بروتوكول علاج كورونا يتسبب في أزمة بين الأطباء ووزارة الصحة في مصر

وفاة إعلامي مشهور تثير تساؤلات حول مسؤولية غير الملتزمين ببروتوكولات كوفيد.
الخميس 2022/02/03
ملاحقة التطورات العالمية على قدم وساق

يتجدّد الخلاف حول البروتوكولات الطبية المخصصة لعلاج المصابين بفايروس كورونا من حين إلى آخر في مصر مع إدخال وزارة الصحة لتعديلات مستمرّة على العقاقير المستخدمة للعلاج، في وقت قد لا يلتزم فيه البعض من الأطباء بالتعليمات الرسمية.

القاهرة – أعلنت وزارة الصحة المصرية الثلاثاء إصدار النسخة السابعة من بروتوكول علاج كورونا وتوزيعه على مستشفيات العزل، بهدف بدء العلاج بالأدوية الجديدة، وتضمنت إدخال عقار “مولنوبيرافير”، وتوسيع استخدام عقاقير “المونوكلونال” و”الميراج”.

وأوضح رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورونا بوزارة الصحة حسام حسني أن بروتوكول العلاج يواكب التطورات العالمية، وأن الدولة تسعى لإدخال الأدوية الجديدة التي تسهم في رفع نسب الشفاء للمصابين.

وبلغت معدلات الشفاء جراء البروتوكول العلاجي المصري الذي أدخلت الصحة تعديلات عليه نسبة 83.4 في المئة، وتراجعت نسب إشغال المستشفيات لأكثر من 40 في المئة.

وحسب وزارة الصحة فإن النسب المتقدمة جاءت نتيجة إدخال تعديلات باستمرار على البروتوكولات وفق النتائج البحثية والفعالية التي لها أثر كبير على التعافي سريعا.

كريم مصباح: هناك اختلافات عديدة بين رؤى الأطباء وتعليمات وزارة الصحة

ويطرح إقدام اللجنة العلمية بإدخال تعديلات على العقاقير العلاجية من كوفيد – 19 جملة من التساؤلات حول ما إذا كانت هناك إمكانية للالتزام بالتعديلات الأخيرة في ظل الحاجة إلى انتظار فترات قد تصل إلى شهر أو أكثر لوصول الأدوية الجديدة إلى كافة المحافظات وما إذا كانت هناك أضرار قانونية على الأطباء المخالفين للتعليمات الحكومية في تلك الفترة ومدى تأثير ذلك على قناعات المواطنين الذين قد يلجأ بعضهم إلى وصفات زهيدة الثمن مقارنة بأسعار العقاقير الجديدة التي يصل إجمالي ثمنها إلى 1700 جنيه (100 دولار تقريبا).

وتواصلت “العرب” مع أحد أطباء الصدرية ومتخصص لعلاج فايروس كورونا، الذي طلب عدم ذكر اسمه، فقال إن هناك حالات تكون بحاجة إلى إضافة بعض العقاقير التي تعالج أعراضا جانبية سببها الفايروس، بجانب أن البروتوكولات التي تعلن عنها وزارة الصحة لا تشكل علاجا مباشرا للمرض، لكنها تعالج الأعراض بصورة أساسية، مع عدم القدرة على تحديد علاجات تقضي على الفايروس مباشرة.

وأضاف أن قلة أعداد المترددين على مستشفيات العزل تؤكد أن البروتوكولات العلاجية التي يصفها الأطباء وتعتمد على ما تعلنه وزارة الصحة مع إضافة عقارات أخرى تأتي بنتائج إيجابية في التعامل مع المتحورات الجديدة، غير أن الأزمة تتمثل في أن هناك خطرا قانونيا يجعل بعض الأطباء يلتزمون بما تقرره وزارة الصحة خشية من الملاحقة المهنية من نقابة الأطباء أو القضائية حال تقدم أحد المتضررين من العلاج.

ومازالت أصداء وفاة الإعلامي المصري وائل الإبراشي الشهر الماضي وما أثارته من جدل بين نقابة الأطباء ووزارة الصحة مستمرة، بعد أن اتهمت زوجته سحر طبيبه المعالج بإعطائه أقراصا غير متداولة مدعيا فاعليتها في العلاج من فايروس كورونا، الأمر الذي ردت عليه نقابة الأطباء بفتح تحقيق في الأمر قبل أن يتدخل النائب العام على خط الأزمة ليبدأ تحقيقا قضائيا في ملابسات الوفاة.

واعتمد الطبيب المعالج للإبراشي على عقاري “سوفالدي” و”دكلانزا” وهما من الأدوية المخصصة لعلاج الالتهاب الكبدي الوبائي (فايروس سي) غير أن هذا العلاج لم يسبق تجربته من جانب وزارة الصحة، وتم إجراء بعض التجارب الإكلينيكية في بداية ظهور وباء كورونا لاستخدام أدوية علاج “فايروس سي” لحالات كورونا، باعتبار أن كورونا يتشابه مع “سي” في انتمائهما إلى فصيلة العائلة الفايروسية RNA.

وقال عضو مجلس نقابة الأطباء الدكتور كريم مصباح إن قضية وفاة الإعلامي الإبراشي أضحت بيد النيابة العامة وليس نقابة الأطباء التي أوقفت التحقيقات مع الطبيب المتسبب في الأزمة منذ بدء إجراءات التقاضي، وهو ما ينص عليه قانون النقابة التي نادرا ما تتلقى شكاوى بشأن استخدام عقاقير خاطئة وأن الرائج هو الجراحات أو العمليات الخاطئة التي من السهل إثبات التهمة على الطبيب من عدمه.

ماهر الجارحي: إدخال تعديلات متتالية يستهدف ملاحقة التطورات

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن هناك اختلافات عديدة بين رؤى الأطباء وتعليمات وزارة الصحة بمصر بشأن التعامل مع كوفيد – 19، ويمكن التدليل على ذلك بإصرار وزارة الصحة على عدم تلقيح السيدات الحوامل وتأكيدها مع بداية انتشار المرض على أنه يسبب تشوه الأجنة أو يزيد من فرص الإجهاض.

وارتكنت وزارة الصحة إلى ما توصلت إليه الأبحاث الصينية في العلاج في حين أن المرجعية الرئيسية للأطباء في مصر هي الكلية الملكية لأطباء النساء والتوليد في إنجلترا التي أكدت على أنه لا خطورة من اللقاحات على الحوامل.

وأكد أن العديد من الأطباء دشنوا حملات تطالب وزارة الصحة بتعديل تعليماتها منذ شهر سبتمبر عام 2020 قبل أن تبدأ في الاعتراف ببعض الرسائل العلمية في هذا المجال بداية من مارس الماضي لتقرر بعد إقالة وزيرة الصحة هالة زايد إتاحة اللقاحات للحوامل، ما يشي بأن هناك عوامل غير علمية تتدخل في اتخاذ القرار، والدليل وجود 62 ألف سيدة مصرية أصبن بكورونا ووضعن حملهن دون مشكلات.

ويتفق العديد من الأطباء على أن تغير التوصيات الخاصة بعقاقير كورونا بين الحين والآخر يؤكد على أن التعامل مع الفايروس مازال في طور التجارب والتالي فإنه لا يمكن الارتكان على آلية علاجية واحدة لكافة الحالات، كما أنه طالما لم يؤد العقار إلى أزمات صحية للمرضى فإنه لا مسؤولية على الطبيب في تلك الحالة.

ومن وجهة نظر هؤلاء أن الأزمة الأكبر تكمن في “مافيا” شركات الأدوية، إذ أن هناك دراسات علمية تمولها تلك الشركات تدعم الحصول على عقاقيرها في مواجهة الفايروس من دون أن يكون هناك سند علمي حقيقي، وهو ما أدى لاختفاء أنواع عديدة من الأدوية بعد أن تهافت المواطنون عليها بتقارير علاجية أو وصفات عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون أن تحقق نتائج إيجابية أو تسهم في التخفيف من بعض الأعراض دون أن تمثل علاجا فعالا ضد الفايروس.

وأوضح نائب مدير مستشفى حميات إمبابة (متخصصة لعلاج حالات كورونا بمحافظة الجيزة المجاورة للقاهرة)، ماهر الجارحي أن الأصل في التعامل مع الفايروس يتمثل في الاعتماد على البروتوكولات التي تعلن وزارة الصحة عن تطبيقها لأنها تكون مبنية على دراسات علمية وتحقق نتائج إيجابية يعترف بها العالم أجمع، وبالتالي فالأساس بالنسبة إلى الأطباء هو الالتزام ببروتوكولات العلاج الرسمية.

وشدد في تصريح لـ”العرب”على أن هناك تطورا على مستوى الأدوية المستخدمة لعلاج الفايروس عالميا وأن إدخال تعديلات متتالية يستهدف ملاحقة التطورات حينما تكون هناك فرصة للحصول على العقاقير وتوزيعها على نطاق في كافة المحافظات.

17