اليوغا: انسجام بين الجسد والعقل والروح

تمارين "براناياما" تساعد على الشعور بالصفاء الذهني والرضا الداخلي.
الأحد 2021/11/21
التنفس يلعب دورا بالغ الأهمية في تمارين اليوغا

تؤكد الدراسات على أهمية تمارين اليوغا في الحفاظ على صحة الجسم، حيث تمده بالقوة اللازمة لعمله وكذلك حيويته. ويشير خبراء اللياقة البدنية إلى أن رياضة اليوغا تمثل انسجاما بين الجسد والعقل والروح، حيث تساعد تمارين التنفس المكثفة، التي تسمى “براناياما”، على الشعور بالصفاء الذهني والرضا الداخلي.

ساربروكن (ألمانيا) - يؤكد خبراء اللياقة البدنية على أهمية اليوغا في الشعور بالصفاء الذهني والراحة النفسية. وقالت المدربة الشخصية أوشي موريابادي إن اليوغا تمثل مفهوما شاملا لتحقيق الانسجام بين الجسد والعقل والروح.

وأوضحت المُحاضِرة في الجامعة الألمانية للوقاية والإدارة الصحية في ساربوكين، أن التمارين البدنية، التي تسمى “الأساناس”، تعمل على تحقيق الانسجام بين العضلات والعظام، على سبيل المثال تعزز الدورة الدموية وتنسق الجهاز العصبي.وتساعد تمارين التنفس المكثفة، التي تسمى “براناياما”، على الشعور بالصفاء الذهني والرضا الداخلي.

ومصطلح البراناياما يتكون من كلمتين، الأولى “برانا” وتعني قوة الحياة، و”أياما” وتعني الإطالة. وتعني كلمة برانا في مجال اليوغا، القوة اللازمة داخل الجسم لعمله وكذلك حيويته. وتصف نصوص اليوغا برانا على أنها قوة فعالة تمر عبر الجسم للحفاظ على صحته ونشاطه وحيويته. ويلعب التنفس دورًا بالغ الأهمية في تنظيم برانا.

ويُعتقد أنه عندما لا تكون برانا قادرة على الحركة بحرية في الجسم، بسبب الانسداد في قنواته مثلا، يبدأ الشخص في إيواء المرض. ثم إن تأثير البرانا على صحة الشخص البدنية له علاقة أكبر بحالته العقلية وصحته العاطفية. وأثبتت البحوث العلمية أن الطريقة التي نتنفس بها قد تؤثر على طريقة إدراكنا للأشياء بالإضافة إلى صحتنا العقلية.

100

نوع من اليوغا بعضها يضمّ حركات سريعة ومكثّفة، وبعضها الآخر يتضمّن حركات الراحة والاسترخاء

وتعد البراناياما، بحسب تسميتها ممارسة، بسيطة للعديد من تقنيات التنفس التي تعزز السلامة العاطفية والعقلية والبدنية.

ويقع التنفس في مركز الوجود البشري، لذلك فهو يشكل جوهر أي ممارسة لليوغا، فهو يساعد على تسهيل وصول الأوكسجين إلى الدماغ وكذلك إلى بقية أعضاء الجسم. ووفقا للطبيعة الخاصة بك، يمكن أن تكون للبراناياما تأثيرات مختلفة على حالتك الذهنية بالإضافة إلى صحتك العاطفية.

ويرى خبير اليوغا أنغو كالهان أن “معظم الناس يتنفسون بشكل غير صحيح؛ إنهم يستخدمون فقط الجزء الصغير من قدرة الرئة”. كما أن التنفس الضحل، أي من دون استخدام قدرة الرئة إلى أقصى حد، يحرم الجسم من الأوكسجين. لذلك فإن البرانا ضرورية للصحة الجيدة. ويعتبر التنفس الصحيح أيضا طريقة فعالة لإزالة السموم من الجسم.

وبالإضافة إلى ذلك، يساعد التركيز أثناء أداء التمارين على محاربة التوتر العصبي والشعور بالاسترخاء والهدوء النفسي.

ومن المهم طلب المشورة الطبية إذا لزم الأمر قبل جلسة اليوغا الأولى. وينطبق هذا بشكل خاص على الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة والنساء الحوامل.

وقالت الرابطة الألمانية لأطباء أمراض النساء، إن النسيان يعد من المتاعب الصحية الشائعة لدى النساء، خاصة خلال فترتي الحمل والرضاعة، وذلك بسبب التغيرات الهرمونية الطارئة على الجسم خلال هاتين المرحلتين الحرجتين.

وأوضحت الرابطة أن التغيرات الطارئة على الجسم خلال هاتين المرحلتين غالبا ما تقترن بالتوتر النفسي الاجتماعي والقلق وقلة النوم والأرق والشعور بثقل الكاهل، ما يؤدي بدوره إلى زيادة إفرازات هرمونات التوتر “الأدرينالين” و”الكورتيزول”، الأمر الذي يؤثر بالسلب على أداء المخ والذاكرة، فيزيد النسيان.

وتترتب على ذلك معاناة المرأة من النسيان وضعف التركيز والتشوش الذهني فيما يعرف بـ”خرف الحمل والرضاعة.”

وأكدت الرابطة أن هذه الأعراض عادة ما تزول من تلقاء نفسها بعدما تجتاز المرأة هاتين المرحلتين بسلام، مشيرة إلى أن الزوج والأهل يمكن أن يلعبا دورا كبيرا في تخفيف حدة هذه المتاعب من خلال الدعم النفسي للمرأة.

من المهم طلب المشورة الطبية قبل جلسة اليوغا الأولى، وينطبق هذا بشكل خاص على النساء الحوامل والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة
من المهم طلب المشورة الطبية قبل جلسة اليوغا الأولى، وينطبق هذا بشكل خاص على النساء الحوامل والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة

كما يمكن للمرأة مواجهة التوتر النفسي من خلال اللجوء إلى تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا والتأمل.

وتعرف اليوغا على أنها رياضة مفيدة للجسم والعقل، وتمتدّ لأصول تاريخيّة قديمة. كما تتعدّد أنماطها التي تجمع بين تقنيات التنفّس، والاسترخاء، والتأمّل، والحركات الجسدية.

وقد أصبحت لليوغا شعبية كبيرة؛ كونها تعدّ شكلا من أشكال التمارين الجسدية التي تعتمد على وضعياتٍ جسدية معينة، بهدف تحسين السيطرة على العقل، والجسم، والحصول على الراحة.

وخلصت دراسة بحثية إلى أنّ ضغط الدم لدى البالغين الذين يمارسون اليوغا مع تمرينات التنفس والاسترخاء ثلاث مرات على الأقل أسبوعيا ربما يكون أقل من غيرهم.

وحلل الباحثون بيانات 49 تجربة شارك فيها 3517 شخصا، معظمهم رجال ونساء في منتصف العمر، وبدناء يعانون بالفعل من ضغط الدم المرتفع أو أوشكوا على الإصابة به. وقيّمت التجارب الأصغر ضغط الدم قبل وبعد تكليف المشاركين إمّا بممارسة اليوغا أو بالامتناع عن ذلك.

وتبيّن أنّ ضغط الدم الانقباضي لدى المشاركين الذين مارسوا اليوغا، كان أقل خمس مليمترات زئبقية في المتوسط مقارنة بالمجموعات التي امتنعت عن ممارسة التمرينات، كما انخفض ضغط الدم الانبساطي لديهم 3.9 ملليمتر زئبقي بفضل اليوغا.

كذلك اتضح أنّ ضغط الدم الانقباضي لدى مرضى الضغط الذين مارسوا اليوغا ثلاث مرات أسبوعيا في جلسات اشتملت أيضا على تمرينات التنفس والاسترخاء انخفض 11 ملليمترا زئبقيا وتراجع ضغط الدم الانبساطي لديهم ست مليمترات زئبقية.

يوغا الاسترخاء تنعش القلب والروح
يوغا الاسترخاء تنعش القلب والروح

وقال الباحث في علم حركات الجسم بجامعة كونيتيكت في مدينة ستورز وكبير الباحثين في الدراسة، ين وو: “لا تظهر نتائجنا فقط أن اليوغا ربما تكون في فعالية التمرينات البدنية في خفض ضغط الدم بل تشير أيضا إلى أهمية ممارسة تمرينات اليوغا للتنفس والاسترخاء العقلي والتأمل إلى جانب الحركات”، فالأمر ليس له علاقة فقط بخفض ضغط الدم.

هناك أكثر من 100 نوع من اليوغا بعضها يضمّ حركات سريعة ومكثّفة، وبعضها الآخر يتضمّن حركات الراحة والاسترخاء.

ويعتبر “يين يوغا “نمطا تأمليا ينفّذ لمدّة تتراوح بين ثلاث وسبع دقائق كحدّ أقصى ويتمّ في وضعية الجلوس أو الاستلقاء على البطن أو الظهر مع التنفس ومحاولة تهدئة الجسم والعقل.

والهدف منه هو السماح للنسيج الضام في الجسم بالاسترخاء، وهو مناسب لمتدربي اليوغا الجدد، كونه يساعد على بناء المرونة وإطلاق التوتر.

أما “يوغا الأشتانغا” فهو نوع يركّز على الحركات القوية، مثل الضغط الذي يتطلّب القوة والقدرة على التحمُّل، وهي مناسبة للأشخاص الذين يسعون لإعادة تأهيل إصابات الظهر لديهم والأشخاص الرياضيين مثل العدّائين وراكبي الدراجات، والذين يرغبون في زيادة المرونة والتوازن.

ويطلق على “يوغا البيكرام” اسم اليوغا الساخنة؛ لأنّه يتم في غرفة دافئة جدا، وهي طريقة مناسبة لزيادة المرونة لأنّ الحرارة تساعد على تمديد أنسجة الجسم، ولكنها غير مناسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية، بسبب الضغط على الجسم أثناء ممارسة التمارين بقوة في بيئة حارة.

16