ما الذي ينقص الدور القطري في غزة؟

هل تغير قطر موقفها من حماس في حال أعلن أردوغان الطلاق مع الحركة والإخوان في مصر أم ستستمر في دعم التيار الإخواني وحيدة ومن دون أي فائدة؟ سؤال ستجيبنا عنه الأيام المقبلة.
السبت 2022/09/03
رغم الدعم المالي القطري فإن حال غزة لن يتغير

لماذا تستمر قطر في إعطاء المسكنات لقطاع غزة في حين أن بإمكانها أن تتجه إلى المساعدة في بناء تنمية حقيقية، وإعادة فتح المصانع المغلقة لتشغيل الآلاف من العاطلين، بدل صرف منحة لا تصل جميع المحتاجين ولا تحل المشاكل الاقتصادية التي يغرق فيها القطاع.

هل بإمكان قطر استعمال قنواتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل لفك الحصار المفروض مقابل ضمانات الترتيب لهدنة طويلة الأمد بين حماس والاحتلال، تكون فيها الأولوية لبعث الحياة مجددا في غزة وتقريب المسافة بين سلطة رام الله وسلطة غزة؟

أليست قطر قادرة على أن تكون وسيطا فعالا في ملف المصالحة، أم أن الهدف الرئيسي من دعم قطر لغزة هو إبقاء الوضع على ما هو عليه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؟

◙ موضوع إدخال الحقائب المالية إلى غزة تعثر كثيرا بسبب رفض السلطة الفلسطينية الزج بها في عملية قد تتضرر منها البنوك التابعة لها

وصل رئيس لجنة إعادة إعمار غزة السفير القطري محمد العمادي إلى غزة الاثنين في زيارة لمتابعة المشاريع القطرية التي تهدف إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية لأهل غزة، وترعى لجنة الإعمار 25 مشروعا تتم فيها إعادة جزء من البنية التحتية التي دمرت إثر التصعيد الذي حصل العام الماضي، ويقول العمادي إن المشاريع تسير بنسق إيجابي. كما تعهد العمادي بإزالة آثار كل ما خلّفه الدمار الذي حصل أثناء المواجهة الشهر الماضي.

ولكن، لم يتم التطرق إلى المشروع القديم الجديد الذي تعهدت به قطر وهو إعادة بعث المنطقة الصناعية التي لم يتبق منها إلا اسمها، حيث عجزت أغلب الشركات على تحمل مخلفات الحصار الاقتصادي ونقص المواد الأولية لينتهي بها الأمر إلى الإغلاق وتشريد المئات من العاملين الذين تحولوا إما إلى تجارة البسطات أو لجأوا إلى إسرائيل للعمل.

تحتاج إعادة الإعمار إلى جو من الاستقرار الأمني والسياسي حتى تصل إلى مبتغاها. وللأسف لا يتوفر في غزة هذان العاملان الأساسيان لنجاح الدور القطري؛ ففي الوقت الذي يتم فيه إعمار منزل مدمر يتم قصف منزل آخر. وكأن قطر تدور في حلقة مفرغة تجعل ما ترصده للإعمار مجرد فاتورة دمار أو ضريبة تصعيد يتكرر دفعها بعد كل مواجهة تحدث. وتصبح الغاية من إعادة الإعمار العودة إلى نقطة الصفر، بدل الانطلاق إلى الأمام.

من المنطقي جدا أن يبنى الإعمار على أرضية صلبة مادتها الاستقرار الأمني، وإلا فإن الاستمرار في ضخ الأموال لن تكون له نتيجة ملموسة على أرض الواقع.

يمكن لقطر أن تستثمر علاقاتها القوية مع إدارة جو بايدن، وتعمل بالموازاة مع جهود الإعمار في رفع التجميد عن المساعدات الدولية التي كانت تصل إلى غزة بعد أن أطبق الاحتلال حصاره عليها.

تملك قطر وزنا ثقيلا في معادلة الشرق الأوسط وبإمكانها توظيف هذا الوزن في تسويق صورة معتدلة عن حماس، وحثها على تجنب التصعيد، ولكن المشكلة التي يمكن أن تواجه قطر هي تداخل سياسية حماس والجهاد مع أجندات إيرانية تدفع بغزة إلى طريق مسدود وتجعل إعادة النظر في تصنيفها أمرا صعبا.

في ظل الانقسام الفلسطيني، لا يمكن تصور غزة مغايرة لوضعها الحالي، والواجب يقتضي من قطر أن تعالج مشاكل غزة بدءا بمعالجتها للمشاكل في رام الله.

إذا أرادت قطر فعلا حل مشاكل الغزيين عليها أن تطرق باب السلطة الفلسطينية، وأن تبحث عن مخرج لحماس من ورطتها في حكم القطاع، لأن وجودها منذ 2007 أثبت أنه لم يساهم فقط في إضعاف البيت الفلسطيني، بل ساهم أيضا في إضعاف الصف العربي الداعم للقضية الفلسطينية وتقسيمه.

◙ لماذا تستمر قطر في إعطاء المسكنات لقطاع غزة في حين أن بإمكانها أن تتجه إلى المساعدة في بناء تنمية حقيقية، وإعادة فتح المصانع المغلقة

الخلاف القائم بين فتح وحماس كان له أثره الكبير على الصعيد الاقتصادي إذ توقفت رواتب الناس وانتهى الأمر بحاملي الإجازات الجامعية بشهادات لا تسمن ولا تغني من جوع.

كما أن موضوع إدخال الحقائب المالية إلى غزة تعثر كثيرا بسبب رفض السلطة الفلسطينية الزج بها في عملية قد تتضرر منها البنوك التابعة لها، وهذا ما تسبب في تعطيل المساعدات التي كان من شأنها تخفيف المعاناة التي يشعر بها أهل غزة.

هنا نصل إلى نتيجة منطقية، أنه لا مكان لتنمية ولا لمشاريع اقتصادية فعالة دون إشراك السلطة الفلسطينية في مشروع قطر؟ ولكي تصل قطر إلى ذلك ينبغي أن تواجه حماس بالحقيقة وأن تضعها في حجم حركة لا في حجم سلطة قادرة على إدارة شؤون القطاع.

يؤسفنا القول إنه رغم الدعم المالي القطري فإن حال غزة لن يتغير بل سيستمر من سيء إلى أسوأ، ذلك لأن معالجة الأمور لا تتم في الاتجاه الصحيح، وستستمر قطر في تقديم المسكنات وهي تدرك أن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج. ولكن لنرى هل ستغير قطر موقفها من حماس في حال أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الطلاق مع حماس والإخوان في مصر، أم ستستمر في دعم التيار الإخواني وحيدة ومن دون أي فائدة؟ سؤال ستجيبنا عنه الأيام المقبلة.

9