الخدمة البطيئة للإنترنت تحبط طموحات اليمنيين

الإنترنت المكلفة تحد من الوصول إلى الخدمات اليومية من المعاملات المصرفية إلى الدروس ووسائل النقل.
الجمعة 2022/03/25
ربع اليمنيين فقط يتمتع بإمكانية الولوج إلى الإنترنت

مايا جبيلي

عدن - أطلق رجل الأعمال اليمني عبيد البكري تطبيقا لمشاركة السيارات لتوفير النقل الآمن في مدينة عدن الجنوبية. ولكن سرعان ما واجهت خططه مشكلة، حيث كان الإنترنت بطيئة للغاية، ولم يتمكن أحد من حجز رحلة بسبب ذلك.

وقال مؤسس “تيك مي” البالغ من العمر 34 عاما “كانت عدن أرضا ملائمة جدا لتطبيق الرحلات المشتركة بالسيارة، فنحن كلنا نواجه المشاكل الأمنية مع سيارات الأجرة العادية، حيث يسرق الركاب السائقين أو العكس… لكن الإنترنت كانت بطيئة للغاية”.

وفي ظل سنوات من الحرب والأزمة الاقتصادية، تحد الإنترنت البطيئة والمكلفة في اليمن من الوصول إلى الخدمات اليومية، من الخدمات المصرفية إلى الدروس عبر الإنترنت ووسائل النقل. ويمكن أن يعني هذا خسارة الفرص الاقتصادية والتعليمية خاصة بالنسبة إلى الشباب.

وقال بكري إن مستثمري “تيك مي” الخمسة أنفقوا الآلاف من الدولارات منذ 2020 على محاولة جعل التطبيق خفيفا قدر الإمكان للعمل على خدمة الإنترنت عبر الهاتف المحمول، ولكن دون جدوى.

ويمتلك اليمن أبطأ إنترنت في العالم، وفقا لخدمة تحليل الويب سبيد تيست، بمتوسط ​​سرعة تنزيل يبلغ 0.53 ميغابايت في الثانية، خلف تركمانستان، الأسرع بست مرات.

بنية تحتية متقادمة

نادية السقاف: يمكن للإنترنت أن تفتح عالما جديدا بالكامل أمام شباب اليمن

كما أن معدلات انتشار الإنترنت منخفضة أيضا. ولا يتمتع سوى ربع اليمنيين بإمكانية الوصول إلى الإنترنت، مقارنة بمتوسط ​​ثلاثة أرباع في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وفقا لتقرير داتا ريبورت لسنة 2022.

ويدفع اليمنيون أعلى معدل في المنطقة عند 16 دولارا لكل جيغابايت، مقارنة بحوالي دولار واحد في البلدان المجاورة، وفقا لتقرير عن اليمن من أرابيا براين تراست، وهي مؤسسة فكرية مستقلة تعمل على تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة.

ويرجع ذلك إلى البنية التحتية للإنترنت المتقادمة التي لم تجر صيانتها والتي تضررت بسبب أكثر من سبع سنوات من الحرب، والانخفاض الحاد في قيمة العملة المحلية الذي حد بشدة من القدرة الشرائية في الأشهر الأخيرة.

كما يعد الاتصال بالإنترنت أكثر صعوبة في المناطق الريفية. وقال بلال سلال وهو طالب الأمراض الجلدية بجامعة عدن “أعيش في الريف والإنترنت بطيئة للغاية هناك”.

وكان ينفق بالفعل مصروف الجيب على وسائل النقل العام للوصول إلى الجامعة، مما يجعل الاتصال بالإنترنت رفاهية لا يمكنه تحمّلها. وقال “تكلفني 800 ميغا حوالي 10 دولارات. وهذا لا يكفي لمتابعة محاضرة ويبقى الحصول على المزيد مكلفا للغاية بالنسبة إليّ”.

وعندما أغلقت جامعة عدن أبوابها خلال فترات القتال والوباء، وجد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس حلولا منخفضة التقنية حيث تعثرت الخدمات في اليمن تحت وطأة الدروس عبر الإنترنت.

وقال عبدالرزاق حكم طالب الطب “هل ترغب في مشاهدة محاضرة أو دورة تدريبية إضافية على موقع يوتيوب؟ انس الأمر”.

وبدلا من ذلك، طلب من أصدقائه في الخارج تنزيل المحاضرات على أقراص صلبة خارجية لإحضارها معهم، ثم وزّع المواد على محركات أقراص فلاش.

وقال ناصر عقيل، وهو طالب آخر في الجامعة، إن أساتذته استخدموا واتساب لأنه يتطلب نطاقا تردديا أقل.

وقال عقيل “كان أساتذتنا يرسلون إلينا من 10 إلى 15 رسالة صوتية على واتساب، مدة كل واحدة منها خمس دقائق. هذه هي طريقة التسجيلات الصوتية”.

ويعتزم الطلبة الذين تحدثنا إليهم البحث عن عمل في الخارج بعد التخرج مما يفاقم “هجرة الأدمغة”. وقال عقيل “العالم متصل بالإنترنت، ونحن لسنا كذلك”.

ويمكن لمن لديهم الإمكانيات أن يدفعوا قسط الاشتراك في شركة “عدن نت” المدعومة من الدولة، والتي ظلت متصلة بالإنترنت في بعض الأحيان عند قطع مقدمي الخدمات الآخرين.

لكن “عدن نت” حدّت من الاشتراكات في خدمتها، مما أدى إلى ظهور سوق سوداء شهدت بيع أجهزة مودم بعدة مئات من الدولارات، وهذا أدى بدوره إلى تقزيم متوسط ​​الدخل الشهري.

فرص ضائعة

شباب اليمن

زاد الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي من مشاكل اليمن على شبكة الإنترنت. وعندما أغلقت المكاتب ومقاهي الإنترنت بسبب الحرب أو قيود كوفيد – 19، كان على الناس العمل من المنزل، حيث يمكن أن يستمر انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 20 ساعة.

وقالت عائشة الوراق مديرة البرامج في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية “يحاول البعض الذهاب إلى الفنادق للحصول على الإنترنت والكهرباء، لكن الجلوس في الردهة يكلفهم الكثير”.

وأضافت “استخدم آخرون المولدات. لكن كان هناك نقص في الوقود وتضاعفت الأسعار منذ بدء الحرب، فلم يعد بإمكان الكثير من الناس تحمل تكلفة الوقود”.

وقالت الوراق إنها تعرف العديد من الشباب اليمنيين الذين فاتتهم مقابلات أو عروض تقديمية لأن انقطاع التيار الكهربائي منعهم من تسجيل الدخول إلى زوم. وتابعت “إنهم يخسرون الفرص بالتأكيد”.

ويحث تقرير أرابيا براين تراست، المقرر نشره هذا الشهر، السلطات اليمنية على ترخيص الشركات الخاصة لدخول السوق وإصلاح الأجهزة التي تضررت بسبب الحرب.

وقالت باحثة الإنترنت نادية السقاف التي ساهمت في التقرير وشغلت لفترة وجيزة منصب أول وزيرة إعلام يمنية في 2014 إن ذلك يمكن أن يجلب دفعة قوية للاقتصاد نحن في أمسّ الحاجة إليها.

وتابعت “وجدنا أن ربط 80 في المئة من اليمنيين بالإنترنت سيزيد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 1 في المئة كل سنة”.

ونظرا لأن لليمن عددا قليلا من مقاهي الإنترنت الملائمة للمرأة، فإن تعزيز الاتصال الفردي يمكن أن يزيد من اندماجها الاقتصادي. ويمكنه أيضا ربط المزارعين والقطاعات الإنتاجية الأخرى في شبكة عالمية والسماح بالخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول. وقالت السقاف “يمكن أن ينفتح عالم جديد بالكامل”.

12