الذكاء الاصطناعي يرسم مستقبل الفن

التقدم المذهل للذكاء الاصطناعي يؤشر إلى عالم يمكن للكمبيوتر فيه التعلم والإبداع مثل البشر.
الجمعة 2022/08/05
صوفيا كريسبو: أقيم اتصالا مع الطبيعة من خلال وسيط

جوردي زامورا

باريس - تتيح خوارزميات متطورة للفنانة صوفيا كريسبو اختراع حشرات، في حين يستطيع الأميركي روبي بارات أن يعدّل شخصيات لوحات الفن الكلاسيكي، وهما نموذجان عن الثورة التي يمكن أن يُحدثها الرسم بمساعدة الذكاء الاصطناعي في الأعمال الفنية البصرية، بحسب دعاة الاستعانة به.

يقول جامع التحف وأحد أشهر المدونين في مجال الأعمال الفنية المشفّرة جيسون بيلي إن الأمر “أشبه بالرقص بين الإنسان والآلة”.

فغالبية هؤلاء الفنانين الرقميين تستخدم أجهزة كمبيوتر عملاقة وبرامج تُعرف باسم شبكات الخصومة التوليدية.

يتنافس نوعان من خوارزميات الذكاء الاصطناعي تطلق عليها تسمية “الشبكات العصبية” على تقديم الصورة الأكثر اكتمالا للفنان. ويتولى الفنان البشري أولاً توفير صور المصدر ويضبط الإعدادات للحصول انطلاقاً منها على النتيجة التي يتوخاها.

روبي بارات: لا أنشئ صورا بل نظاما يمكنه إنشاء وتوليد صور جديدة

تلجأ صوفيا كريسبو (30 عاماً) إلى هذه الخوارزميات لإعادة تكوين حيوانات. وتقول في مقابلة بالفيديو من لشبونة إن الهدف “ليس تجنب الطبيعة الحقيقية، ولكن إقامة اتصال مع الطبيعة من خلال وسيط نقضي فيه الكثير من الوقت، وهو الوسيط الرقمي”.

وتبدو حشرات كريسبو شديدة الواقعية، ولها قرون استشعار وأجنحة وأجسام تبدو وكأن مصدرها كتاب علم الحشرات، ولكن ما ينقصها كلها هي الرؤوس، ويبدو أن أجسامها خضعت لطفرات جينية متعددة.

ويؤشر التقدم المذهل للذكاء الاصطناعي إلى عالم يمكن للكمبيوتر فيه التعلم والإبداع، مثل البشر.

ولكن في الوقت الحالي، لا يزال الذكاء الاصطناعي في حاجة إلى التوجيه، وتتطلب سلسلة حشرات صوفيا كريسبو جهداً كبيراً ومراجعات كثيرة لمطابقة النماذج التي يريدها الفنان مع تلك التي تنتجها الشبكات العصبية.

وتلاحظ أمينة متحف بومبيدو في باريس كامي لنغلوا أن “الكمبيوتر جزء لا يتجزأ من العملية الإبداعية” لكنها ترى أن “القدرة على إنشاء صور واقعية لا تجعل كل شخص فناناً”، إذ أن صوراً ذات نوعية فنية تتطلب “قدرة نقدية وابتكارية”.

وعلى غرار صوفيا كريسبو، بدأ روبي بارات عمله قرابة عام 2018. وأدرج الآلاف من الأعمال الفنية الكلاسيكية في حاسوبه، وشرع في حوار مع الآلة، حتى حصل على ما كان يبحث عنه: سلسلة من التماثيل النصفية غير المتبلورة، تجمع ما بين أسلوبَي سلفادور دالي وفرنسيس بيكون.

ويشرح قائلاً “عندما أعمل بهذه الطريقة، لا أنشئ صورة، بل نظاماً يمكنه إعادة إنشاء الصور. وبطريقة ما، أنشئ أداة”.

ويتمتع هذا الشاب البالغ الثانية والعشرين ببراعة كبيرة في الفن الرقمي، وبيع أحد أعماله في مارس الماضي في مزاد لدار “سوذبيز” لقاء 700 ألف يورو.

إلا أن خوارزميات جديدة تتميز ببساطة أكبر في الاستخدام تسمى “المحوّلات” تكفل تحقيق تطور كبير في هذا الكون الناشئ.

وكانت الصعوبة الأكبر تكمن في جعل الكمبيوتر قادراً على استيعاب كميات ضخمة من الصور مع نصوصها التوصيفية.

نوعان من خوارزميات الذكاء الاصطناعي تطلق عليها تسمية "الشبكات العصبية" يتنافسان على تقديم الصورة الأكثر اكتمالا للفنان

ولا يمكن تحقيق هذه المهمة الضخمة إلا بمشاريع تتمتع بتمويل كبير مثل “Dall-E 2” من شركة “أوبن إي آي” في كاليفورنيا التي تحظى بتمويل خاص من الملياردير إيلون ماسك.

واستناداً على جملة واحدة، يصبح الكمبيوتر بعد تزويده كل هذه المعطيات قادراً على مزج المفاهيم وإنشاء تمثيلات متعددة “لفجلتين على لوح التزلج” أو “رائد فضاء قرد”.

وترى صوفيا كريسبو التي اختبرت “2 Dall-E” إنه الأفضل من حيث توليد الصور عموماً.

ويعتقد الخبراء أن هذه البرامج يمكن أن تحدث ثورة في صناعة إنشاء الصور وتنقيحها.

وعلى الشبكات الاجتماعية، يتم منذ الآن تداول أمثلة عدة.

وفي المقابل، لم تنشر “أوبن إي آي” و”غوغل” مباشرة بعد أداة المستهلك ولم تطرحها في السوق، بسبب ما تنطوي عليه من مخاطر الاستخدام الضار.

الذكاء الاصطناعي لا يزال في حاجة إلى التوجيه
الذكاء الاصطناعي لا يزال في حاجة إلى التوجيه

12