"الكوكيز".. وسيلة لتسهيل استخدام الإنترنت بعيدا عن التجسس

غوغل تنضم لقائمة المنسحبين من مستعملي ملفات تعريف الارتباط.
الأحد 2022/02/06
المواقع التي نتصفحها تكشف ميولاتنا الاستهلاكية

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - يقضي الهدف من “ملفات تعريف الارتباط” أو («الكوكيز» وتعني «بسكويت» بالإنجليزية) في عمليات تتبع البيانات بحماية الأشخاص، في ظل المخاوف المتعلقة بالخصوصية عبر شبكة الإنترنت، لا أن تكون وسيلة للتجسس الإلكتروني، وفق ما يؤكد مبتكرها.

وأوضح المهندس ورجل الأعمال المقيم في كاليفورنيا لو مونتولي أنّ “ملف تعريف الارتباط” الأصلي الذي ابتكره قبل حوالي ثلاثة عقود، كان يهدف إلى تسهيل استخدام شبكة الإنترنت من خلال السماح للمواقع الإلكترونية بتذكّر مستخدميها.

ورغم ذلك، هوجمت هذه التكنولوجيا لمساعدتها الشركات التقنية على جمع البيانات حول العادات الأساسية للمستهلكين ومنحها لقطاع الإعلانات الإلكترونية الموجهة الذي يحقق أرباحاً بالمليارات من الدولارات سنوياً.

وقال مونتولي الذي ابتكر “ملفات تعريف الارتباط” في العام 1994 عندما كان مهندساً في “نتسكايب”، إنّ اختراعه يأتي في “صلب تكنولوجيا خطط إعلانية عدة، لكنّ المقصود لم يكن ذلك”، مشيراً إلى أنّها “ببساطة تقنية أساسية لتمكين الموقع الإلكتروني من العمل».

لو مونتولي: التتبّع الإعلاني يحصل من عملية مُخطط لها من المواقع الالكترونية

وانضمت غوغل أخيراً إلى قائمة متزايدة من شركات التكنولوجيا، عبر الإعلان عن خطة جديدة لوقف أنواع معينة من ملفات تعريف الارتباط، بعدما تعرّضت المقترحات السابقة التي قدّمتها المجموعة العملاقة في مجال الإعلانات الإلكترونية لانتقادات واسعة.

ولا تقتصر ملفات «الكوكيز» على جمع معلومات متصفح الإنترنت فقط، لكنها تُخزِّن أيضا تفضيلاته للمنتجات المعروضة، والصفحات التي يتصفَّحها أكثر من غيرها، لذا سيشاهد المزيد من المنتجات أو العروض المماثلة لطلبه، أو المزيد من الإعلانات المشابهة للإعلانات التي توقَّف لقراءتها.

ويشير مونتولي أثناء الحديث عن “ملفات تعريف الارتباط” إلى أنّ ملفات البرمجة التي تتيح للموقع الإلكتروني التعرّف إلى المستخدمين، ساعدت في جعل بعض الخصائص ممكنة مثل تسجيل الدخول التلقائي أو تذكر محتويات عربات التسوق في مواقع التجارة الإلكترونية.

وبحسب دراسة نشرتها جامعة موناش الأسترالية، تساعد الـ«كوكيز» المواقع الإلكترونية، وتحديدا تلك التابعة للمتاجر على الإنترنت، في تعقُّب المستهلكين أو الزبائن، عبر جمع بيانات تاريخ الشراء، وموقعهم الجغرافي، ومواقعهم المفضلة، بل وحتى نوع أنظمة تشغيل أجهزتهم التي يستخدمونها عند التصفُّح.

وفي غياب ما يسمّى بملفات تعريف الارتباط الخاصة بالأطراف الأولى التي تستخدمها المواقع الإلكترونية للتفاعل المباشر مع المستخدمين، سيُعامل الشخص في كل مرة يدخل فيها إلى شبكة الإنترنت كما لو أنّه يستخدمها للمرة الأولى.

وأشار مونتولي إلى مشكلة في ما يسمّى بملفات تعريف الارتباط الخاصة بالأطراف الخارجية التي أنشأتها المواقع الإلكترونية ووُضعت في متصفحات المستخدمين وشبكات الإعلانات التي تجمع البيانات من هذه الملفات.

ويوضح مونتولي أنّ التتبّع الإعلاني يحصل فقط من خلال عملية مُخطط لها بين عدد كبير من المواقع الإلكترونية وشبكة إعلانات.

وتشارك المواقع الإلكترونية بيانات أنشطة المستخدمين مع شبكات الإعلانات التي تستعملها بعد ذلك في الإعلانات الموجهة.

ويوضح مونتولي “إذا بحثت عبر الإنترنت عن بعض المنتجات المتخصصة الغريبة، ثم ظهرت أمامك كمية هائلة من الإعلانات حول هذا المنتج في عدد من المواقع الإلكترونية، ستكون تجربتك غريبة”.

ويضيف “من الطبيعي الاعتقاد بأنّه في حال يعرف الموقع أنّي أبحث عن حذاء أزرق من الجلد السويدي مثلاً، فإن ذلك يعني أنه يعرف كل شيء عني، ما يعني الرغبة في الخروج من هذا النظام”.

وبدأت الحكومات بالتحرك لمواجهة ما يحصل عبر الإنترنت، ما تجلى أخيرا عبر فرض السلطات الفرنسية على شركتي غوغل وفيسبوك غرامة بـ210 مليون يورو (237 مليون دولار) هذا الشهر على خلفية استخدامهما ملفات تعريف الارتباط.

وإذا جمع موقع إلكتروني ضمن شبكة مّا معلومات تعريف شخصية عن مستخدم، كاسمه مثلاً أو بريده الإلكتروني، فمن الممكن “تسريبها” بطريقة تجعل نظام التصفح مرتبطا بالمستخدم.

ويقول مونتولي “هذا تأثير شبكي في كل المواقع الإلكترونية المختلفة التي تتواطأ مع القائمين على الإعلانات الموجهة”، مضيفاً “صُمّمت ملفات تعريف الارتباط أساساً لتوفير الخصوصية”.

Thumbnail

ويشير إلى أنّ أحد الردود على ما يحصل يكمن في وقف الإعلانات الموجهة والبدء بفرض اشتراكات على الخدمات في الإنترنت.

ويدعم مونتولي كذلك التخلص التدريجي من ملفات تعريف الارتباط الخاصة بالأطراف الثالثة، محذراً من أنّ التخلص من ملفات البرامج بالكامل من شأنه أن يدفع المعلنين إلى استخدام المزيد من الأساليب الخفيّة.

ويقول إنّ “الإعلانات ستجد طريقة مّا، وسيصبح ذلك بمثابة سباق التسلح التكنولوجي، وسيقوم قطاع الإعلانات بكل ما يلزم ليستمر في العمل، آخذاً في الاعتبار تعرّض المليارات من الدولارات إلى الخطر”.

وقد يؤدي التخلص من ملفات تعريف الارتباط الخاصة بالأطراف الثالثة إلى معاقبة المواقع الإلكترونية الصغيرة عن غير قصد، وذلك عبر استبعاد الإعلانات الموجّهة عنها والتي تجني من خلالها الأموال، ما سيمنح مزيداً من القوة لشركات التكنولوجيا الكبيرة مثل أبل وغوغل وميتا.

ويرى مونتولي أنّ الحل الوحيد القابل للتطبيق على المدى الطويل هو في اعتماد قواعد تسمح لملفات تعريف الارتباط بالبقاء قيد الاستخدام، وفي اعتماد التحكم الذي يشمل مثلاً السماح للمستخدمين باختيار ما إذا كانوا يريدون مشاركة بياناتهم أم لا.

ويؤكد أنّ المستخدمين لا يمكنهم تصفّح المواقع الإلكترونية من دون ملفات تعريف الارتباط، مضيفاً “علينا أن نكون أكثر دقة بموضوع استخدامها في مجال الإعلانات”.

15