ساوثغيت فرس رهان إنجلترا لاسترجاع ثقتها

لندن - عوض دخول مباراة الاثنين كأحد المرشحين لإحراز اللقب وليس فقط لتخطي عقبة المنتخب الإيراني ضمن منافسات المجموعة الثانية التي تضم الجار الويلزي والمنتخب الأميركي، يخوض المنتخب الإنجليزي بطل 1966 النهائيات الثانية والعشرين من خارج دائرة الترشحيات. في بلد يعتبر نفسه مهد كرة القدم لكنه اكتفى بلقب وحيد حتى الآن، لا تقبل إنجلترا بسهولة أن تلعب دورا ثانويا، لكن الحماس خفت مؤخرا بعد هذه النتائج.
لكن هذه السلسلة لا يجب أن تُنسي الجمهور الإنجليزي أين كان المنتخب قبل فترة ليست بالطويلة جدا، والحديث هنا عن الكارثة المزدوجة لكأس العالم 2014، حيث انتهى مشوار الأسود الثلاثة في الدور الأول، وكأس أوروبا 2016 حين أقصتهم أيسلندا المتواضعة من الدور ثمن النهائي (2 - 1). في 2013، وضع الاتحاد الإنجليزي لنفسه هدف بلوغ نصف النهائي مع الوصول إلى كأس أوروبا 2020 والفوز بكأس العالم. وكانت مهمة معقدة. لكن ساوثغيت تمكن حتى من تجاوز حجم التوقعات بإيصال المنتخب الوطني إلى نهائي كأس أوروبا في صيف 2021 قبل الخسارة على يد إيطاليا بركلات الترجيح.
أطول مغامرة
وصل قبل ستة أعوام، في أطول مغامرة لمدرب مع المنتخب الإنجليزي منذ بوبي روبسون (1982 - 1990)، وقد رُميت كرة تدريب الأسود الثلاثة في حضن ساوثغيت إثر نهاية محبطة لمشوار قصير مع سام ألاردايس. في البداية، عُيّن ساوثغيت مؤقتا، على أنه نموذج يحتذى به بالنسبة لاتحاد اللعبة، بعد سقوط ألاردايس في فخ صحيفة كشفت أنه قدم نصائح حول "الالتفاف" على القواعد الخاصة بانتقالات اللاعبين.
انتهى مشوار دام ثلاث سنوات لساوثغيت مع ميدلزبره بالهبوط إلى المستوى الثاني، فيما كانت رحلته متذبذبة مع منتخب ما دون 21 سنة، ليصل مع "الأسود الثلاثة" بسيرة ذاتية متواضعة. رغم ذلك، قاد إنجلترا إلى أول نصف نهائي للمونديال في 28 عاما، وذلك في أولى بطولاته الكبرى قبل أربعة أعوام في مونديال روسيا، قبل أن تكون قاب قوسين أو أدنى من منحها اللقب القاري الصيف الماضي.
وفي تصريح أدلى به في مارس الماضي، أفاد ساوثغيت "قلت للاعبين إنهم لن يتعرضوا أبدا لضغط كأس أوروبا، حيث أقيمت معظم المباريات على ملعب ويمبلي، ولم تكن إنجلترا قد خاضت نهائيا في 50 عاما (أكثر)، كان الضغط رهيبا عليهم. لكن هذا الأمر يجب أن يمنحهم ثقة كبيرة، وتجب الاستفادة من كل لحظة في قطر، هذا مؤكّد".
وأعاد تنشيط المنتخب من خلال إطلاق جيل ناضج بالاعتماد على لاعبين مثل كيران تريبييه، هاري ماغواير، الحارس جوردان بيكفورد أو ديكلان رايس. جميعهم لاعبون محتملون في تشكيلة المباراة الأولى ضد إيران. بهدوئه وبراغماتيته التكتيكية والولاء الدائم للاعبيه مثل ماغواير الذي بقي ركيزة أساسية في المنتخب رغم مستواه المتواضع مع فريقه مانشستر يونايتد، يقارب ساوثغيت الأمور مع غض الطرف حيال أي انتقادات موجهة له.
لكن ذلك لا يعني أنه ليس "مطاردا" بما حصل في نصف نهائي مونديال روسيا 2018، حين تقدم رجاله على كرواتيا منذ الدقائق الأولى قبل الخسارة في النهاية 1 - 2، أو في نهائي كأس أوروبا الصيف الماضي حين تكرر السيناريو بالتقدم على إيطاليا منذ الدقيقة الثانية، قبل تلقي هدف التعادل في الشوط الثاني والخسارة في النهاية بركلات الترجيح (1 - 1 في الوقتين الأصلي والإضافي).
شيء مخيف
كما أن مشوار المنتخب في دوري الأمم الأوروبية، حيث هبط إلى المستوى الثاني بعد ثلاثة تعادلات ومثلها هزائم، بينها خسارة مذلة في ولفرهامبتون على يد المجر 0 - 4 في الجولة الرابعة، أدى إلى ضعضعة ثقة الجمهور به وبأساليبه.
وكما جرت العادة وعلى غرار ما حصل قبل كأس أوروبا 2020، تضاعفت الدعوات إلى الاعتماد على مقاربة هجومية بحتة وأكثر جرأة. وكتب النجم والمدرب الإسكتلندي السابق غرايم سونيس في صحيفة "دايلي مايل"، "لو كنت مكانه، كنت سأنقض على الإيرانيين بكل ما أوتيت من قوة. هل نحن بحاجة حقا إلى لاعبي وسط مدافعين لهذه المباراة؟".
ولم يسلم ساوثغيت من سلفه السويدي سفن - غوران إريكسون الذي تولى المنصب بين 2001 و2006 وقاد إنجلترا إلى ربع نهائي موندياليي 2002 و2006، إذ انتقده بسبب الخيارات الحذرة، لكنه بدا أكثر تفهما من الآخرين. وقال السويدي لصحيفة "ميرور" البريطانية "أستطيع أن أفهمه لأن أحدا لا يريد الهجوم والهجوم والهجوم. لا نستطيع تحمل تبعات خسارة المباراة الأولى".