ما وراء التغيير المرتقب في حكومة السوداني

يترقب العراقيون تغييراً وزارياً يلوح في الأفق يشمل بعض الوزارات في حكومة محمد شياع السوداني يجري الإعداد له، خصوصاً بعد مرور ما يقارب أربعة أشهر ونصف على ولادة حكومة متعسّرة أنتجتها عملية قيصرية كُتب لها الانبثاق بعد انسحاب مقتدى الصدر الفائز في الانتخابات من مفاوضات تشكيل الحكومة.
لم يتبق من الفترة الزمنية التي وضعها السوداني لاختبار منهاجه الحكومي سوى شهر ونصف، ازدادت خلالها التكهنات حول الوزارات المشمولة بالتغيير، حتى قيل إنها ربما تكون من ثلاث إلى خمس وزارات، في حين لا يخفي بعض السياسيين تخوفهم من أن تكون تلك التغييرات المرتقبة ذات طابع سياسي أو بضغط خارجي، خصوصاً ما يتم تداوله من تغيير وزارتين أو ثلاث ينتمي وزراؤها إلى فصائل مسلحة تفرض عليها واشنطن عقوبات، وهي وزارتا التعليم والعمل اللتان لم يلتق وزيراها بالسفيرة الأميركية ألينا رومانوسكي بخلاف جميع وزراء حكومة السوداني الذين التقت بهم، في إشارات واضحة ربما إلى الضغط على السوداني في شمولهم بهذا التغيير.
◙ بالرغم من كل ما يقال في العلن من إعطاء الحرية الكاملة لرئيس الوزراء لاختيار فريقه الوزاري، إلا أن المخفي ربما يتحدث عكس ذلك
وكذلك أيضا وزيرة الاتصالات التي يجري الاعتراض على إدارتها من قبل القوى السنية والكردية، حيث لا تخفي تلك الأطراف انزعاجها من طريقة إدارة الوزيرة المحسوبة على منظمة بدر لهادي العامري في استخدام أسلوب الإقصاء الطائفي لإبعاد الموظفين في الوزارة من السنة والكرد واستبدالهم بالمكون الذي تنتمي إليه الوزيرة حصراً، وهو ما دفع تلك الأطراف إلى مطالبة الإطار التنسيقي لشمول الوزارة بالتغيير الذي لم يرفضه الأخير.
التعليم والعمل والاتصالات ربما هي الأكثر شمولاً بالتغيير لارتباط وزرائها بفصائل مسلحة امتعضت منهم واشنطن إلى درجة وضعهم في القوائم السوداء للعقوبات.
بعض المصادر السياسية تتوقع أن يتّسع حجم التغيير ليشمل وزارات ليست ضمن القائمة مثل وزارة الموارد المائية، التي لم تنتج حلولاً مرضية لأزمة الجفاف وشح المياه التي يعاني منها العراق حالياً، ووزارة الكهرباء التي دائماً ما يكون وزيرها كبش فداء مع اقتراب أيام الصيف الحار في العراق، وفشل محاولات إيجاد الحلول اللازمة للأزمة التي تُشعل تظاهرات شعبية غاضبة عند دخول البلد في منتصف أيام الصيف القائظ.
إضافة إلى وزارة النفط، وهي وزارة سيادية بالعُرف الحكومي والتي ستكون المنافسة عليها بأعلى مستويات الضراوة للاستحواذ عليها من قبل الأحزاب، لما تمثله هذه الوزارة من إيرادات مالية ضخمة تكفي لتمويل أحزاب وكتل سياسية تتصارع الهيئات الاقتصادية للحصول عليها. وبالمحصلة سيكون الصراع على من يستحوذ على هذه الوزارة أو تلك من أجل المغانم، وليس على أساس الإنجاز.
◙ بعض السياسيين لا يخفون تخوفهم من أن تكون التغييرات المرتقبة ذات طابع سياسي أو بضغط خارجي، خصوصاً ما يتم تداوله من تغيير وزارتين أو ثلاث ينتمي وزراؤها إلى فصائل مسلحة
لم يتبق من المُهلة التي وضعها السوداني لحكومته والبالغة ستة أشهر سوى شهر ونصف بعد أن انقضت منها أربعة أشهر ونصف، ليعلن قراره البدء بالتغيير المرتقب وهو ما يعني جولة جديدة من الصراعات والتحاصص الذي قد يشعل المشهد السياسي خلافاً وتأزما.
وبالرغم من كل ما يقال في العلن من إعطاء الحرية الكاملة لرئيس الوزراء لاختيار فريقه الوزاري، إلا أن المخفي ربما يتحدث عكس ذلك خصوصاً مع لغة الاستئثار والمغانم التي تنتهجها بعض القوى والأطراف السياسية للوصول إلى مُبتغاها وحصتها من السلطة.
اقتراب موعد التقييم الحكومي والانزعاج الخارجي إزاء كتل سياسية وأحزاب تمتلك أذرعا مسلحة مع فشل بعض الوزارات في أداء مهامها قد تعجّل من خطوة السوداني في إجراء التغيير الوزاري المرتقب، خصوصاً وأنه بدأ يرسم خطوات مستقبلية لعمل حكومته القادمة، التي قد تواجه بعض العواصف والرياح سواء كانت داخلية أو خارجية، وذلك هو الاختبار الحقيقي لحكومة السوداني الذي يعتمد على خبرته السياسية التي قضاها في الحكومات السابقة، سواء كان نائباً برلمانياً أو وزيراً، لاجتياز هذا الامتحان، بينما لا يزال المواطن العراقي بانتظار القادم في صيف ساخن من الأحداث.