رؤية السعودية تتسع على خارطة الرياضة العالمية

الكثير من الأسئلة تُطرح حول إقامة الألعاب الشتوية الآسيوية في المملكة في ظل التغيّر المناخي.
الجمعة 2022/10/07
اتفاقية ناجحة

لوزان (سويسرا) - يخضع القرار المفاجئ بمنح المملكة العربية السعودية تنظيم دورة الألعاب الشتوية الآسيوية للعام 2029، لمنطق مزدوج، بين توظيف المسابقات الرياضية كواجهة لتلميع الصورة وسياسة هروب الهيئات الرياضية الدولية إلى الأمام في بحثها اليائس عن دول لاستضافة أحداثها.

ومن الصعب تخيّل الفجوة الهائلة بين تنظيم مسابقات التزلج في سابورو اليابانية التي استضافت أول نسخة من الآسياد الشتوي في 1986 وكذلك الأخيرة في 2017، وإقامتها في صحراء تروجينا الجبلية التي تبعد خمسين كيلومترا عن سواحل البحر الأحمر ولم يزرها ولو متزلج واحد من قبل.

وعبر الفرنسي يوهان كليري، وصيف البطل الأولمبي في مسابقة الانحدار، عن أسفه لذلك وقال لقناة “أرم أم سي” الثلاثاء إن المسابقة “دراماتيكية بالنسبة إلى رياضتنا”، بينما قال الأمين العام للاتحاد الدولي للتزلج ميشيل فيون إنه “فوجئ” بقرار المجلس الأولمبي الآسيوي.

وفي نهاية العام 2021، استضافت دبي مسابقة التعرّج (سلالوم) المؤهلة لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين في قاعة مبرّدة تابعة لمركز تسوق ضخم، وكانت الحرارة في الخارج تبلغ 30 درجة مئوية. لكن الكثير من الأسئلة تُطرح حول إقامة هذه الألعاب في السعودية التي تواجه مشكل التغيّر المناخي، مع ارتفاع مرتقب لدرجات الحرارة بسبب التأثير الطاقي مرورا بسوء تحويل الموارد المائية المحلية وإنشاء منحدرات اصطناعية.

لكن رؤية السعودية تتقدّم على خارطة الرياضة العالمية ليس بالمفاجأة في حد ذاتها، وذلك بالنظر إلى الاستثمارات سواء منها التي أنجزتها بتنظيم سباقات الفورمولا1 والدراجات ومنافسات الغولف العالمية أو التي تمت في مجال كرة القدم بشراء النادي الإنجليزي نيوكاسل يونايتد، فضلا عن الإعداد لملف استضافتها تظاهرة كأس العالم لكرة القدم للعام 2030.

ووراء كل مشروع يُراد تحقيقه هدف محدد. وهدف الألعاب الآسيوية “اقتصادي قبل كل شيء”، حسب ما بينه رافاييل لو ماغوارييك، المتخصّص في الجغرافيا السياسية للرياضة في دول الخليج بجامعة تور في فرنسا.

ويرى الباحث أن هناك تنافسا متواصلا في الخفاء مع الجيران القطريين والإماراتيين، الروّاد الإقليميين في الدبلوماسية الرياضية، كما أن الرياض “تريد بشكل أساسي تسليط الضوء على مدينتها المستقبلية” نيوم. وهذا المجمّع الذي تبلغ قيمته مئات المليارات من الدولارات، والذي اقترح إنشاءه ولي العهد محمد بن سلمان، ليس سوى تصميم جذّاب إلى حد اليوم. لكن المروجين له يريدون تدشينه في العام 2026، بإنشاء منحدرات للتزلج مفتوحة على مدار العام وبحيرة اصطناعية وقصور وفنادق فاخرة.

رؤية السعودية تتقدّم على خارطة الرياضة العالمية ليس بالمفاجأة في حد ذاتها، وذلك بالنظر إلى الاستثمارات التي أنجزتها

ويحذّر لو ماغوارييك من أن “هناك الكثير من الأشياء المجهولة تتعلّق بالجليد و بإنجاز المشروع برمته”.

ومن وجهة نظر مناخية، فإن كميات هطول الأمطار المنخفضة للغاية (أقل من 50 مم في السنة وفقا لمصادر مختلفة) تعزّز فرضية عدم نزول الثلج بشكل طبيعي حتى في منتصف الشتاء. لكن “في هذه المرحلة” يشكل منح السعودية تنظيم الألعاب “قبل كل شيء إعلانا لشد الانتباه”، ويجب فهمه “في سياق إقليمي بالكامل”، في تقدير لو ماغوارييك.

من خلال استضافة دورة الألعاب الآسيوية لا تسعى المملكة إلى مخاطبة الجمهور الأوروبي، وإنما إلى لفت انتباه الطبقات الثرية في الشرق الأوسط وروسيا والهند والصين.

وفي ظل غياب مرشح آخر لا يمكن للمجلس الأولمبي الآسيوي أن يكون شديد التدقيق، وقرّر أنه من الأفضل الذهاب إلى المملكة العربية السعودية عوضا عن عدم الذهاب إلى أي مكان آخر، حسب توضيح بيم فيرشورين، المتخصص في الجغرافيا السياسية الرياضية في جامعة رين II في فرنسا.

ونظّمت كل من اليابان والصين تواليا دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في طوكيو والشتوية في بكين، وقد تخلتا عن دورة الألعاب الشتوية الآسيوية، بينما يحتاج المجلس الأولمبي الآسيوي لدول تستضيف الدورات “للاستمرار سياسيا واقتصاديا”. ويؤكّد فيرشورين “السؤال الأكبر هو من هم أول المنظمين الذين سيقللون من حجم الحدث لاحترام معايير الاستدامة؟”. لكن الهيئات تبدو “كحمل ثقيل وتستغرق وقتا طويلا للتغيير” وفقا للجامعي، أمام خطر “التأخر” لفترات طويلة مع حالة الطوارئ المناخية.

19