"ويب 3" يحرر المستخدمين من رقابة الشركات والأنظمة

تقنية البلوكتشين والرموز الرقمية تعزز الإنترنت اللامركزية.
الأحد 2022/01/30
التفاعل للمستخدمين

منذ أن انطلقت الإنترنت في التسعينات ووتيرة الابتكار في عالم الشبكة العنكبوتية تنمو بشكل كبير وسريع حيث تم منح المزيد من المستخدمين إمكانية التحرر من المتحكمين في البيانات الشخصية بظهور الجيل الثالث من الويب، وستستمر في النمو والازدهار مع وجود فرصة مواقع الويب والتطبيقات ومستخدميها للحصول على تجربة ويب أفضل.

واشنطن - يتوقع خبراء الإنترنت أن يُحدث الجيل الثالث من الويب أو “ويب 3” ثورة في مجال الشبكة العنكبوتية، خاصة في ما يتعلق بحماية المستخدمين من رقابة الأنظمة الاستبدادية.

ويتم حاليا إنشاء منصات جديدة يوميا تعمل على كسر هيمنة الأنظمة المركزية، بينها منصات لمشاركة مقاطع الفيديو لا تحتاج إلى قاعدة بيانات مركزية، ومنصات أخرى تقدم خيارات لامركزية للتخزين المشترك مختلفة عن الخدمات السحابية المركزية.

وفي تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية يرى الكاتبان أنتوني فينشي وناديا شادلو أن الكفة ستميل مجددا لفائدة المستخدم العادي في وجه قوى الاستبداد، مع اقتراب ظهور الجيل الثالث للويب المعروف اختصارا بـ”ويب 3”.

وكان الجيل الأول للويب في تسعينات القرن الماضي عبارة عن مواقع ثابتة تتكون من صفحات أحادية الاتجاه، اقترنت بانتشار البريد الإلكتروني على نطاق واسع، ثم برز الجيل الثاني للويب عندما أصبحت الإنترنت تفاعلية، حيث أصبح بإمكان المستخدم تسجيل الدخول وإنشاء المحتوى الخاص به، وقدمت غوغل وفيسبوك وغيرها من الشركات خدمات مجانية مقابل الحصول على بيانات المستخدمين.

من مخاطر الجيل الثالث للويب أن سلطات إنفاذ القانون تواجه مواقع إلكترونية وشركات ومديرين تنفيذيين غير خاضعين للوائح التنظيمية

ويقوم الجيل الثالث أساسا على تقنية “البلوكتشين”، وهي التكنولوجيا التي تسمح بنقل البيانات بأمان تام وإبرام ما يعرف بالعقود الذكية التي لا تحتاج إلى وسطاء وتدفع فيها الأموال باستخدام العملة المشفرة دون الحاجة إلى التعامل مع البنوك.

وصاغ جافين وود مصطلح “ويب 3” في عام 2014. في ذلك الوقت، كان حديث العهد بالمساعدة في تطوير العملة الرقمية المشفرة “إثيريوم” التي تأتي في المركز الثاني في أهميتها بعد بيتكوين.

ويُدير وود اليوم مؤسسة “ويب 3” التي تدعم مشاريع التكنولوجيا اللامركزية بالتعاون مع شركة “باريتي تيكنولوجيز” التي تركز على بناء البنية التحتية “البلوكتشين” لـ”ويب 3”.

وتكمن الفكرة في إنشاء شبكة ويب لامركزية، بحيث يمكن للمستخدمين نقل بياناتهم من خدمة إلى أخرى دون أن يتم اعتراضها من قبل أسوار الشركات الكبرى التي تُسيطر على الإنترنت تقريبًا.

وينبع سبب تسمية “ويب 3” من التسلسل المتبع في أجيال الشبكات “ويب 1” أو “ويب 1.0” وهو اسم الإصدار الأصلي من الإنترنت، ثم تطورت شبكات الإنترنت إلى “ويب 2” والمعروفة بـ”ويب 2.0” وظهرت في نمو منصات الوسائط الاجتماعية مثل فيسبوك وخدمات مثل أوبر وفينمو.

ورغم أن الجيل الثاني طور من طريقة استخدام الشبكة العنكبوتية ووسّع من آفاقها، إلا أنه جلب عددا غير قليل من الجهات النافذة ذات السلطة التي تحكّمت بالإنترنت بأكملها.

وكانت غوغل وأمازون ومايكروسوفت وآبل وفيسبوك وغيرها من الأسماء الضخمة في عالم الإنترنت هي الجهات المسؤولة عن معظم أنشطة المستخدمين في العالم الافتراضي.

وبسبب سيطرة هذه الجهات كان هناك نقص في إمكانية نقل البيانات والقدرة على إحضار معلومات المستخدم معه بالأجهزة. وإذا اشترى المستخدم تطبيقًا من خلال نظام أساسي واحد فقد لا يعمل على الأنظمة الأساسية الأخرى.

وازدهرت هذه شركات ذات الأسماء الكبيرة من البيانات التي يقدمها لها المستخدم، فغوغل وفيسبوك تحققان الغالبية العظمى من إيراداتهما من الإعلانات بناءً على المعلومات والبيانات.

أما “ويب 3” أو “ويب 3.0” والتي تعتمد على تقنية “البلوكتشين” والرموز الرقمية فيمكن أن تعزز الإنترنت اللامركزية واستقلالية المستخدمين.

ويمكن تعريفها بأنها شبكة إنترنت تعتمد على الأداء اللامركزي الذي تسمح به تقنية سلسلة الكتل، مما يعني أنه يمكن لملكية المواقع أن تكون مشتركة بين صناع التكنولوجيا ومن يستخدمونها، ويمكن للمستخدمين الانتقال من نظام إلى آخر بسهولة دون تعارض.

وسلسلة الكتل هي قاعدة بيانات موزعة تمتاز بقدرتها على إدارة قائمة متزايدة باستمرار من السجلات التي تسمى كُتلا (بلوكس)، وتحتوي كل كتلة على الطابع الزمني ورابط للكتلة السابقة.

 رموز غير قابلة للاستبدال
 رموز غير قابلة للاستبدال

وصممت سلسلة الكتل بحيث يمكنها المحافظة على البيانات المخزنة فيها والحيلولة دون تعديلها، أي أنه عندما تخزن معلومة ما في سلسلة الكتلة لا يمكن لاحقا القيام بتعديل هذه المعلومة.

وترى مارثا بينيت المحللة في شركة فورستر للأبحاث أنه “من الناحية المفاهيمية يعتبر الجيل الثالث للويب إصدارا مختلفا من الإنترنت يعتمد على سلاسل الكتل العامة والنظم الإيكولوجية للاقتصاد المشفر، وتسمح هذه الشبكة للأشخاص الذين لا يعرفون بعضهم البعض بالعمل معا باستخدام نظام يدفع للمشاركين بأصول رقمية، مثل العملة المشفرة”.

ويقول كريس ديكسون رائد الأعمال والشريك في “أندريسن هورويتز” إن “الجيل الثالث للويب يسمح للأشخاص الذين لا يعرفون بعضهم البعض بالعمل معا باستخدام نظام مكافآت يكافئ المشاركين على مساهماتهم في السلع الرقمية، ويمكن أن تكون هذه السلع الرقمية عملات مشفرة مثل البتكوين أو رموزا غير قابلة للاستبدال مثل سند ملكية لعمل فني”.

ويرى الكاتبان أنتوني فينشي وناديا شادلو أن شبكة الإنترنت أحدثت ثورة في حياة الناس خلال السنوات الماضية، إذ لم يكن أحد يتصور قبل انتشارها أن مراهقا يستطيع أن يجمع ثروة من خلال نشر مقاطع فيديو مسلية على الشبكة، وبالمثل يمكن للجيل الثالث من الويب أن يُحدث ثورة مماثلة ويرجّح مجددا كفة المستخدم الفرد.

لكنهما يؤكدان أن هناك مخاطر تحيط بالجيل الثالث للويب، حيث ستواجه سلطات إنفاذ القانون مواقع إلكترونية وشركات ومديرين تنفيذيين غير خاضعين للوائح التنظيمية، كما ستحتاج وكالات الاستخبارات إلى وسائل جديدة لمراقبة الإرهابيين.

15