تعطش أمازون للبيانات لا يتوقف

لندن - بدءا بمشترياتنا عبر الإنترنت، وصولا إلى مراقبة مدخل الدار. أمازون موجودة في كل مكان. واليوم تطمح إلى الهيمنة على الرعاية الصحية وتطبيقات المنزل الذكي.
لا شيء يوقف طموح أمازون للوصل إلى كل مكان وتقديم خدماتها في كل المجالات، حيث كشفت في الأسابيع الأخيرة عن خطط لاستثمار مليارات الدولارات في عمليتي استحواذ وصفتا بالعملاقتين. في حال تم الاتفاق حولهما سيوسعان من وجودها في حياة المستهلكين.
وتستهدف أمازون بصفقاتها مجالين هما الرعاية الصحية، من خلال استحواذها على ما قيمته 3.9 مليار دولار من شركة الرعاية المصنفة الأولى “وان ميديكال”، و”المنزل الذكي”
حيث تخطط لتوسيع وجودها القوي بالفعل من خلال اندماج بقيمة 1.7 مليار دولار مع “آي روبوت” مطور “رومبا” الشهير.
وليس مستغربا أن تثير الشركة، المعروفة بمجموعتها الواسعة من المعلومات حول المستهلك، المزيد من المخاوف حول الخصوصية بهذين الاندماجين، وحول الطريقة التي تجمع بها بياناتها وما تفعله بها. على سبيل المثال، يستخدم أحدث خط من رومبا أجهزة استشعار ترسم خرائط وتتذكر مخطط أرضية المنزل.
وتشير بعض التقديرات إلى أن عملاق البيع بالتجزئة يسيطر على ما يقرب من 38 في المئة من سوق التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة، مما يسمح له بجمع بيانات دقيقة حول تفضيلات التسوق للملايين من الأميركيين وغيرهم في جميع أنحاء العالم.
هل يمكن أن نوقف سيطرة عمالقة الإنترنت على بياناتنا الخاصة واستعمالها في التسويق والإعلانات أم أن الأمر أفلت من أيدينا؟
ويراقب Ring، الذي اشترته أمازون في عام 2018 مقابل مليار دولار، مداخل الأبواب ويساعد الشرطة على تعقب الجريمة، بغفلة عن المستخدمين.
وحاولت أمازون تهدئة المخاوف بقولها “نحن نتعامل مع توقيع راحة يدك تماما مثل البيانات الشخصية الحساسة للغاية الأخرى، ونحافظ عليها آمنة باستخدام أفضل الضوابط الأمنية التقنية والمادية في فئتها”.
ويقول إيان غرينبلات، الذي يرأس الأبحاث التقنية في شركة لأبحاث المستهلك وتحليل البيانات، “من الصعب التفكير في منظمة أخرى لديها العديد من نقاط الاتصال كما تفعل أمازون مع كل فرد (..) إنه أمر ساحق تقريبا، ومن الصعب وضع إصبعك عليه”.
وتهدف أمازون، مثل أي شركة، إلى النمو. في السنوات القليلة الماضية، اشترت الشركة شركة واي فاي الناشئة “ييرو” ودخلت في شراكة مع شركة البناء “لينر” لتقديم منازل تعمل بالتكنولوجيا. ومع آي روبوت، ستحصل على لبنة بناء أخرى للمنزل الذكي النهائي، وبالطبع المزيد من البيانات.
يمكن للعملاء عدم السماح لـ”آي روبوت” بتخزين تخطيط لمنازلهم. لكن المدافعين عن خصوصية البيانات يشعرون بالقلق من أن الاندماج هو طريقة أخرى يمكن أن تمتص بها أمازون المعلومات لدمجها في أجهزتها الأخرى أو استخدامها لاستهداف المستهلكين بالإعلانات.
وفي بيان، نفت المتحدثة باسم أمازون ليزا ليفاندوفسكي أن يكون هذا ما تريد الشركة القيام به، قائلة “نحن لا نستخدم الخرائط المنزلية للإعلانات المستهدفة وليست لدينا خطط للقيام بذلك”.
ولكن هل يكفي هذا ليخفف من المخاوف، خاصة في ضوء الأبحاث حول أجهزة أمازون الأخرى. في وقت سابق من هذا العام أصدرت مجموعة من الباحثين الجامعيين تقريرا وجد أن البيانات الصوتية من أجهزة “إيكو” من أمازون تستخدم لاستهداف الإعلانات للمستهلكين، وهو ما نفته الشركة في الماضي.
وقال عمر إقبال، وهو باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة واشنطن قاد البحث، إنه وزملاءه عثروا على أجهزة إيكو التي تعمل بنظام مهارات الجهات الخارجية، والتي تشبه تطبيقات أليكسا، التي تتواصل مع المعلنين.

بالنسبة لشركات مثل أمازون، فإن جمع البيانات هو أكثر من مجرد البيانات من أجل البيانات، كما لاحظت كريستين مارتن، أستاذة أخلاقيات التكنولوجيا في جامعة نوتردام.
وقالت مارتن “يمكنك أن تراهم تقريبا يحاولون فقط رسم صورة أوسع للفرد”. “يتعلق الأمر بالاستدلالات التي يمكنهم استخلاصها عنك على وجه التحديد، ثم مقارنتك بأشخاص آخرين”.
على سبيل المثال، أثارت صفقة “وان ميديكال” من أمازون تساؤلات حول كيفية تعامل الشركة مع البيانات الصحية الشخصية التي ستقع في حضنها.
وفي حالة إتمام الصفقة، قالت ليفاندوفسكي إن التعامل مع المعلومات الصحية للعملاء سيتم بشكل منفصل عن جميع شركات أمازون الأخرى. وأضافت أيضا أن أمازون لن تشارك المعلومات الصحية الشخصية خارج وان ميديكال “لأغراض الإعلان أو التسويق لمنتجات وخدمات أمازون الأخرى دون إذن واضح من العميل”.
لكن لوسيا سافاج، كبيرة مسؤولي الخصوصية في مزود الرعاية أومادا هيلث، قالت إن هذا لا يعني أن وان ميديكال لن تكون قادرة على الحصول على بيانات من أذرع أخرى من أعمال أمازون يمكن أن تساعدها في تحديد ملامح مرضاها بشكل أفضل.
مخاوف الخصوصية لا تقتصر على أمازون. وتقول غوغل إنها ستتخلص تلقائيا من المعلومات حول المستخدمين الذين يزورون عيادات الإجهاض وسط ضغوط من المشرعين الديمقراطيين. وفي الوقت نفسه، قامت شركة ميتا، التي تمتلك فيسبوك، بتسوية دعوى قضائية جماعية في فبراير بسبب استخدامها “ملفات تعريف الارتباط” قبل حوالي عقد من الزمان، والتي تتبعت المستخدمين بعد تسجيل خروجهم من فيسبوك.
ولكن على عكس ميتا وغوغل، اللتين ينصب تركيزهما بشكل أساسي على بيع الإعلانات، قد تستفيد أمازون أكثر من جمع البيانات لأن هدفها الأساسي هو بيع المنتجات، كما قال أليكس هارمان، مدير سياسة المنافسة في مشروع الأمن الاقتصادي لمجموعة مكافحة الاحتكار، “بالنسبة لهم، البيانات تستخدم لدفعك إلى شراء المزيد”.