المونديال سبيل المغرب لرسم خارطة جديدة للعرب وأفريقيا

كان أسود الأطلس في الموعد لاقتحام التاريخ من أوسع أبوابه، عندما بات المغرب أول منتخب أفريقي وعربي يبلغ نصف نهائي بطولة كأس العالم بفوزه على برتغال كريستيانو رونالدو، ليلاقي في المربع الذهبي فرنسا حاملة اللقب التي انتفضت على التقاليد مقصيةً إنجلترا.
الدوحة - أنهى المنتخب المغربي اللعنة التي طاردت المنتخبات الأفريقية في عبور دور الثمانية ببطولة كأس العالم، بعدما تأهل إلى الدور قبل النهائي في مونديال قطر 2022 للمرة الأولى في تاريخ المنتخبات العربية والأفريقية.
وتأهل المنتخب المغربي إلى الدور قبل النهائي عقب فوزه على المنتخب البرتغالي بهدف نظيف في دور الثمانية من البطولة، ليحقق إنجازا تاريخيا باسمه واسم العرب وأفريقيا. ورغم أن المنتخبات الأفريقية حققت نتائج جيدة على مستوى بطولات الناشئين والشباب والدورات الأولمبية، إلا أنه لا يوجد منتخب عربي أو أفريقي نجح في عبور دور الثمانية على مستوى الرجال باستثناء الإنجاز التاريخي الذي حققه المنتخب المغربي في النسخة الحالية من البطولة.
وقال سفيان أمرابط نجم المنتخب المغربي عن الإنجاز الذي حققه المنتخب المغربي في مونديال قطر “إنه حقا لا يصدق، أنا فخور للغاية. الأمر أشبه بالحلم، لا يمكن تصديق أننا وصلنا إلى الدور قبل النهائي”.
الظهور المشرف
كانت أحلام المنتخبات الأفريقية متمثلة في الظهور المشرف أمام أفضل منتخبات العالم وكان أقصى طموحها هو عبور دور المجموعات. ولكن ارتفعت الأحلام بعد نسخة كأس العام 1990 في إيطاليا عندما وصل المنتخب الكاميروني إلى دور الثمانية بعدما حقق انتصارين أمام الأرجنتين (1 – 0) ورومانيا (2 – 1)، وخسر أمام الاتحاد السوفييتي (0 – 4) ولكنه تصدر مجموعته.
وفي دور الستة عشر عبر المنتخب الكاميروني نظيره الكولومبي بنتيجة (2 – 1) ليواجه المنتخب الإنجليزي في دور الثمانية ولكنه خسر (2 – 3) وانتهت معه أحلام الأفارقة. ولكن في مونديال 2002 بكوريا الجنوبية واليابان عادت أحلام الأفارقة مرة أخرى وكان البطل هذه المرة هو المنتخب السنغالي الذي تمكن من الفوز على فرنسا (1 – 0) وتعادل مع الدنمارك (1 – 1) والأوروغواي (3 – 3) ليعبر دور المجموعات في المركز الثاني.
وفي دور الـ16 واجه المنتخب السنغالي نظيره السويدي وتغلب عليه (2 – 1) قبل أن يواجه المنتخب التركي في دور الثمانية ويخسر بهدف نظيف ليظل أفضل إنجاز للمنتخبات الأفريقية في المونديال هو الخروج من دور الثمانية. ولكن زادت الآمال والأحلام مع المنتخب الغاني في مونديال 2010 بجنوب أفريقيا حيث كان وقتها يضم
مجموعة من النجوم بقيادة جيان أسامواه وأندريه أيو. وتألق المنتخب الغاني في تلك النسخة من البطولة واستطاع أن يحتل المركز الثاني في مجموعته بعد الفوز على صربيا (1 – 0) والتعادل مع أستراليا (1 – 1) والخسارة أمام ألمانيا (0 – 1).
وفي دور الـ16 تغلب المنتخب الغاني على نظيره الأمريكي (2 – 1) ليصعد إلى دور الثمانية حيث واجه منتخب أوروغواي وخسر بركلات الترجيح بعدما انتهى الوقتان الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي في مباراة شهدت جدلا كبيرا بعدما أبعد لويس سواريز رأسية من جيان أسامواه من على حط المرمى ليحتسب الحكم ركلة جزاء أهدرها أسامواه. ولكن في مونديال 2022 استطاع المنتخب المغربي أن يكسر هذه اللعنة وأن يحقق مفاجآت من العيار الثقيل بتصدره لمجموعته في البطولة إثر التعادل مع كرواتيا، وصيف بطل العالم، سلبيا، والفوز على المنتخب الكندي (2 – 1) ثم الفوز على المنتخب البلجيكي بثنائية.
وتمكن المنتخب المغربي في دور الـ16 من عبور المنتخب الإسباني، أحد أبرز المرشحين لنيل اللقب، بعدما تغلب عليه (3 – 0) بركلات الترجيح. وفي دور الثمانية واجه المنتخب المغربي نظيره البرتغالي، بقيادة كريستيانو رونالدو، واستطاع تحقيق الفوز بهدف نظيف ليصعد إلى الدور قبل النهائي في سابقة تاريخية للمنتخبات الأفريقية. وعن إنجازالمنتخب المغربي في النسخة الحالية من البطولة، قال وليد الركراكي المدير الفني لأسود الأطلس “عادت أفريقيا على خارطة كرة القدم اليوم. لدينا العقلية. كنا نعلم أن بإمكاننا كتابة تاريخ جديد لأفريقيا”. ومن المقرر أن يلتقي المنتخب المغربي مع نظيره الفرنسي، بطل العالم، في الدور قبل النهائي يوم الأربعاء في محاولة لمواصلة تحقيق الحلم وكتابة التاريخ بالصعود إلى المباراة النهائية للمرة الأولى في تاريخ المنتخبات الأفريقية.
مواجهة رسمية
يلتقي المنتخبان الفرنسي والمغربي للمرة الأولى رسميا في بطولة كبرى عندما يتواجهان الأربعاء على ملعب البيت في الخور ضمن الدور نصف النهائي لمونديال قطر 2022 في كرة القدم. وتواجه المنتخبان مرات قليلة جدا وكانت ودية فقط. وكانت هناك خمس مواجهات فقط بين “الزرق” و”أسود الأطلس” لم تكن أبدا في مسابقة رسمية، وتميل الكفة لصالح منتخب الألوان الثلاثة: ثلاثة انتصارات وتعادلان، بينهما واحد حسمه المغرب بركلات الترجيح.
وكانت المباراة الأولى في الخامس من فبراير 1988 في ملعب لويس الثاني في موناكو الذي اختير لاستضافة المباراة النهائية لـ”دورة فرنسا الودية”. ونجح المنتخب الفرنسي بقيادة مدربه وقتها الراحل هنري ميشال الذي لم يتأهل حينها إلى كأس أوروبا 1988، في الفوز (2 – 1) بفضل هدف ليانيك ستوبيرا. وخلال المباراة الأخيرة في 16 نوفمبر 2007 في سان دوني، كان هنري ميشال على دكة البدلاء أيضا ولكنه هذه المرة مع المنتخب المغربي. وفي ملعب فرنسا بمدرجات مملوءة بالجماهير، عاد المغرب من بعيد وأدرك التعادل (2 – 2) في الدقائق الأخيرة بهدف ليوسف المختاري (دق 85). وكان ريمون دومينيك مدربا للمنتخب الفرنسي وقتها، واستغل اللقاء لتجربة لاعبيه الواعدين كريم بنزيمة وسمير نصري صانع الهدف الأول لسيدني غوفو ومسجل الثاني، بعدما افتتح المغرب التسجيل عبر طارق السكيتيوي.
وبين المبارتين سافر المنتخب الفرنسي إلى الدار البيضاء للمشاركة في دورة الحسن الثاني الدولية وفازوا باللقب في يونيو 2000 (5 – 1).
وقبلها بعامين خسر بركلات الترجيح في مايو 1998 (2-2، 5-6 بركلات الترجيح) قبل أن يصبح بطل العالم. وأقيمت المباراة الودية الأخرى في يناير 1999 في مرسيليا، حيث سجل يوري دجوركاييف الهدف الوحيد. وبعد مقابلة تونس في الجولة الثالثة الأخيرة من دور المجموعات (0 – 1)، يواجه المنتخب الفرنسي منتخبا مغاربيا آخر يضم في صفوفه العديد من اللاعبين المولودين في فرنسا، مثل القائد رومان سايس وجناح أنجيه سفيان بوفال المعتاد على الملاعب الفرنسية.