بنيامين نتنياهو هل يعود "ملك الشارع" إلى مؤيديه

متفائل يشمّ رائحة الانتصار ويتوعّد باستعادة الأمن.
السبت 2022/10/29
نتنياهو بات يشتمّ رائحة الانتصار

القدس - جمهور رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو في إسرائيل يهتف اليوم بشعار “بيبي الملك”. ولا أحد يعرف هل سيعود أطول رؤساء الوزراء بقاء في المنصب في إسرائيل والشخصية السياسية الأكثر هيمنة واستقطابا في جيله إلى مسار الحملة الانتخابية، بينما يستعد الإسرائيليون للاقتراع في الأول من نوفمبر في خامس انتخابات عامة في أقل من أربع سنوات.

ومن المتوقع أن يحصل حزب ليكود الذي يتزعمه نتنياهو على أكبر كتلة من المقاعد في الكنيست. لكن مع تهم الفساد العالقة به والانتقاد المتصاعد لعلاقاته مع حزب يميني متطرف سريع النمو يمكن أن يعتمد عليه في تشكيل حكومة تتوقع استطلاعات الرأي أنه لن يكون هناك فوز بالضربة القاضية.

“حافلة بيبي” كانت تجول طيلة الأسابيع الماضة بين معاقل الليكود في أنحاء إسرائيل في الوقت الذي يسعى فيه للحصول على تأييد الناخبين المنهكين من الطريق الانتخابي المسدود الذي لا نهاية له أبدا في حين تزيد أعباء المعيشة وتستمر المخاوف الأمنية من المتشددين الفلسطينيين.

البحث عن كبرياء إسرائيل

نتنياهو سيحتاج إلى كل صوت يمكن أن يحصل عليه لترميم خسائره السابقة
نتنياهو سيحتاج إلى كل صوت يمكن أن يحصل عليه لترميم خسائره السابقة

يسأل نتنياهو الحشد بينما علت وجهه ابتسامة “هل تريدون استعادة الكبرياء الوطني؟ وتخفضون تكاليف المعيشة؟ وتستعيدون الأمان الشخصي؟”. ثم يضيف “لست ملكا. الملك لا يُنتخب. أحتاج إلى أن أُنتخب وهذا يعتمد عليكم”.

يوجه نتنياهو سيلا من الانتقادات إلى لبيد، لكن في وجود القليل من الخلافات بين الأحزاب في المسائل السياسية الكبيرة حول قضايا تمتد من القضية الفلسطينية وإيران إلى الاقتصاد، تُعتبر الانتخابات على نطاق واسع استفتاء شخصيا على نتنياهو الذي تشوهت صورته كصقر بسبب متاعبه القضائية.

سيحتاج نتنياهو إلى كل صوت يمكن أن يحصل عليه لترميم خسائره، في حين أن الإقبال ضعيف نسبيا في الأماكن التي يحظى فيها الليكود بشعبية، ومؤشر شعبية نتنياهو راكد في استطلاعات الرأي.

في العام 2019 تم توجيه تهم الفساد إلى نتنياهو، وهي التهم التي ينفيها. ومع اقتراب محاكمته تعمق الشقاق بين مؤيديه ومنتقديه. وقالت هيلا شاي فازان العضو السابق في الكنيست والمعلقة السياسية “الشيء الوحيد الذي له معنى حقيقي هو بيبي أو لا بيبي، لسوء الطالع”.

الانتخابات المزمع إجراؤها تعتبر استفتاء شخصيا على نتنياهو الذي تشوهت صورته كصقر بسبب متاعبه القضائية

ويقول المنتقدون إن نتنياهو الذي يتزعم المعارضة في الوقت الحالي سيسعى بمساعدة من اليمين المتطرف إلى إصلاحات قضائية جذرية ستسمح له بتجنب المحاكمة والسجن المحتمل إذا أُدين، وهو ما نفاه.

التصويت القادم يمثل الفرصة الأخيرة لـ“بيبي” في العودة الى المشهد السياسي من باب السلطة، فيما يقول المتحدث السابق باسمه أفيف بوشنسكي إن نتنياهو لن يتنحى طوعا. ويضيف “مستحيل. سيحاول فعل كل ما في وسعه لتشكيل تحالف مهما كان ذلك جنونيا، وفي رأسه مهمة إلهية أسندت إليه لإنقاذ البلاد”.

ولد نتنياهو في أكتوبر 1949 في تل أبيب، وورث عن والده المؤرخ عقيدة متشددة، إذ كان الأخير المساعد الشخصي لزئيف جابوتنسكي، زعيم تيار صهيوني يقدّم نفسه على أنه “تصحيحي” ويسعى لتأسيس “إسرائيل الكبرى”. وفي أواسط السبعينات كان شقيقه يوناتان الجندي الإسرائيلي الوحيد الذي قتل أثناء مشاركته في عملية عسكرية نفذتها وحدة كان يشرف عليها لتحرير رهائن محتجزين في طائرة خطفتها منظمتان فلسطينية وألمانية في أوغندا، وهو يقول في مذكراته التي نشرها الشهر الجاري إنه “لن يتعافى أبدا” من مقتل شقيقه. ويضيف “عندما وصلني خبر وفاة يوني في عنتيبي، شعرت وكأن حياتي قد انتهت”.

صعد نجمه بعد أن عاش مرحلة من حياته في الولايات المتحدة، وتخرّج من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا العريق. وبفضل طلاقته باللغة الإنجليزية، ركّزت القنوات التلفزيونية الأميركية عليه أثناء كلامه عن إسرائيل بين أواخر ثمانينات ومطلع تسعينات القرن الماضي، وبناء على ذلك تم تكليفه بمنصب دبلوماسي في الثمانينات في سفارة تل أبيب في واشنطن.

يشكّك نتنياهو في اتفاقيات ”أوسلو“، ومن خلال موقفه ذاك تمكن من الوصول إلى  زعامة حزب الليكود عام 1996، ليكون أصغر رئيس وزراء لإسرائيل سنا عندما كان يبلغ من العمر 46 عاما. لكنه خسر السلطة، ثم استعادها بعد عشر سنوات ليبقى على رأسها حتى العام الماضي.

في العام 2019 تم توجيه تهم الفساد إلى نتنياهو، وهي التهم التي ينفيها ومع اقتراب محاكمته تعمق الشقاق بين مؤيديه ومنتقديه

يقول في مذكراته “كجندي، قاتلت للدفاع عن إسرائيل في ساحات القتال، وبصفتي دبلوماسيا صددت الهجمات على شرعيتها في المحافل الدولية، وبصفتي وزير مالية سعيت لمضاعفة قوتها الاقتصادية والسياسية بين الدول”. وكتب “ساعدت في تأمين مستقبل لشعبي القديم”.

خلال فترة حكمه لم ينخرط في محادثات سلام فعلية مع الفلسطينيين، بينما أشرف على توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة. وأسهم في دفن عملية السلام مع الفلسطينيين التي بدأت في 1990، وارتفع عدد المستوطنات في الضفة الغربية خلال السنوات العشر الأخيرة بنسبة 50 في المئة.

في السياسة الخارجية، ركّز نتنياهو على إيران وبرنامجها النووي والجماعات المتحالفة معها مثل حزب الله اللبناني.

وخلال السنة الأخيرة من حكمه، نجح في إبرام أربع اتفاقيات لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية، ونجح أيضا في إخراج البلاد من الإغلاق بعدما أطلق حملة تطعيم طموحة ضد فايروس كورونا.

معركة حياة أو موت

نتنياهو الذي يتزعم المعارضة في الوقت الحالي سيسعى بمساعدة من اليمين المتطرف إلى إصلاحات قضائية جذرية ستسمح له بتجنب المحاكمة والسجن المحتمل
نتنياهو الذي يتزعم المعارضة في الوقت الحالي سيسعى بمساعدة من اليمين المتطرف إلى إصلاحات قضائية جذرية ستسمح له بتجنب المحاكمة والسجن المحتمل

وتُظهر استطلاعات الرأي أن كتلة نتنياهو تتأرجح بين نصر صغير وأقل قليلا من أغلبية برلمانية، وأن يلعب حزب ”القوة اليهودية“ الذي يتزعمه إيتمار بن غفير، وهو قومي متطرف أدين في وقت من الأوقات بالتحريض العنصري، دور صانع الملك في الائتلاف المرتقب.

يقول موتي كار، وهو مستورد نشأ في الرملة، “ملوك الشوارع هم بالضبط من تحتاج إليهم في الشرق الأوسط. والشارع يريد بيبي”.

أما نتنياهو فيؤكد أنه “متفائل، وبات يشتمّ رائحة الانتصار“. لكن الإسرائيليين يقولون إن مشكلة نتنياهو الأكبر موجودة داخل معسكره، وفي حال نجح نتنياهو بتشكيل حكومة، بمشاركة المتشددين والحزبين الحريديين "شاس" و”يهدوت هتوراة“، فإن القلق لا يأتي من نتنياهو نفسه، بل ممن سوف يجلبهم معه للتغلب على لبيد.

إقرأ أيضا:

يائير لبيد نجم تلفزيوني أزاح نتنياهو

12