المواجهة، هل اقترب موعدها؟

لم تكن زيارة لويد أوستن وزير الدفاع الأميركي إلى العراق سوى تبليغ مُبطّن، أو همس في آذان العراقيين، بأن القادم ربما يحمل مفاجآت قد تتطور إلى مواجهة عسكرية بين مُعسكري الولايات المتحدة وإسرائيل ضد إيران وبرنامجها النووي أو غض النظر عما سيحدث، لتكون ساحة المواجهة هي الأرض العراقية حسب بعض المصادر.
ما أكد هذه التسريبات هو تصريح المتحدث العسكري لكتائب حزب الله في العراق أبوعلي العسكري، بأنهم غير ملزمين بأي تفاهمات بين الأطراف السياسية العراقية والقوات الأميركية، مضيفاً أن الكتائب لا تنتظر الموافقة من أحد لمواجهة القوات الأميركية. كان هذا الإعلان بعد زيارة أوستن إلى بغداد ولقائه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
فهل اقترب موعدها؟ هي كذلك فقد تندلع الحرب في أي وقت، سيناريوهات مُخيفة وحروب قد تحرق الأخضر بسعر اليابس، وتجعلنا نعتقد أننا على حافة حرب عالمية ثالثة، ستشترك وتدخل بها الكثير من الأطراف الدولية خصوصاً وأن طبول الحرب قد بدأت تُقرع، لكن أصواتها لم تصل المسامع بعد، ربما لأن العراقيين مشغولون بهمومهم المحلية والمعيشية.
انهيار الاتفاق النووي في مفاوضات فيينا قد حُسم، والمطالبة باتفاق نووي جديد بين إيران والأطراف الأخرى هو ما يتأثر به المشهد السياسي في العراق.
يمكن قراءة عناوين الحرب من خلال وسائل الإعلام وربطها بالأحداث، فما سربته الصحف الإسرائيلية عن إقدام حكومتها على تجديد وإصلاح الطائرات القديمة وتأهيلها للطيران يؤكد حاجة الجيش الإسرائيلي إلى الكثير من المُسيّرات المعدّلة لحمل كميات من المتفجرات أو لاستخدامها في هجمات جوية لقصف المواقع النووية والمصانع العسكرية.
زيارة لويد أوستن المفاجئة إلى العراق، وإن كانت الابتسامة تطغى على وجوه الجميع، إلا أن ما تُخفيه يُنذر بأن القادم أسوأ.. فهل أصبح العراق ساحة لتصفية الحسابات؟
ربما لم يكن من العبث أن تُجري إسرائيل مناورات عسكرية بواقع تدريبات تشابه سيناريوهات لهجمات ضد إيران بمدى يصل إلى 1100 كيلومتر، تنفذها طائرات أف – 15 وأف – 35، بالتزامن مع تدريبات واسعة لسلاح البحرية الإسرائيلية باستخدام بوارج حربية حاملة للصواريخ وغواصات استقرت بالبحر الأحمر في إشارات توحي بالاستعداد للحرب.
الاعتقاد السائد والتخوّف من أن تستغل إسرائيل الأرض الرخوة في العراق لضرب مصالح أو قواعد إيرانية تتواجد على الأراضي العراقية يعود إلى عدة أسباب، من أهمها كبر واتساع المساحة الجغرافية لإيران مما قد يزيد التعقيد والصعوبة في الوصول إلى الأهداف المنشودة لبعد المسافة، بعكس الحجم الصغير لمساحة تل أبيب التي تُعتبر جغرافياً شريطا ساحليا صغيرا وضيقا.
العراقيون يخشون من أن يُصيب بلدهم الضرر الذي تحدثه تلك المواجهة بين الأطراف التي قد تكون هي الحل في نهاية المطاف.
وصول إيران إلى عتبة نووية يعني أن الخطر بدأ يتفاقم، والتهديد بالحرب التي بدأت بوادرها تلوح في الأفق بين الأطراف يعلن قرب حدوثها.
هل سيكون السيناريو مقارباً لقصف إسرائيل للمفاعل النووي العراقي عام 1981 في هجمات جوية مباغتة أو أن نطاق المواجهة سيتسع؟ وهل ستدخل دول أخرى أو تشارك جنباً إلى جنب طرفي النزاع كالصين التي تستورد ما يقارب مليون برميل من النفط الإيراني، وروسيا التي تعتبر من الأضداد للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؟
لا أحد يعلم الحقيقة، ولكن الاعتقاد السائد أن القادم يحمل مخاطر كبيرة للعراقيين ويرمي بهم في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
الزيارات المفاجئة للمسؤولين الأميركيين إلى العراق دائماً ما يتخوف منها العراقيون، ويقولون في سرهم “الله يستر”، فهي زيارات لا تحمل الخير وبشائر الفرح لهم.
زيارة لويد أوستن المفاجئة إلى العراق، وإن كانت الابتسامة تطغى على وجوه الجميع، إلا أن ما تُخفيه يُنذر بأن القادم أسوأ.. فهل أصبح العراق ساحة لتصفية الحسابات؟
لعبة الدومينو إن بدأت لن تتوقف، والخوف أن يكون العراق ضمن أحجار هذا الدومينو.