عمالقة العالم يتنافسون للظفر بلقب كأس العالم

سانشيز ينشد كتابة التاريخ مع قطر وفليك يسعى لمعادلة إنجاز ديرفال.
الأحد 2022/04/10
نتعهد بتألق تاريخي

تمثل قيادة المنتخبات في بطولات كأس العالم حلما كبيرا لأيّ مدرب كونها البطولة الأبرز في عالم كرة القدم، ويشهد مونديال قطر مشاركة العديد من المدربين للمرة الأولى في تاريخ البطولة الأعرق. ومن بين 29 منتخبا تأهلت حتى الآن إلى المونديال، بانتظار تأهل المنتخبات الثلاثة الباقية في يونيو المقبل، سيخوض 17 منتخبا البطولة بقيادة فنية لم يسبق لها المشاركة في المونديال على مقعد المدير الفني. ومن بين هؤلاء المدربين نذكر هانز فليك المدير الفني للمنتخب الألماني وفيليكس سانشيز مدرب قطر.

زيورخ - فيما يتأهب العديد من اللاعبين وعدد من المدربين لبطولة كأس العالم 2022 لكرة القدم في قطر من أجل زيادة رصيدهم من المشاركات في البطولة العالمية بل ويتطلع بعضهم لتحقيق بعض الأرقام القياسية إلى جانب رغبته في المنافسة بقوة خلال هذه البطولة، ستشهد هذه النسخة مشاركة العديد من المدربين للمرة الأولى في تاريخ كأس العالم.

وتمثل قيادة المنتخبات في بطولات كأس العالم حلما كبيرا لأي مدرب كونها البطولة الأبرز في عالم الساحرة المستديرة.

وعندما تنطلق فعاليات النسخة الثانية والعشرين من المونديال في قطر أواخر العام الحالي، ستكون المشاركة الأولى لمدربي أكثر من نصف عدد المنتخبات المشاركة في البطولة. ومن بين 29 منتخبا تأهلت حتى الآن إلى المونديال القطري، بانتظار تأهل المنتخبات الثلاثة الباقية في يونيو المقبل، ستخوض 17 منتخبا البطولة بقيادة فنية لم يسبق لها المشاركة في المونديال على مقعد المدير الفني.

خطط طموحة

طموح قطري
طموح قطري 

تطورت الخطط الطموحة لقطر؛ البلد المضيف لمونديال 2022، بالتزامن مع الصعود التدريجي لفيليكس سانشيز، الذي جاء إلى قطر في عام 2006 للعمل في أكاديمية "أسباير” للتفوق الرياضي، وساعد في بزوغ الجيل الموهوب من اللاعبين الذين يشكلون الآن العمود الفقري للمنتخب القطري، ومن بينهم اثنان من أكبر نجومهم، أكرم عفيف والمعز علي. وبعد سبع سنوات في “أسباير”، تولى سانشيز قيادة منتخب قطر للشباب (تحت 19 عاما) وحقق نجاحا كبيرا بشكل فوري، حيث قاد الشباب الموهوبين إلى لقب بطولة آسيا (تحت 19 عاما) في 2014، وسجل عفيف وعلي سبعة أهداف خلال البطولة.

وتكرر النجاح مع المنتخب الأول خلال بطولة كأس آسيا 2019 بالإمارات، عندما تولى سانشيز قيادة الفريق خلفا للأورغواياني خورخي فوساتي، وأنهى الفريق البطولة بفوز تاريخي مثير للإعجاب على نظيره الياباني في النهائي.

وحرص سانشيز، الذي كان في الماضي مدربا لفريق الشباب بنادي برشلونة الإسباني، على وضع لاعبيه في الاختبار ببيئات مختلفة، وقادهم في بطولة كأس أمم أميركا الجنوبية (كوبا أميركا) عام 2019، وتعادل الفريق خلالها مع منتخب باراغواي. كما وصل سانشيز مع الفريق إلى المربع الذهبي لبطولة الكأس الذهبية لأمم اتحاد كونكاكاف (أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي).

هانز فليك استنسخ نجاحه مع بايرن إلى المنتخب الألماني وقاد الفريق لمونديال 2022 حيث حقق الفوز في ثماني مباريات

وكذلك قاد الفريق للفوز بالمركز الثالث في بطولة كأس العرب 2021 بقطر، والتي كانت بمثابة اختبار للملاعب والمرافق في قطر قبل مونديال 2022. ومع مرور 15 عاما من الاستعدادات الجادة تحت قيادته، ستكون كأس العالم 2022 تتويجا لرحلة طويلة ومثمرة لسانشيز.

وبدأ فليك مسيرته التدريبية الحافلة وهو لا يزال لاعبا؛ ففي 1996 وخلال لعبه لفريق فيكتوريا بامينتال الألماني، تلقى فليك عرضا ليكون مدربا للفريق في نفس الوقت. وبعد أربع سنوات من العمل المزدوج مع هذا الفريق كلاعب ومدرب، انتقل فليك إلى تدريب هوفنهايم. وبعد رحيله عن هوفنهايم في نوفمبر 2005، عمل فليك لفترة قصيرة مدربا مساعدا بفريق ريد بول سالزبورغ النمساوي قبل انتقاله للعمل ضمن الطاقم المعاون للمدرب يواخيم لوف في المنتخب الألماني.

وكانت الشراكة بين لوف وفليك مثمرة بالفعل حيث توج المنتخب الألماني بلقب كأس العالم 2014 بالبرازيل قبل أن ينتقل فليك للعمل مديرا رياضيا للاتحاد الألماني، وهو المنصب الذي شغله حتى يناير 2017. وبعدها بعامين، عاد فليك للعمل كمدرب مساعد ولكن هذه المرة كانت برفقة الكرواتي نيكو كوفاتش في تدريب بايرن ميونخ.

ومع رحيل كوفاتش عن تدريب الفريق في نوفمبر 2019، تم تصعيد فليك لمنصب المدير الفني بشكل مؤقت ثم بشكل دائم بعد إثبات كفاءته. وقاد الفريق لواحدة من أنجح الفترات وفاز معه بسبعة ألقاب من بينها ثلاثية (الدوري والكأس بألمانيا ودوري أبطال أوروبا) في موسم 2019 – 2020.

ورغم هذا النجاح مع بايرن، والذي أدى لفوزه بجائزة أفضل مدرب في أوروبا، لم يتردد فليك في قبول تدريب المنتخب الألماني لتكون المرة الأولى التي يكون فيها مديرا فنيا للفريق، وذلك خلفا للمدرب يواخيم لوف الذي رحل عن المنصب بنهاية مسيرة الفريق في كأس أمم أوروبا (يورو 2020) التي أقيمت في منتصف العام الماضي. وكانت الانتقادات الموجهة للمنتخب الألماني ولوف منذ فشلهما في مونديال 2018 بروسيا ظروفا مثالية لبدء عمل فليك مع الفريق.

مسيرة مظفرة 

رحلة مشوقة
رحلة مشوقة 

استنسخ فليك نجاحه مع بايرن إلى المنتخب الألماني وقاد الفريق لمونديال 2022 حيث حقق الفوز في ثماني مباريات من بين تسع مباريات قاد فيها الفريق حتى الآن. ويتطلع فليك إلى النجاح في المونديال القطري كأول بطولة كبيرة يقود فيها المانشافت لمعادلة إنجاز يوب ديرفال الذي كان آخر مدرب يقود المانشافت للقب في أول بطولة يقود فيها الفريق.

عندما سجل ماكسي رودريغيز هدفه، الذي لا ينسى، بالقدم اليسرى في شباك المكسيك ليمنح التقدم للتانغو الأرجنتيني على المنتخب المكسيكي 2 – 1 في دور الستة عشر لمونديال 2006 بألمانيا، كان أول لاعب عانقه النجم الشهير ليونيل ميسي خلال الاحتفال بالهدف هو ليونيل سكالوني. وكان ميسي وقتها لا يزال في بداية مسيرته مع المنتخب الأرجنتيني فيما كان سكالوني نجما بارزا في صفوف الفريق الذي يقوده المدرب خوسيه بيكرمان.

وبعد 16 عاما من المشاركة كزميلين في صفوف التانغو بالمونديال الألماني، سيتعاون ميسي وسكالوني مجددا في المونديال من خلال نسخة 2022 في قطر ولكن سكالوني سيكون هذه المرة على مقعد المدير الفني للفريق فيما سيكون ميسي هو من يحمل شارة قيادة الفريق. وتولى سكالوني تدريب المنتخب الأرجنتيني بعد الخروج المخيب للآمال للفريق من بطولة كأس العالم 2018 بروسيا حيث قدم الفريق عروضا متواضعة في دور المجموعات ثم سقط في دور الستة عشر.

مع مرور 15 عاما من الاستعدادات الجادة تحت قيادته، ستكون كأس العالم 2022 تتويجا لرحلة طويلة ومثمرة لسانشيز

وكان سكالوني مساعدا للمدرب خورخي سامباولي خلال هذه البطولة. وعندما رحل سامباولي عن منصبه، وافق سكالوني على أن يحل مكانه بشكل مؤقت. وفي هذه المرحلة، كان قليلون فقط على استعداد لمواجهة مثل هذا التحدي وتدريب فريق يفتقد لثقة جماهيره بعدما فشل على مدار ما يقرب من 30 عاما في التتويج بلقب كبير.

ولكن سكالوني، الذي لم يكن المسؤول الأول عن أي فريق قبل هذا التاريخ، برهن أنه على قدر المسؤولية وحقق النجاح مع الفريق ثم توج معه بلقب كأس أمم أميركا الجنوبية (كوبا أميركا) في منتصف 2021 ثم حجز مقعدا للفريق في مونديال 2022 بعدما حل ثانيا في تصفيات قارة أميركا الجنوبية المؤهلة للبطولة.

وحافظ الفريق تحت قيادة سكالوني على سجله خاليا من الهزائم في 31 مباراة متتالية. والآن، يطمح سكالوني في قيادة الفريق للفوز بلقب المونديال للمرة الأولى منذ 36 عاما وبالتحديد منذ الفوز بلقبه الثاني في المونديال خلال نسخة 1986 بالمكسيك.

وتسبب الأداء الفاتر من المنتخب الكاميروني وخروجه من المربع الذهبي لكأس أمم أفريقيا، التي استضافتها بلاده مطلع 2022، في الإطاحة بالمدرب البرتغالي توني كونسيساو من منصب المدير الفني للمنتخب الكاميروني.

وقبل شهر واحد من خوض الفريق فعاليات الدور النهائي الحاسم من التصفيات الأفريقية المؤهلة لمونديال 2022، اضطر صامويل إيتو رئيس الاتحاد الكاميروني للعبة إلى اتخاذ هذا القرار الصعب واللجوء لحل اضطراري بإسناد المهمة إلى صديقه القديم ريغبور سونغ الذي طالما لعب بجواره في صفوف المنتخب الكاميروني (الأسود غير المروضة).

وكان سونغ مدربا للمنتخب الكاميروني الأولمبي (تحت 23 عاما) بداية من 2018 لكنه يحظى بمسيرة كروية رائعة حيث تضمنت فترات لعب لكل من ليفربول وويستهام الإنجليزيين كما أنه يستحوذ على الرقم القياسي لأكبر عدد من المباريات يخوضها أي لاعب مع المنتخب الكاميروني برصيد 137 مباراة خاضها على مدار الفترة من 1993 إلى 2010.

عشق الكرة

غرام كبير
غرام كبير 

أصبح الإنجليزي جون هيردمان مغرما بكرة القدم الجميلة من خلال متابعته لمونديال 1986 بالمكسيك، رغم مشاهدة أسطورة كرة القدم الأرجنتيني الراحل دييغو مارادونا وهو يقضي بمفرده تقريبا على المنتخب الإنجليزي ويطيح به من البطولة. وقال هيردمان "أتذكر مشاهدة دييغو أمام المنتخب الإنجليزي وكنت برفقة والدي.. هذا عندما عشقت كرة القدم".

ورغم أن مسيرته الكروية كلاعب تقتصر على الظهور في عدد قليل من المباريات بالدوري شبه المحترف في شمال إنجلترا، كانت جاذبية كرة القدم قوية بالنسبة إليه، وبدأ هيردمان مسيرته التدريبية وهو لا يزال في السادسة عشرة من عمره.

وبعد قضاء بعض الوقت في البرازيل وتعلمه لطرق تدريبية جديدة، عاد إلى مسقط رأسه بمدينة كونسيت وأنشأ مدرسة لكرة القدم ارتادها عدد من لاعبي أكاديمية سندرلاند. وازدادت هذه العلاقة قوة بمرور الوقت ما أدى لتوليه منصب مدرب التطوير في النادي الإنجليزي.

رغم أن مسيرته الكروية كلاعب تقتصر على الظهور في عدد قليل من المباريات بالدوري شبه المحترف في شمال إنجلترا، إلا أن جاذبية كرة القدم كانت قوية بالنسبة إليه

وفي عام 2001 اتخذ هيردمان خطوة إلى الأمام في رحلته الكروية عندما انتقل إلى نيوزيلندا، حيث عمل في البداية بالاتحاد النيوزيلندي لكرة القدم.

وبعدها حصل هيردمان على فرصة تدريب المنتخب النيوزيلندي للسيدات في عام 2006، وقاد الفريق إلى كأس العالم للسيدات في نسختي 2007 و2011 وإلى أولمبياد بكين 2008.

وفي عام 2011 تولى تدريب المنتخب الكندي للسيدات بعدما خسر الفريق جميع مبارياته في مونديال 2011. وبعد مشاركة أفضل للفريق في مونديال 2015، عندما استضافت بلاده البطولة وبلغ فيها الفريق دور الثمانية، تلقى هيردمان عرضا لتدريب منتخب كندا للرجال.

ورغم الشكوك التي أحاطت بهذه الخطوة في البداية، بدأ هيردمان ببساطة وهدوء في تحقيق هدفه مع الفريق وهو إحداث ثورة في كرة القدم الكندية، والتي تضمنت الخطوة الأولى منها التأهل إلى قطر 2022، وهو الهدف الذي تشكك فيه حتى مسؤولو الاتحاد الكندي الذين أسندوا إليه المهمة.

وبدأ هيردمان بالفعل في بناء فريق موهوب، يمكن أن يتكيف خططيا في مواجهة منافسيه المختلفين، ونجح بالفعل في تصدر جدول تصفيات اتحاد كونكاكاف (أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي) المؤهلة للمونديال متقدما على المنتخبين المكسيكي والأميركي.

وبعد هذه الإنجازات، لم يعد هيردمان مضطرا لإثبات جدارته لأي أحد، حيث يستعد ليصبح أول مدرب في تاريخ كرة القدم يخوض كأس العالم للرجال والسيدات. ومع ضمان تأهل كندا لمونديال 2026 كإحدى الدول المضيفة، سيتطلع هو ولاعبوه إلى وضع أسس أخرى للنجاح عبر المونديال القطري.

18