هل يقدر رانغنيك على استعادة هيبة مانشستر يونايتد

لندن - يلعب نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي عقب التعاقد الاثنين مع الألماني رالف رانغنيك لتولي مهمة المدرب الموقت حتى نهاية الموسم الحالي، ورقة الصدمة الإيجابية للحصول على جرعة ثقة يوقظ من خلالها مجموعة لا مبالية من اللاعبين وينقذ موسما يبدو على شفير الانهيار.
وسمحت الاستعانة بمايكل كاريك كمدرب مؤقت، بعدما كان يشغل منصب أحد معاوني النرويجي أولي غونار سولسكاير، عقب إقالة الأخير قبل ثمانية أيام، لفريق الشياطين الحمر قاريا بحجز مقعده إلى ثمن نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا وبالعودة بنقطة من ملعب تشيلسي المتصدر بعد التعادل 1-1 محليا.
لن يرغب الوافد الجديد رانغنيك باعتماد أسلوب اللعب الحذر الذي كان مفتاح المباريات الأخيرة ليونايتد لطمأنة نفسه وجماهيره الغاضبة والحدّ من هزائمه، خصوصا أن الألماني يعتبر “الأب الروحي” لمواطنيه يورغن كلوب مدرب ليفربول وتوماس توخيل مدرب تشيلسي. قال عنه كلوب “إنه من بين الأفضل، وربما أفضل مدرب ألماني”. تحلم جماهير ملعب أولد ترافورد بمصير مشابه لتشيلسي، إذ أن وصول توخيل إلى ملعب ستامفورد بريدج بعد فترة قصيرة على إقالته من باريس سان جرمان الفرنسي رغم قيادته الأخير إلى نهائي دوري الأبطال لأول مرة في تاريخه (خسر أمام بايرن ميونخ الألماني 0-1)، حوّل الـبلوز إلى منافس جديّ على الألقاب وإلى بطل متوج بالمسابقة القارية الأم الموسم الماضي ومتصدر حالي للدوري الممتاز.
قلب توخيل نادي تشيلسي رأسا على عقب بفضل قراراته الحاسمة بتغيير الكثير من العادات المتبعة، ويرى الكثيرون أن رانغنيك سيسير على خطى مواطنه وهو الذي اعتاد على إملاء إرادته بشكل حازم إن كان في التمارين أو المباريات. لن يتردد رانغنيك في المس بهالة بعض اللاعبين وعلى رأسهم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي لعب دور المنقذ في العديد من المباريات هذا الموسم عقب قرار عودته إلى الفريق، لكنه يبدو غير ملائم للأسلوب الذي ينادي به الرجل القويّ الجديد في النادي.
من ناحيته، عبّر رانغنيك عن حماسه للانضمام إلى يونايتد، مركزا على ضرورة إعادة النادي المترنح إلى سكة الانتصارات والنجاحات. وقال المدرب الألماني “الفريق مليء بالمواهب ويملك توازنا كبيرا بين الشباب والخبرة”.
وأضاف “ستكون كل جهودي للأشهر الستة المقبلة لمساعدة هؤلاء اللاعبين من أجل تحقيق إمكاناتهم على المستوى الفردي، والأهم من ذلك كفريق واحد”.
وختم “أبعد من ذلك، أتطلع إلى دعم أهداف النادي على المدى الطويل على أسس دوري المستقبلي كاستشاري”. من جانبه قال جون مورتو مدير الكرة في النادي الإنجليزي “لقد كان مرشحنا الأوّل لمنصب المدرب المؤقت، مما يعكس القيادة التي لا تقدر بثمن والمهارات الفنية التي حققها في حوالي أربعة عقود من الخبرة في الإدارة والتدريب”.
خطة بديلة
رانغنيك عبّر عن حماسه للانضمام إلى يونايتد، مركزا على ضرورة إعادة النادي المترنح إلى سكة الانتصارات والنجاحات
كما يبقى أن نعرف، كيف سيتمكن رانغنيك من التعامل مع غرفة ملابس تعج بالنجوم والأسماء الكبيرة غير “سي آر7”. برهن المدرب الألماني عن قدراته التدريبية مع أندية ضمت في صفوفها لاعبين شبانا من دون نجوم، حيث كان قادرا على فرض أفكاره الكروية: الضغط العالي والمستمر والهجمات المرتدة العمودية فائقة السرعة، من دون أن يشغل نفسه كثيرا بهوس الاستحواذ على الكرة.
وبعد مسيرة طويلة على مقاعد المدربين حيث تنقل بين أندية شتوتغارت وهانوفر وشالكه وهوفنهايم، كان رانغنيك المهندس والعامل الأساس خلف نجاحات لايبزغ، فقاده بعد وصوله إلى النادي عام 2015 إلى الدرجة الأولى في عامه الأوّل معه. وبعدما اختير ليشغل منصب المدير الرياضي، تخلى عن مهامه الفنية لصالح النمسوي رالف هانسهوتل (مدرب ساوثهامبتون الإنجليزي الحالي) خلال موسمين.
ثورة كروية
يعتبر رانغنيك عراب سياسة التعاقد مع لاعبين ما دون 25 عاما حصرا، ما سمح له بقيادة لايبزغ إلى القمة وجعله القوة الثالثة في الكرة الألمانية خلف العملاق بايرن ميونخ وبوروسيا دورتموند. عاد رانغنيك للتدريب في موسم 2018-2019 ليقود “الثيران الحمراء” إلى نهائي الكأس المحلية وللمركز الثالث في “بوندسليغا”. ويدخل رانغنيك، مع مدرب منتخب “مانشافات” السابق يواخيم لوف، ضمن الدائرة المغلقة للمدربين الذي أحدثوا ثورة كروية من ناحية الأسلوب المعتمد في الكرة الألمانية خلال القرن الحادي والعشرين، مانحا الأولوية للسرعة على حساب القوة، ومعتمدا على فلسفة تبادل المراكز على حساب أسلوب تمركز اللاعبين.
ارتفعت أسهمه كثيرا ضمن لائحة المدربين المرجحين لخلافة لوف الذي قرر الرحيل عن المنتخب الوطني بعد النسخة الأخيرة من كأس أمم أوروبا، قبل أن يتقدم مدرب بايرن السابق هانزي فليك على بقية الأسماء. عاد رانغنيك مجددا إلى العمل بعدما غادر إلى لوكوموتيف موسكو الروسي لشغل منصب المدير الرياضي، لكنه لم يبقَ في منصبه سوى أشهر معدودة بعدما فُتِحَ الباب أمامه للدخول إلى “أولد ترافورد” نتيجة إقالة سولسكاير.
وبعد نهاية الموسم الحالي، سيتولى رانغنيك دورا استشاريا في الإدارة الرياضية لفريق “الشياطين الحمر” في العامين المقبلين، لكن مع وجود فني بهذا العيار، يبدو أن يونايتد يقدّم لجماهيره ولنفسه أكثر من مجرد خطة بديلة في حال لم تنجح جهوده الصيف المقبل في التعاقد مع مدرب جديد.