لقاء العمالقة يجبر قطر على ظهور استثنائي في المونديال

تدور بطولة كأس العالم 2022 خلال الفترة من العشرين من نوفمبر وحتى الثامن عشر من ديسمبر المقبل في قطر. وسوف تكون الجماهير على موعد مع نسخة غير مسبوقة تنظيميا، فجميع المباريات تقام في مدينة واحدة، الأمر الذي يتيح أمام المشجعين فرصة حضور أكثر من مباراة في نفس اليوم. وسيكون المنتخب القطري تحت المجهر في حضور تاريخي.
الدوحة - يعتبر الظهور الأول لمنتخب قطر في نهائيات كأس العالم 2022 التي يستضيفها على أرضه اعتبارا من الأحد حملا ثقيلا، في ظل مطالب بظهور مقنع وتخطي عتبة الدور الأول لتجنب تجربة جنوب أفريقيا سنة 2010، المنتخب المضيف الوحيد الذي لم يتجاوز الدور الأول في تاريخ المونديال.
وتبدو المهمة صعبة أمام المدرب الإسباني فيليكس سانشيز وأشباله في تأمين العبور من مجموعة قوية بتواجد منتخبات وازنة على غرار المنتخب الهولندي صاحب التقاليد العريقة في كأس العالم، إلى جانب المنتخب السنغالي بطل أفريقيا والذي تعج صفوفه بنجوم ينشطون في الدوريات الأوروبية، بالإضافة إلى المنتخب الإكوادوري الطموح.
حظوظ “العنابي” لن تقبل المساومة على مواجهة الافتتاح أمام المنتخب الإكوادوري يوم الأحد على ملعب البيت في الخور، لأن النتيجة ستشكل مفتاح إيجاد معبر للدخول في حسابات العبور، في وقت يبدو التفريط في النقاط حينها مسألة إجهاض منطقي للآمال. والثقة في إمكانية تجاوز الإكوادور ولدت من رحم تجربة سابقة تفوق فيها رفاق القائد حسن الهيدوس على المنافس نفسه 4 – 3 في مباراة ودية، دون إغفال الفارق الزمني والمتغيّرات التي حدثت.
قطر تمتلك تشكيلة قوية لفتت الأنظار عقب التتويج بلقب كأس آسيا صيف 2019 بقيادة المدرب الإسباني فيليكس سانشيز
صحيح أن الاتحاد القطري لكرة القدم وإدارة المنتخبات وفّرا برنامجا يبدو خياليا لمنتخب عربي آسيوي، قياسا بالتجارب التي خاضها اللاعبون سواء بالمشاركة في كوبا أميركا أو الكأس الذهبية ثم التصفيات الأوروبية بصفة اعتبارية دون احتساب النتائج، بيد أن الخبرات التي راكمها اللاعبون لم تسعفهم لتدارك أخطاء كثيرة ارتكبوها في مواجهة كندا على سبيل المثال شهر سبتمبر الماضي.
ولعل فترة العزل التي دخلها “العنابي” في أوروبا بعيدا عن أعين المتطفلين على مدى أربعة أشهر دون خوض منافسات رسمية وبدون المشاركة في الدوري المحلي، قد نشرت بعض المخاوف لدى المراقبين والمتابعين للمنتخب القطري، عطفا على المستويات التي قدمها الفريق. وبدّد سانشيز تلك المخاوف على الوصول إلى الجاهزية المطلوبة في الموعد المحدد، وذلك خلال التدريبات الأخيرة.
رهان ثنائي
ولبثّ الثقة في اللاعبين، اختار المدرب خوض مباريات ودية غير رسمية مع منتخبات أقل بكثير من مستوى منافسيه في المونديال، فحقق خمسة انتصارات معنوية على منتخبات بدت مغمورة على غرار نيكاراغوا وبنما وغواتيمالا وألبانيا وهندوراس. وسيكون الرهان حتما على اللاعبين الذين يتحرقون شوقا للمشاركة في المونديال من أجل تحدي الذات في المقام الأول، فأسماء مثل المعز علي (هداف المنتخب حاليا) وزميله “الذي يفهمه على الطاير” كما قال أكرم عفيف أثبتت أنها قادرة على تقديم مستوى كبير لمفاجأة العالم كما فاجأ الثنائي نفسه آسيا من قبل، وقاد العنابي إلى اللقب القاري عام 2019.
وسيكون لنجوم الخبرة دور في قيادة الكتيبة، وهو ما سيكون منوطا بالمدافع خوخي بوعلام والقائد حسن الهيدوس وحارس المرمى سعد الشيب. لكن ثمة رهان آخر على سانشيز نفسه ابن أكاديمية لاماسيا الذي راكم كما لاعبيه خبرات كبيرة من التعامل مع منتخبات الصفوة خلال الاختبارات الودية التي قاد فيها المنتخب في رحلة إعداد قاربت خمس السنوات منذ أن تولى المهمة شهر أغسطس 2017.
صورة لائقة
إذا كانت نتائج المنتخب القطري خلال تجاربه السابقة ضمن برنامجه الاستثنائي الطويل قد تراوحت بين المرضية في كوبا أميركا، المشجعة في الكأس الذهبية والمتواضعة في التصفيات الأوروبية، والمشجعة في كأس العرب والداعمة معنوياً في الاختبارات غير الرسمية الأخيرة، فإنها حتما راكمت خبرات كبيرة للاعبين قد تعينهم على تحقيق سقف الطموح المطلوب بالتأهل إلى الدور الثاني، ما قد يجعل التجربة القطرية نموذجا يحتذى.
وفي هذا المونديال تتواجد قطر كونها البلد المضيف، والسعودية بعد أن تصدّرت مجموعتها في الدور النهائي من التصفيات الآسيوية، والمغرب عقب تجاوز الكونغو الديمقراطية في الدور الحاسم من تصفيات أفريقيا التي شهدت أيضا تأهل تونس على حساب مالي. ولم تكن القرعة التي سُحبت مطلع أبريل رحيمة بالمنتخبات العربية ووضعتها في مجموعات شرسة بجانب منافسين أقوياء، ما يجعل مهمة العبور إلى الأدوار القادمة صعبة للغاية. ويمتلك المنتخب القطري فرصة كبيرة لتحقيق إنجاز لافت في أول ظهور له في النهائيات العالمية، لما سيحظى به من دعم جماهيري غير محدود على أرضه.
إذا كانت نتائج المنتخب القطري خلال تجاربه السابقة قد تراوحت بين المرضية والمشجعة، فإنها حتما راكمت خبرات كبيرة للاعبين قد تعينهم على تحقيق سقف الطموح المطلوب
كما تتوفر رغبة كبيرة في تقديم صورة لائقة على المستطيل الأخضر تكمل المشهد الرائع الذي صنعته الدوحة من ملاعب ومشاريع عظيمة جعلت الكثير يتنبأ بنسخة مونديالية مميزة. ويخوض “العنابي” البطولة في المجموعة الأولى بجانب هولندا وصيف بطل العالم ثلاث مرات وصاحبة الخبرة الكبيرة في المحافل العالمية، ومنتخب السنغال المتوج بكأس الأمم الأفريقية الأخيرة، والإكوادور رابع أمريكا اللاتينية.
ولدى قطر تشكيلة قوية لفتت الأنظار عقب التتويج بلقب كأس آسيا صيف 2019 بقيادة المدرب الإسباني فيليكس سانشيز الذي وصل إلى الدوحة عام 2006 للتدريب في أكاديمية “أسباير” التي تخرج منها معظم نجوم الكرة القطرية حاليا. وعمل سانشيز على بناء منتخب قوي تمكن من حصد لقب كأس آسيا للشباب تحت 19 عاما، قبل أن يتسلم الإدارة الفنية للمنتخب الأول مطلع يوليو 2017، خلفا للأوروغوياني خورخي فوساتي الذي استقال في الثالث عشر يونيو 2017.
وبلاعبين أمثال أكرم عفيفي والمعز علي وبوعلام خوخي وحسن الهيدوس وصلاح زكريا وعبدالعزيز حاتم وغيرهم، لن يقتصر طموح قطر على تقديم أداء “مشرّف” والاكتفاء بالمنافسة على إحدى بطاقات العبور إلى دور الـ16، حيث بذل الاتحاد القطري جهدا جبارا في إعداد منتخب يبحث عن التميز على أرضه وبين جماهيره.
واستعد العنابي خلال 12 عاما لكل أنواع المنافسين، وخاض 22 مباراة دولية بين رسمية وودية في 2021، ولعب هذا العام مباريات تحضيرية عديدة فاز في آخرها على بلغاريا بهدفين لواحد. وتمثل المواجهة الافتتاحية في المونديال ضد الإكوادور بالنسبة إلى المنتخب القطري الخطوة الأهم لتجاوز دور المجموعات، فالفوز بها سيمنح كتيبة سانشيز دافعة كبيرة قبل الاصطدام بالسنغال ومحاولة تحقيق نتيجة إيجابية أمام هولندا في الجولة الأخيرة.