج من نفسه حسا نقديا، وتدفعه إلى قراءات علمية متعددة، تتناول مواطن جودته ونقاط هناته وضعفه، وهذا شأن أي عمل إنساني قد يرتفع بسماته وآليات التجريب فيه، وقد تنتابه هنات يقع فيها المبدعون والكتاب في مسيرة تطورهم”.

وتوضح أن هناك بحوثا انطلقت من المناهج الحديثة في النقد بدءا من البنيوية وانتهاء بالشعريات المعرفية، وهناك بحوث أطرت عملها من منطلق النصوص وقرأتها وفق معطياتها من منطلقات تأليفية تحرك الأسئلة، وتعيد أسئلة الشك الديكارتية، وهناك دراسات حاولت البحث في نظريات علمية وقاربت بها النصوص من خلال آليات ومقاربات تحليل الخطاب، ومنها السيميائية والتداولية والتأويل وغيرها.

النص الأدبي من نصوص سردية وقصصية وشعرية يمكن أن يكون معطى ثقافيا يمكن استثماره في التنمية الاقتصادية

وحول مسألة أن الأدب السردي في سلطنة عُمان قطع شوطا كبيرا، ووصل إلى العالمية من خلال محافل كبرى احتفت به، تقول الباحثة إن “وصول الأدب العماني إلى العالمية أمر يدعو إلى الفخر والاعتزاز، فالعماني مبدع غذته التجربة وصقلته المعرفة والتاريخ الطويل المتجذر في نفسه، وكان لابد له من الظهور والانكشاف يوما، لأن تراثه عميق وكبير”.

وتضيف “لقد وصل الأدب السردي إلى منصات التتويج، لأن المبدع العماني لا يكتب من فراغ، وليس وليد الصدفة في الكتابة، بل هو قارئ قبل ذلك ومجرب، وخبير بشؤون الكتابة ومزالقها، وقد ساعد على ذلك شغفه بالتجريب، وقراءته لواقعه وتاريخه، وهمه بأن يصنع تاريخا لهذه الأمة حتى يشعر أبناؤنا بالفخر والانتماء العميق إلى الأرض والتاريخ والمعطيات، ويستمر عطاء الكاتب العماني مخلدا لكل ما هو عظيم، هذه العظمة تعكس قوة هذا الإنسان وتحديه لواقعه، ومحاولاته المتواصلة لأن يضيف ويعطي ويترك أثرا، فهو إنسان عصي على الصعوبات والمثبطات، والأدب العماني في كل أشكاله يكشف عن هذا”.

وتختم حديثها “إن من أهم النقاط التي يمكن أن نعتبرها معززة لهذا التفوق هي القراءة الناقدة للتاريخ، والعمق المعرفي، وخصوصية الكتابة السردية المتسمة بالتجريب والاكتناز واللغة العميقة الواصفة، والرسائل الفكرية والثقافية المختبئة خلف المضامين السردية، والشخصيات المختارة للعمل السردي. كما أشير هنا إلى دور الترجمة المميزة التي تنقل العمل وتجعل له نصا موازيا من خلال نقله إلى لغة وثقافة أخرى، والدور الكبير الذي يقوم به المترجم من عملية إبداعية أخرى تنقل العمل وترفع من قيمته الثقافية”.

13