قمة المناخ أداة للمزيد من ضغوط المنظمات الحقوقية على مصر

القاهرة تتوقع انتقادات غربية جديدة في ملف حقوق الإنسان.
الجمعة 2022/09/16
مصر لديها أهداف أكبر من التوقف عند انتقادات المنظمات الدولية

بدت خطوة الرئيس الأميركي جو بايدن بحجب 130 مليون دولار من المساعدات لمصر، على خلفية ملف حقوق الإنسان، خطوة لا تدين هذا الملف بقسوة ولا تتساهل معه، فقد مارس كبار المشرعين الديمقراطيين في الكونغرس الأميركي ضغوطا لحجب مساعدات بقيمة 300 مليون دولار لدفع القاهرة إلى تحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان.

منظمات حقوقية دولية زادت من ضغوطها على الحكومة المصرية قبل شهرين من انطلاق مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ ”كوب 27“ الذي تستضيفه شرم الشيخ، وأصدرت بيانات متتالية تطرقت فيها لوجود عوائق تعترض مشاركة مجموعات من المجتمع المدني البيئية المشاركة في المؤتمر.

وردت وزارة الخارجية المصرية على بيان لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” اتهمت فيه السلطات بـ”فرض عقبات على عمل المجموعات البيئية المصرية”، واعتبرت التقرير “مضللا”، ونشره يؤدي إلى نتائج عكسية في وقت ينبغي فيه تضافر الجهود لعقد مؤتمر ناجح يضمن تنفيذ الالتزامات المناخية العالمية.

وقالت الخارجية المصرية في بيان لها، الثلاثاء الماضي، إن التقرير “يستند إلى شهادات مصادر مجهولة، وجماعات مجهولة تزعم وجود عوائق محتملة أمام مشاركتها في المؤتمر”.

ولم يتحدث بيان المنظمة عن وقائع بعينها، واكتفى بالقول إن القاهرة فرضت عقبات تعسفية على التمويل والبحث والتسجيل والعمل على إضعاف الجماعات البيئية المحلية، وأجبرت نشطاء على الهروب إلى المنفى أو الابتعاد عن العمل المهم.

واعتادت القاهرة مواجهة اتهامات حقوقية لها بالتضييق على الحريات العامة والنشطاء العاملين في مجال حقوق الإنسان، وهو ما تقابله بالرد تارة والتجاهل في مرات عديدة.

عفت السادات: ضغوط عديدة تواجهها مصر منذ إعلانها عن استضافة المؤتمر

وتعاملت مع الكثير من الانتقادات لملفها الحقوقي من منطلق أنها تواجه حملات ممنهجة تستهدف الأمن القومي، وحاولت كسب ثقة البعض منها بإشراكها في إعداد قانون الجمعيات الأهلية وإعداد الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لكنها لم تنجح بشكل كبير ولم تتوقف الانتقادات الموجهة إليها.

ستكون قمة المناخ فرصة لإحراج القاهرة أمام المجتمع الدولي، ووضعها بشكل مستمر كطرف يدافع عن إجراءات تنظيم المؤتمر، وتعمل دوائر حقوقية عديدة على الربط بين الانفراجة الداخلية على مستوى تدشين الحوار الوطني والإفراج عن دفعات من المحبوسين على ذمة قضايا رأي وبين مساعي القاهرة لتحسين صورتها أمام العالم.

وأوضح رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ عفت السادات لـ”العرب” أن القاهرة تتعرض لضغوط من منظمات حقوقية دولية منذ أن جرى الإعلان عن استضافتها لمؤتمر المناخ، والحكومة أضحت على قناعة أن إجراءاتها وإن حظيت بإشادات دولية لن تكون على هوى منظمات اعتادت التقليل من أيّ قرارات تستهدف تحسين الملف الحقوقي.

وأضاف أن القاهرة تتوقع استمرار هذه البيانات، ووضعت خطة للرد على الانتقادات الحقوقية التي من شأنها التقليل من قدرتها على نجاح المؤتمر، ما يجعلها أكثر تقاربًا مع وسائل إعلام دولية تحرص على أن تنقل وجهة نظرها من خلالها، وأن استجابتها السريعة هذه المرة رسالة للمجتمع الدولي باستعدادها الجيد لاستضافة القمة.

وأشار إلى أن مصر لديها أهداف أكبر من التوقف عند انتقادات المنظمات الدولية، وتدرك بأن تحقيقها نجاحاً على مستوى الحصول على مكاسب اقتصادية وبيئية للقارة الأفريقية من شأنه تقليل حدة الانتقادات الموجهة من جانب منظمات دولية، وتذهب باتجاه التركيز على إنجازات القمة دون منح الفرصة لتوجيه السهام السياسية إليها.

وتكررت الانتقادات التي توجهها منظمات حقوقية للقاهرة بشأن إجراءات استضافة قمة المناخ، حيث حذرت 36 منظمة حقوقية في يوليو الماضي من أن “القيود على حق التظاهر وحرية التعبير في مصر يمكن أن تمنع مشاركة كاملة ونشطة للمجتمع المدني في قمة المناخ”، وذلك بعد أن أعلنت القاهرة تخصيص أماكن محددة لغرض التظاهرات وهو نشاط رئيسي في قمم المناخ المختلفة.

وكان البيان الحقوقي في ذلك الحين مدخلاً لتوجيه انتقادات مباشرة للنظام المصري واتهامه بأنه أسكت أطياف المعارضة ومنعها من التعبير عن آرائها، وهو ما عبر عن وجود تداخل بين مواقف تلك المنظمات من الحكومة وإجراءاتها للتضييق على الحريات وبين مواقفها من أيّ إجراءات تنظيمية تتخذها لإنجاح تنظيم المؤتمر.

واستخدمت منظمات حقوقية شعارات يرفعها بشكل دائم تنظيم الإخوان منذ الإعلان عن استضافة مصر للقمة، وتعتبر منحها حق تنظيمه “يمنح شرعية دولية للنظام الحالي”، ما يقلل من أثر تأثير البيانات التي تعبّر عن مواقف سياسية مباشرة.

أيمن عقيل: استخدام قمة المناخ كوسيلة للتأثير على الدولة لن يجدي نفعاً

وأكد رئيس مؤسسة ”ماعت“ للسلام والتنمية وحقوق الإنسان أيمن عقيل لـ”العرب” أن استخدام قمة المناخ كوسيلة للضغط على الدولة لم يحقق المرجو منه وأن توظيف المؤتمر للحديث عن قضايا حقوقية لن يجدي نفعاً أمام الرأي العام، لأن هناك قناعة بأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لها أولوية قصوى بالنسبة إلى الشعوب التي تواجه التأثيرات السلبية للحرب الأوكرانية وجائحة كورونا وأزمات الغذاء العالمية.

وأضاف عقيل أن تصدير الحقوق المدنية والسياسية في ظل حاجة الشعوب إلى تحسين أحوالها المعيشية وإيجاد حلول فاعلة للتعامل مع أزمة التغيرات المناخية لن يحقق مردوداً إيجابيًا، وستكون ردود الحكومة أقوى من أيّ انتقادات موجهة لها على مستوى أوضاعها الحقوقية، كما أن المؤتمر الذي تشارك الأمم المتحدة في تنظيمه يحظى برعاية دولية تجعل القاهرة بمعزل عن الانتقادات التنظيمية.

وشدد على أن المنظمات الحقوقية لديها الحق في رصد أيّ انتهاكات أو عقبات والمشاركة في إيجاد حلول لها شريطة التوثيق، ووجود شهادات لمصادر معلومة، وأن المنظمات التي تعمل بموضوعية تشير إلى براهينها، والأمر يحظى بأهمية أكبر إذا كانت المنظمة تعمل في إطار دولي وتراقب أوضاع حقوق الإنسان في بلدان عديدة.

ولدى دوائر حكومية مصرية قناعة بأن قمة المناخ توجه التمويل الذي تحصل عليه المنظمات نحو قضايا ذات ارتباط بقضايا البيئة والتغيرات المناخية، وهو ما ينعكس على حجم الاهتمام الذي توليه تلك المنظمات بأوضاع البيئة كلما اقترب موعد انعقاد القمة، وتتوقع أن تتزايد الانتقادات خلال الفترة المقبلة.

وتشهد قضايا البيئة والمناخ اهتماماً متصاعداً من الحكومة المصرية التي تسعى لاتخاذ خطوات استباقية تؤكد من خلالها حجم ما حققته من إنجازات في هذا المجال، وهو ما يترجمه اهتمام وسائل الإعلام المحلية بالكثير من المشروعات المتعلقة بتحسين جودة البيئة والتغطية على أيّ جوانب سلبية يمكن توظيفها ضدها أثناء انعقاد القمة.

اقرأ أيضا:

ماذا تريد مصر من القمة؟

6