معاهد وجامعات تمنع الطلبة من استخدام "تشات جي.بي.تي"

الروبوت يكتب الأوراق البحثية نيابة عن الطلاب بحيث لا يستطيع الأساتذة التفرقة بين الملخصات الأصلية وتلك المؤلَّفة بواسطة الذكاء الاصطناعي.
الأحد 2023/01/29
تطبيق يساعد في فهم الدروس

باريس – تصدّر روبوت الدردشة “تشات جي.بي.تي” المشهد في أواخر عام الماضي، وأثار ضجة على منصات التواصل الاجتماعي، حتى اعتقد كثيرون أنه أكثر فاعلية من محركات البحث الأخرى بسبب قدرته على إجراء محادثات مع المستخدمين، وإعطائهم إجابات سريعة لأسئلتهم في جميع المجالات وخاصة للطلبة الذين يستعينون به في أداء واجباتهم المدرسية، لذلك بدأت مدارس تخطّط لحظر “تشات جي.بي.تي” من أماكن عملها، تحسبا للاستعانة به في الامتحانات.

و”تشات جي.بي.تي” عبارة عن روبوت أو برنامج يعمل باستخدام الذكاء الاصطناعي، إذ يتحاور مع المستخدم ويجيب على ما يطرح عليه من أسئلة بشكل مفصل، ويتذكر كل ما طرح عليه من قبل من أسئلة خلال الحوار الذي يتم وكأنه بين شخصين دون الاقتباس المباشر من مصادر أخرى.

وتدرب الروبوت الجديد على استخدام كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر العامة، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، بحيث يستطيع أن ينتج نصوصا أشبه بالنصوص البشرية من خلال تعلم خوارزميات تقوم بتحليل عدد هائل من البيانات، ويعمل بصورة تشبه الدماغ البشري، وإنتاج محتوى من الألف إلى الياء بدون الاقتباس المباشر من مصادر أخرى – يجب الإشارة هنا إلى أنه غير متصل بشبكة الإنترنت – وإن كان قد تمت تغذيته ببيانات متاحة عليها.

وبات “تشات جي.بي.تي” يكتب الأوراق البحثية نيابة عن الطلاب باستخدام أفكار خلاقة ومعلومات دقيقة وجمل بسيطة حيث لا يستطيع الأساتذة دائمًا التفرقة بين الملخصات البحثية الأصلية وتلك المؤلَّفة بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي.

خبراء يؤكدون أن إدماج "تشات جي.بي.تي" في الأنظمة التعليمية سيجعل البيئة التعليمة أكثر غنى وأكثر قدرة على التقدم

وأعلن معهد الدراسات السياسية المرموق في باريس المعروف باسم “سيانس بو” الجمعة أنه حظر على طلابه تحت طائلة عقوبات قد تصل إلى فصلهم، استخدام أداة الذكاء الاصطناعي “تشات جي.بي.تي” القادرة على كتابة نصوص رداً على أسئلة بسيطة.

وفي رسالة موجهة إلى جميع الطلاب والأساتذة، أفادت إدارة المعهد بأن استخدام ”تشات جي.بي.تي” أو أي أداة أخرى تقوم على الذكاء الاصطناعي في ”سيانس بو”، من دون الإشارة إلى ذلك صراحة، ممنوع منعاً باتاً على الطلاب أثناء إنتاج أعمال كتابية أو شفوية، إلا إذا كان استخداماً ذا هدف تعليمي بإشراف أحد الأساتذة.

وبات “سيانس بو” أول مؤسسة للتعليم العالي في فرنسا تعلن رسمياً حظر استخدام أداة الذكاء الاصطناعي هذه.

وشاع استخدام “تشات جي.بي.تي” على نطاق واسع في مجال التعليم منذ نوفمبر الفائت.

واعتبر “سيانس بو” في الرسالة إلى الطلاب أن “هذه الأداة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي تثير مخاوف كبيرة لدى الجهات التعليمية والبحثية في مختلف أنحاء العالم من مسألة الغشّ عموماً والسرقة الأدبية خصوصاً”.

وأضاف البيان أن “بعض الدول (…) سبق أن بادرت إلى حظر استخدام هذه الأداة في مدارسها وجامعاتها”.

ففي منتصف ديسمبر الفائت، أي بعد أسابيع قليلة من إتاحة شركة “أوبن إيه.آي” الناشئة في كاليفورنيا هذه الأداة، أعلنت ثماني جامعات أسترالية عن تعديل امتحاناتها، واعتبرت أن استخدام الطلاب أدوات الذكاء الاصطناعي “بمثابة غش”.

ومنعت إدارة التعليم في نيويورك إمكانية الوصول إلى هذا التطبيق من الشبكات المدرسية والأجهزة، وذلك بفعل المخاوف المتعلقة باستخدام روبوت الدردشة من قِبل الطلاب والمدرسين لأداء مهامهم الكتابية، ما قد يشجّع على الانتحال والغش.

دردشة

وعلّلت المتحدثة باسم إدارة التعليم في نيويورك جينا لايل لوسائل إعلام حظر روبوت الدردشة “تشات جي.بي.تي” بالقول “نظرًا إلى المخاوف بشأن التأثيرات السلبية على تعلّم الطلاب، والمخاوف المتعلّقة بسلامة المحتوى ودقته، فإنّ الوصول إلى ‘تشات جي.بي.تي’ مقيّد على شبكات وأجهزة المدارس العامة في المدينة”.

وبعد اكتشاف حالات كثيرة استعان فيها الطلاب بتقنية “تشات جي.بي.تي”، قرر أساتذة جامعيون في عدة جامعات دفع الطلاب لكتابة المسودات لأوراقهم البحثية في فصولهم الدراسية باستخدام متصفحات تراقب نشاط الكمبيوتر، كما تدرس الجامعات أن تطلب من طلابها شرح كل مراجعهم وجها لوجه.

غير أنّ العديد من الخبراء لهم رأيٌ آخر، حيث يقولون “كما هو الحال عندما يستعين الطلاب بغوغل نستطيع السماح للطلاب بالاستعانة بـ’تشات جي.بي.تي’ مع الفارق أن التقنية الجديدة القائمة على الذكاء الاصطناعي تستعرض معلومات أكثر موثوقية من غوغل”، مؤكدين أن إدماج التقنية الجديدة بالأنظمة التعليمية سيجعل البيئة التعليمة أكثر غنى وأكثر قدرة على التقدم.

وتشير الكاتبة والتربوية الكندية جينيفر كاسا تود إلى أنه لا يمكن العودة إلى مهام الورقة والقلم لأنّ هناك قلقا بشأن “تشات جي.بي.تي” خاصةً أنّ التكنولوجيا بالنسبة إلى العديد من الطلاب هي وسيلة أساسية لإثبات تعلّمهم وتحقيق إمكاناتهم.

وتشدّد كاسا تود على ضرورة مواصلة المحادثات بين المعلمين وتقييم طرق التدريس بوجود هذه الأداة. وبدلًا من حظرها ينبغي على المؤسسات التعليمية إيجاد طرقٍ لدمج هذا النوع من الأدوات في المناهج الدراسية.

13