الحق في النسيان: سجلك الإجرامي يُمسح؛ سجلك على غوغل باق

مؤسسة حرية الإنترنت تعدّ مجموعة حقوق رقمية.
الجمعة 2022/03/18
غوغل: هدفنا دعم أكبر وصول ممكن إلى المعلومات

رينا شاندران

مضى أكثر من عقد على اعتقال الممثل الهندي ونجم تلفزيون الواقع أشوتوش كوشيك بسبب القيادة تحت تأثير الكحول. وهو يكافح اليوم من أجل الحق في وضع الحادث وراءه إلى الأبد. وقدّم التماسا في محكمة دلهي العليا العام الماضي، طالبا فيه إزالة حوالي 20 تقريرا إخباريا على الإنترنت ومقاطع فيديو للاعتقال وحوادث “بسيطة” أخرى، مما يسلط الضوء على دفع أوسع في الهند من أجل محو السجل القانوني من الإنترنت.

وقال أكشات باجباي، المحامي الذي يمثل كوشيك: “موكلي محتجز رهينة لحوادث طفيفة منذ أكثر من عقد مضى وقد دفع ثمنها بالفعل. لماذا يجب عليه الاستمرار في دفع الثمن في كل مرة يبحث فيها أحد الأشخاص عن اسمه على غوغل؟”.

وكانت قضية كوشيك من بين العشرات من الالتماسات المماثلة في الهند التي تسعى إلى إزالة المعلومات من الإنترنت على أساس أنها لم تعد ضرورية أو ذات صلة، مما يجعل حقوق الخصوصية تتعارض مع حرية التعبير والمصلحة العامة.

كوشيك.. لماذا عليه الاستمرار في دفع الثمن في كل مرة يبحث فيها أحد الأشخاص عن اسمه على محرك غوغل

وصرّح باجباي لمؤسسة تومسون رويترز: “يجب أن نوازن بين الحق في النسيان والحق في المعرفة. ولكن ما هو الصالح العام العظيم الذي يتحقق من خلال ظهور حادث خاص بسيط في كل مرة يبحث فيها شخص ما عن اسمه على الإنترنت؟”.

وفي غياب قانون فيدرالي، قضت عدة محاكم محلية مؤخرا بأن الحق في أن يُنسى الأمر أو يُترك وشأنه هو حق ملازم للحق في الخصوصية، وقد اعترفت به المحكمة العليا في الهند حقا أساسيا سنة 2017.

وأصبحت القضية ساخنة في جميع أنحاء العالم مع النمو الهائل في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات عبر الإنترنت، لكن لقلة من البلدان تشريعات حولها.

وجاء الاعتراف بالحق في النسيان في أوروبا في 2014، وهو جزء من اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي. وقضت المحكمة العليا هناك في 2019 بأن محركات البحث لا يتعين عليها تطبيق القانون في أي مكان آخر.

وقال مسؤولون حكوميون في الهند إن مشروع قانون حماية البيانات الذي طال انتظاره يتناول الحق في النسيان. وقال متحدث باسم غوغل، ورد اسمه في عريضة كوشيك، إن للمحرّك أنظمة تمكن المستخدمين من الإبلاغ عن المحتوى الذي ينتهك سياساتهم، بما في ذلك “إزالة المحتوى غير القانوني بموجب القوانين المحلية المعمول بها”. وأضاف المتحدث: “كان هدفنا دائما دعم أكبر وصول ممكن إلى المعلومات”.

منذ قرار الاتحاد الأوروبي الصادر عام 2014، تلقت شركة غوغل أكثر من 1.2 مليون طلب لإزالة أكثر من 4.8 مليون رابط، بما في ذلك من سياسيين ومشاهير وعامة الناس. ويجب أن يلتزم محرك البحث إذا كانت الروابط “غير كافية أو غير ذات صلة أو لم تعد ذات صلة”، مع مراعاة عوامل المصلحة العامة. وأظهرت بيانات غوغل حذف أكثر من نصف عناوين الصفحات المُبلغ عنها.

وفي أماكن أخرى، تسمح روسيا بعمليات الإزالة في بعض الظروف، بينما سمحت دول مثل إسبانيا والأرجنتين والولايات المتحدة بالحذف في بعض الحالات.

وفي الهند، تأتي معظم الالتماسات المطالبة بالحق في النسيان من أشخاص وقعت تبرئتهم من جرائم أو قضوا مدة عقوبتهم. حيث وجد البعض معلومات نُشرت على الإنترنت دون موافقتهم.

مقدمو الالتماس يقولون إن السجلات على الإنترنت أضرت بسمعتهم ووظائفهم وحتى آفاق الزواج

وأشارت أنانديتا ميشرا، من مؤسسة حرية الإنترنت، إلى أن مسألة معالجة ما إذا كان بإمكان الأشخاص المطالبة بإزالة المعلومات الخاصة بهم من عمليات البحث، دون الحد من حرية التعبير والمصلحة العامة المشروعة، ترتبط بالمحاكم المقيدة بسبب الافتقار إلى قانون لحماية البيانات.

وتعدّ مؤسسة حرية الإنترنت مجموعة حقوق رقمية. وهي مدعى عليها في قضية تنظر فيها المحكمة العليا في ولاية كيرالا، حيث يريد مقدمو الالتماس إزالة أسمائهم من موقع مجمع الأحكام ومحركات البحث وسجلات المحكمة عبر الإنترنت بعد تبرئتهم.

ويقول مقدمو الالتماس إن السجلات على الإنترنت أضرت بسمعتهم ووظائفهم وحتى آفاق الزواج. لكن المؤسسة قالت إن السماح بالحق في النسيان في هذه الحالة قد يقوّض حرية الكلام والتعبير والحق في تلقي المعلومات.

وقالت أنانديتا ميشرا: “موقفنا هو أن سجلات المحكمة ستبقى سجلات عامة إلى أن يوضع قانون لحماية البيانات. حيث لا ينطبق الحق في الخصوصية أو الحق في النسيان عندما يكون شيء ما في السجل العام”.

عدم وجود قانون لحماية البيانات في الهند يفرض على الأشخاص الذين يرغبون في طلب الحق في النسيان أن يناضلوا من أجله في المحكمة، وعليهم أن يخوضوا معركة قانونية طويلة ومكلفة. وأكّد باجباي أن كثيرين لا يقدرون على ذلك. وقال إنه بالنسبة للمحاكم، يعدّ التوازن بين حق الملتمس في الخصوصية وحق الناس في المعرفة منحدرا زلقا.

وبالنسبة إلى الممثل كوشيك، الذي من المقرر أن تنظر المحكمة في قضيته في جلسة الاستماع القادمة في الأول من أبريل، فإن القضية واضحة ومباشرة. وقال: “كان عمري 26-27 سنة عند اعتقالي بسبب القيادة تحت تأثير الكحول. وأبلغ من العمر 42 الآن، وما زلت أعاقب على ذلك”، مضيفا أن التقارير عبر الإنترنت أزعجت عائلته وأضرت بحياته المهنية وخيارات زواجه.

وتابع: “أنا شخصية عامة. لكن لي أيضا الحق في الخصوصية، والحق في أن أترك وشأني”.

12