مؤثرو الإنترنت الماليون نجوم بورصة عبر "تيك توك"

شباب يتخذون التطبيق الصيني منصة لتقديم وصفات استثمارية.
الأحد 2021/11/07
فتح مساحة لتحوّيل المسائل المعقدة إلى ممتعة

أمام تنامي شعبية تطبيق “تيك توك” الذي أصبح الأكثر تحميلا في العالم منذ العام الماضي، قام عدد من الشباب باستقطاب جمهور من المهتمين بعالم المال والأعمال، حيث حولوا المنصة إلى مساحة حرة لإسداء نصائح تساعد متابعيهم على العيش باقتدار والاستثمار بطريقة مدروسة.

بكين – وجد عدد من الشباب في “تيك توك” مساحة يتحدثون من خلالها عن شؤون مالية، ونجحوا بذلك في استقطاب جمهور كبير وأصبحوا أيضا من نجوم الشبكات الاجتماعية، حيث لم يعد التطبيق الصيني مجرّد منصة لنشر مقاطع الفيديو القصيرة التي تتضمن رقصات أو وصفات مطبخية أو أزياء فقط.

ووفقا لشركة التحليلات الرقمية “آب.آني”، بات “تيك توك” التطبيق الأكثر تنزيلا في العالم منذ عام 2020 متقدما على فيسبوك وخدماته، في دليل على أن جائحة كورونا زادت من رواج تطبيق التسجيلات القصيرة هذا ليتخطّى نطاق جمهوره الأصلي من الشباب.

المشتقات من كلمة "استثمار" تحظى بالملايين بل حتى  بالمليارات من المشاهدات على منصة تيك توك

ويُعتبر حساب “ستوك توك” الأكثر استقطابا للمتعاملين بالأسهم وسواهم من المهتمين بالأسواق المالية وقد حصد إلى الآن نحو 1.7 مليار مشاهدة، في حين أن حساب “فين توك” ذا الاهتمامات المماثلة جذب أكثر من 500 مليون.

وتحظى المشتقات من كلمة “استثمار” على المنصة بملايين بل حتى بمليارات من المشاهدات تبعا للغة.

وتهدف كويني من خلال نشاطها هذا عبر الشبكات إلى إسداء النصائح التي كانت تتمنى الحصول عليها قبل ست سنوات عندما خاضت هي نفسها غمار الاستثمار في الأسواق المالية، وكانت تستعين بالكتب لتعلّم أفضل سبل العمل في هذا المضمار.

وتقدّم كويني عبر مقاطع الفيديو التي تصوّرها في غرفة الاستقبال بمنزلها في سيدني دروسا عن مختلف وسائل الاستثمار إلى جانب فقرات مسلية أكثر منها مثلاً عِبَر مالية يمكن استقاؤها من مسلسل “سكويد غايم” الذي تعرضه “نتفليكس” ويجمع بين الرمزية الاجتماعية والعنف الشديد، ويحقق منذ أسابيع نجاحا عالميا واسعا.

وعلى غرار “المؤثرات” الناجحات عبر شبكات التواصل، تروي كويني تان جوانب من تجربتها الحياتية التي تخللتها مرحلة كانت فيها تعيش تحت خط الفقر عندما كانت في التاسعة عشرة، وهي تنصح جمهورها بالعيش باقتدار والاستثمار بطريقة مدروسة وحكيمة سعياً لجمع المال تدريجاً.

وتقول “لقد تعلمت حقاً التحكم في مصاريفي ومعرفة قيمة المال”، مؤكدة أنها لا تنوي “شراء قصر”.

ولا تخفي كويني تان أنها لا تملك أي مؤهلات علمية في المجال المالي، كما هي حال كثير من مشاهير الإنترنت الماليين.

النجوم الماليين يدفعون في اتجاه رفع قيمة بعض الأسهم
النجوم الماليين يدفعون في اتجاه رفع قيمة بعض الأسهم

أما المكسيكي أندريس غارثا فهو مستشار مالي معتمد، ومقاطع الفيديو التي ينشرها والمتلائمة مع طبيعة “تيك توك” تحظى كمقاطع كويني بشعبية كبيرة بين الشباب الذين يرتاحون إلى تلقي نصيحة من شخص في سنهم.

وصرح الشاب البالغ من العمر 22 عاما في حديث أدلى به من منزله في مونتيري (شمال غرب المكسيك) “الناس مثلي يحوّلون المسائل المعقدة إلى ممتعة”.

ويرى غارثا أن الشبكات الاجتماعية والتطبيقات التي تتيح شراء الأسهم والمنتجات المالية وبيعها تجعل إمكانية جمع ثروة في متناول الجميع. ويلاحظ أن “النظام المالي كان دائماً يهمّش المستثمر العادي”، أما اليوم “فبات ممكناً أكثر فأكثر لأي شخص” أن يدخل هذا العالم.

ويساهم هذا الميل لدى الشباب البالغين إلى الاستثمار في تصحيح صورة الخفة التي توسم بها هذه الأجيال أحياناً.

وتعتبر كويني تان أنه “من الرائع أن يشعر الكثير من الناس بأن في إمكانهم البدء في الاستثمار”.

لكنها تقرّ في المقابل بأن “ثمة الكثير من الأمور المشبوهة أيضاً” في هذا المجال، أبرزها أن بعض النجوم الماليين يدفعون في اتجاه رفع قيمة بعض الأسهم ليعمدوا إلى تحقيق أرباح من بيعها.

وينبّه عدد من الهيئات المنظمة للأسواق المالية في العالم المستثمرين الشباب إلى ضرورة توخي الحذر حيال ما يقوله مؤثرو الإنترنت الماليون.

مساعدة المتابعين على معرفة قيمة المال
مساعدة المتابعين على معرفة قيمة المال

وأجرت شركة “بلاكسفول” لتبادل العملات المشفرة أخيراً اختباراً هدف إلى التدقيق في صحة ما تتضمنه مقاطع الفيديو عبر “فين توك”، فتبيّن أن واحداً من كل سبعة كان ذا محتوى خادع.

وسعياً من “تيك توك” لمكافحة هذه الظاهرة، حظر على مستخدميه نشر أي محتوى يحظى برعاية يتناول العملات المشفرة وخدمات الاستثمار.

ويوصي الألماني بنيامين شليبنر (24 عاما) الذي يبلغ عدد متابعي حسابه عبر “تيك توك” نحو 50 ألفاً وينشر فيه مقاطع فيديو مثل “لماذا لجأت آبل وتيسلا إلى تجزئة أسهمهما؟”، عموما بالاستثمار في صناديق المؤشرات المتنوعة لا في أسهم الشركات.

فـ”الرسالة واضحة” ومفادها أن هذا الخيار “ليس للجميع” في رأي هذا الشاب الذي يتقاضى راتبا من خلال التعاون الإعلاني مع اللاعبين الماليين، وعمولات عندما ينقر المشتركون على الروابط، ويقدم المشورة للبنوك الإقليمية التي تتطلع إلى تكوين صورتها الخاصة على الشبكات الاجتماعية.

ويؤكد شليبنر كما كويني تان على أن جميع المستثمرين المبتدئين يجب أن يتعلموا إجراء أبحاثهم الخاصة قبل توظيف أي أموال.

ويقول “غالبا ما أعطي رأيي، لكنني أصر دائماً على أن كل شخص يجب أن يكوّن رأياً خاصاً به، لأن أحد أهم الأشياء في الاستثمار هو أن يفهم صاحبه ما الذي يستثمر فيه”.

ويحظى “تيك توك” التابع لشركة بايت دانس وهو أول تطبيق في العالم من خارج عائلة تطبيقات فيسبوك بشعبية كبيرة في مختلف أنحاء العالم، فقد أصبح الأكثر تحميلا في العالم منذ العام الماضي، كما استفاد من تراجع بعض الدول عن حظره، وقد عاد التطبيق للعمل مجددا في باكستان مطلع يوليو الماضي.

ويرى متخصصون أن سبب نجاح تطبيق “تيك توك” هو استهداف شريحة المستخدمين الشباب وصغار السن (من 13 إلى 18 سنة) الذين بدأوا بالهروب من فيسبوك نحو منصات أكثر خصوصية بالنسبة إلى فئتهم العمرية، حيث يتشاركون فيها باهتماماتهم مع من يماثلونهم في السن.

15